تحولت ألعاب الفيديو الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة إلى جزء من حياة الأطفال اليومية، إذ أصبحوا يبحرون من خلالها في عوالم افتراضية تتميز بالسرعة والذكاء والمهارة في تحريك الألعاب، وقد اقتحم الأطفال هذا العالم متجاوزين الحدود بين الثقافات دون وعي منهم بتلك الرموز الخبيثة التي ترسلها ألعاب الفيديو في عصر فرضت فيه التكنولوجيات الحديثة نفسها، في الوقت الذي اندثرت فيه الألعاب التقليدية. لا يقتصر الاندفاع نحو هذه الألعاب على الأطفال فقط، بل حتى المراهقين والشباب أصبحوا يقبلون عليها بكثرة ويتابعون أحداثها وتطوراتها، وما من جديد يطرأ عليها إلا وتجدهم أدرى بعلم منه، كالألعاب الجديدة وسلسلات الأحداث المتعلقة بلعبتهم المفضلة، والدليل على ذلك الإقبال الواسع عليها، كثرة محلات بيعها وحتى مقاهي الأنترنت الذين فضل أصحابها إدراج هذه الألعاب ضمن برنامجهم، كونها تدر عليهم بعض المداخيل، وإذا كانت تحمل بعض الإيجابية على الأطفال فإنها تخفي في طياتها الكثير من الأمور السلبية التي تهدد مستقبل هؤلاء، بمن فيهم الشباب، خاصة ألعاب العنف والحروب وغيرها. «السنيبار" و«ساندرياس"، "هوبر"، "كيلا رمان" وغيرها من ألعاب الفيديو الإلكترونية التي يفضلها الصغار والكثير من الأطفال، فلعبة "السوبر ماريو" التي سلبت عقول الكثير من الشباب وأصبحت جزءا من حياتهم اليومية، إذ يقضون بسببها ساعات طوال أمام الجهاز للعبها، على غرار ريان الذي يتجه إلى التلفاز مباشرة بعد عودته من المدرسة، بسبب الشوق الكبير إليها والشعور بنشوة الانتصار التي يحصل عليها في كل مرحلة يلعبها. في حين يفضل أخوه أسامة لعبة "هوبر" الإلكترونية، وهي عبارة عن دائرة تملك عينين وتجعل الفائز يكتشف شيئا جديدا.كما نالت لعبة "جي تي أ« أو "ساندرياس" في إطارها القديم قبل تحديثه، حظا كبيرا بين العديد من الأطفال الذين يفضلونها نظرا للمتعة والإثارة التي تخلقها، وهي عبارة عن لص يركب سيارة وأحيانا دراجة نارية من النوع الثقيل وحتى الطائرة الحربية أو الدبابة، تجده في غالب الأحيان مطاردا من طرف الشرطة التي تعجز في كثير الأحيان على القبض عليه، كما تجده مرارا يقتل الناس ويجد السلاح وينجح في كل خطواته، وتعلم هذه اللعبة الأطفال أمورا سلبية كثيرة قد لا يفهمها الصغير، كتوليد غريزة العنف وحب الكراهية والقتل والتمرد أحيانا عن المجتمع، لذلك قرر العديد من الأولياء منعها عن أطفالهم بعد بروز الكثير من التغيرات السلبية على طباع أبنائهم خلال الدراسة. ألعاب الفيديو.. مشكل يؤرق الآباء تشتكي الكثير من الأمهات من ارتباط أطفالها بالكمبيوتر وكذا تأثير هذه الألعاب على صحتهم، إذ يأكلون بشكل سريع ليكملوا اللعب. وقد أكدت الدراسات أن الأطفال الشغوفين بهذه اللعبة يصابون بتشنجات عصبية تدل على توغل سمة العنف والتوتر الشديد في أوصالهم ودمائهم، حتى ربما يصل الأمر إلى أمراض الصرع الدماغي، إذ يقول الخبراء؛ ماذا تتوقع من طفل قابع في إحدى زوايا الغرفة وعيناه مشدودتان نحو شاشة صغيرة، تمضي ببريق متنوع من الألوان البراقة المتحركة، ويداه تمسكان بإحكام على جهاز صغير