لا يزال موضوع «حماية البيئة» من أكثر المواضيع نقاشا من طرف العديد من الجمعيات الفاعلة في المجال، بغية التخفيف من الأخطار التي تهدّد بيئتنا التي نعيش فيها، ليبقى حث المواطن على سلوك «صديق للبيئة» من أولويات هذه الجمعيات عبر إطلاقها لحملات توعوية عبر الوطن، وهو ما أطلقته جمعية «محيطي» بولاية باتنة عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك». ارتأت الجمعية إطلاق هذه المبادرة تزامنا مع انتهاء الموسم الصيفي، إذ يعد الموسم التي تشهد فيه العديد من الشواطئ والمنتزهات ومختلف الأماكن العمومية التي يرتادها المواطن في عطله، حملات تطوعية للتنظيف من طرف شباب وأحيانا عائلات بمختلف أفرادها، الأمر الذي يجعل من «الحملات البيئية» تجد آذان صاغية خلال هذه المرحلة. من خلال ما نشره أعضاء الصفحة، فإن الجمعية سوف تعمل على نطاق واسع لإيصال الفكرة إلى جميع المواطنين، مستغلة بذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي يزورها الملايين في اليوم الواحد لتعميم الفكرة، وتنتشر بذلك ثقافة «حماية البيئة»، وتكون بذلك من أولويات تفكير الشاب والمواطن الجزائري بصفة عامة.. عاد أصحاب الصفحة من خلال منشوراتهم إلى مشكل وصفوه ب»الكارثي» من حيث تهديد البيئة، وهو استعمال الأكياس البلاستيكية الذي لا يزال محيطنا النباتي والحيواني يعاني منه، فانتشاره في كل مكان جعل من أعضاء الجمعية يرفعون صوتهم من أجل القضاء على الظاهرة، مستحسنين بذلك كل المبادرات السابقة المتعلقة بالحث على استعمال «القفة» المصنوعة من الدوم والقضاء تماما على الأكياس البلاستيكية، مشيرين بذلك إلى العديد من الدول التي خطت خطوات إيجابية ملحوظة في هذا المجال، آخرها كينيا التي فرضت غرامات مالية على مستعملي الأكياس البلاستيكية، والتي رغم تنديدات أصحاب المصانع للأكياس البلاستيكية، إلا أن قرار وقف استعمالها صدر بأحكام تجعل حماية البيئة من أولويات القانون. قال أحد أعضاء الجمعية سمير زناي في حديثه ل»المساء»، أنّ الجزائر في سنوات ولت لم تكن تعاني مشكلا كبيرا مرتبطا بتهديد البيئة، وكان استعمال القفة من مفاهيم الأسرة الجزائرية، حيث كانت كل عائلة تحوز على إحدى تلك القفف التقليدية، منها المصنوعة من الدوم الطبيعي، وكانت لأسر أخرى قفف مصنوعة من البلاستيك لكنها متعددة الاستعمالات، يحملها الرجل مثلما تحملها المرأة ولم يكن هناك حرج في ذلك، إلا أن بعض العائلات اليوم تخلت عن تلك العادات أو بالأحرى فرضت عليها، فهناك من استغنت كليا عن القفة ومنهم من وجد في الأكياس البلاستيكية التي يقدمها البائع أسلوبا أكثر عملية من غيره في حمل البضاعة المقتناة من السوق، وهو ما أخل بالنظام الكامل للعائلة التي كانت قبل خروجها إلى السوق تحدد ما تحتاج إليه في البيت بإعداد لائحة مفصلة، ثم يتم حمل القفة ويتجه الفرد نحو السوق ويكون ذلك مرة في الأسبوع أو في اليوم، إلا أن العملية حاليا لا تتم بنفس الشكل وإنما أصبحت معاكسة، إذ يتم النزول أولا للسوق والتفكير فيما يحتاجه الفرد في البيت، حسب الميزانية وأسعار السلع المعروضة في السوق.. أكد المتحدث أنه حتى وإن دعت الحاجة لاقتناء تلك الأكياس البلاستيكية، لابد من التحلي بروح المسؤولية تجاه البيئة، وعدم إلقائها في الطبيعة فور الانتهاء من استعمالها، بل لابد من استغلالها لرمي الفضلات المنزلية بإحكام إغلاقها حتى يسهل على أعوان النظافة حملها.. كما دعا المتحدث في هذا الخصوص، الأسر والمؤسسات التربوية إلى توعية الطفل وتحسيسه بضرورة المحافظة على البيئة والمساهمة في جعل المحيط الذي نعيشه سواء داخل البيت أو في الحي والمدرسة نظيفا وملائما. وعن استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لنشر هذا النوع من المبادرات، يقول المتحدث باسم الجمعية، بأنّ ذلك أصبح من الخطة أو الإستراتيجية التي تعتمدها مختلف الجمعيات الناشطة في مختلف المجالات، لاسيما تلك التي تهتم بالمحافظة على البيئة من أجل تحسيس أكبر فئة من المواطنين، وبهدف تنظيم أيام دراسية وحملات تحسيسية بالاشتراك مع مؤسّسات تربوية أخرى، وإطلاق نداء للراغبين في التطوع وما إلى ذلك كوسيلة اتصال فعالة بين الجمعية والمواطنين كافة. كما تهدف الإستراتيجية كذلك إلى إشراك مجموعة كبيرة من الأطفال والشباب، باعتبارهم أكثر الفئات استغلالا لمواقع التواصل الاجتماعي، لحثهم على المشاركة في عمليات التحسيس بغية تعريفهم بأهمية التطوع، والتحلي بروح المسؤولية تجاه البيئة والمحيط الذي نعيش فيه، والمهمة النبيلة والمثالية التي يقومون بها خلال مشاركتهم في الحملات التوعوية والسلوكيات التطوعية للحفاظ على الحي والبيئة بصفة عامة. وفي الأخير، يقول المتحدث إنه بات من الضروري أن ترفع درجة الوعي لدى المواطنين، خاصة فيما يتعلق بواجبات كل فرد، من خلال منع رمي الأوساخ في مختلف ساعات اليوم دون مراعاة التوقيت المعمول به لذلك، بالإضافة إلى احترام المساحات المخصصة لذلك، مع تبني ثقافة الرسكلة في رمي الفضلات المنزلية.