ترتجف أصابعهم مع كل رجفة من رجفاته، وتتحرك بعصبية على أزرار بألوان وأحجام مختلفة كلما سكن، وآذان صاغية لأصوات وصرخات وطرقات إلكترونية تخفت حينا، وتعلو أحيانا أخرى. ألعاب الكمبيوتر تؤدي إلى ردود فعل جسدية ونفسية متبلدة أكدت أحدث الدراسات أن الأطفال والمراهقين الذين يمارسون ألعاب الكومبيوتر العنيفة لمدة تفوق ثلاث ساعات يوميا، يظهرون ردود فعل جسدية ونفسية متبلدة عند اللعب بمثل هذه الألعاب. هذا ما خلصت إليه دراسة أمريكية نشرت في مجلة الطب السلوكي الحيوي، وهي المجلة الرسمية للرابطة الأمريكية للطب النفسي. ورصد الباحثون ردود أفعال الأولاد عند لعب نوعين من الألعاب، واحدة عنيفة وتتضمن إطلاق النار والصيد، والثانية لعبة كرتونية غير عنيفة. إذ قام الأولاد بلعب هذه الألعاب في منازلهم مساء ليومين متعاقبين لمدة ساعتين لكل لعبة، وفيما بعد تمت مقارنة ردة الفعل الجسدية والعاطفية على هاتين اللعبتين، وتمت مقارنة مجموعتي الأولاد، لم يكن هناك اختلاف في ردود الأفعال على الألعاب في وقت اللعب بين المجموعتين، ولكن اختلافات واضحة ظهرت لاحقا. وكانت ضربات القلب عند النوم لدى الأولاد الذين لم يعتادوا على ممارسة الألعاب العنيفة أسرع بعد القيام بلعب اللعبة العنيفة، مقارنة مع الليلة التي لعبوا فيها اللعبة غير العنيفة. وبالعكس، كانت ضربات القلب أبطأ عند الأولاد الذين اعتادوا الألعاب العنيفة بعد ممارسة اللعبة العنيفة. كما أقرّ الأولاد الذين لا يلعبون ألعاب الكومبيوتر العنيفة أن نومهم لم يكن جيدا في ليلة اللعب باللعبة العنيفة، بالمقارنة مع الذين اعتادوا اللعب العنيف، حيث لم يكن هناك أي اختلاف بنوعية النوم عند لعب أي من اللعبتين. ألعاب الفيديو تعلم الطفل العدوانية والكذب من جهتها، أكدت الأخصائية النفسانية بديوان مؤسسات الشباب في ولاية سعيدة، السيدة فوزية قاضي، أن لألعاب الفيديو تأثير كبير على شخصية الأطفال، خاصة إذا كان الاستخدام لمدة ساعات طويلة، حيث يتعلم العدوانية إذا كانت الألعاب تحتوي على أشياء عدوانية وإذا كانت ألعاب كذب يتعلم الكذب، وهكذا حسب نوع اللعبة، لاسيما إذا تعدد تكرار هذه السلوكات التي تتحول على عادات قد تسيطر على شخصية الطفل وبتقمصها كل مرة تصبح عاداته الفردية لامحالة. كما أضافت أنه يجب على الوالدين منع أطفالهم من اللعب لمدة طويلة، إذ يجب أن تحدد ساعات معينة للعب في الألعاب المختارة بعناية، بحيث لا تزيد عن ساعة أو ساعتين على الأكثر متقطعتين دون استمرار حتى لا تضيع أوقات الأطفال ويصبح ضحية سهلة لهذه اللعبة، خاصة إذا ما تعلق الأمر بألعاب العنف والعدوانية السلوكية. وقد أشارت المتحدثة إلى أن خبراء الصحة النفسية والعقلية أجمعوا على ضرورة قضاء 75 بالمائة من وقت فراغ الطفل في أنشطة حركية وقضاء 25 بالمائة في أنشطة غير حركية، بينما واقع أطفالنا هو الجلوس أمام التلفاز بنسبة 80 بالمائة من أوقات يقظتهم. الأمر الذي ينذر بخطر يحيط ويتربص بأبنائنا خاصة على مستوى تفكيرهم ونفسيتهم، لذا يستوجب تدخل الخبراء والأخصائيين في هذا المجال للحد من خطر ألعاب الفيديو بشتى الطرق والسبل العلمية والتربوية.