خلص الملتقى الوطني الذي حمل عنوان «دور اقتصاد المعرفة في تحقيق التنمية الاقتصادية» المنظم بالمركز الجامعي بمغنية، تحت إشراف معهد العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، قسم العلوم الاقتصادية، إلى جملة من التوصيات، رفعت للجهات الوصية، أهمها تشجيع الاستثمار في البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كونها تمثل الدعامة الأساسية للاقتصاد المعرفي والتوجه إلى مجتمع المعلومات، وكذا ضمان مواكبة مخرجات التعليم العالي لتحقيق رؤية الاقتصاد القائمة على المعرفة، وتوجيه النظام التعليمي نحو إنتاج المعرفة لذوي كفاءات ومهارات علمية وفنية متقدمة. من بين التوصيات التي تم الخروج بها، تهيئة بيئة ملائمة للعلماء والمبتكرين ورجال الأعمال، وخلق مجموعات قادرة على ربط الأفكار المبتكرة ومخرجات الأبحاث المعتمدة مع المنتجات المعرفية والتكنولوجية، فضلا عن تشجيع وتوفير الحوافز للقطاع الخاص بهدف الاستثمار في مجال البحث والتطوير وتركيز الانشغالات لبناء رأس المال البشري، مع تحسيس المستثمرين ومنظمات الأعمال بأهمية اقتصاد المعرفة. على ضوء اختتام أشغال الملتقى الوطني، تم إبراز بعض الآليات التي جُسدت على أرض الواقع في مجال اقتصاد المعرفة بالجزائر، وفي مقدمتها عصرنة الإدارة العمومية، حيث عرفت في الآونة الأخيرة الخدمات العمومية تحسنا ملحوظا، خاصة حيال الخدمات المقدمة من طرف البلديات، حيث التمس في هذه النقطة المشاركون تفعيل الدفع الإلكتروني الذي لم يلق بعد الصدى اللازم، بسبب نقص التواصل بين المؤسسات البنكية والأفراد من جهة، وعدم بلوغ الوعي الثقافي المطلوب في هذا المجال. وبخصوص جهاز العدالة الذي عرف بدوره عصرنة، من خلال إدراج آليات حديثة فيما يخص الإجراءات القانونية، شأنه شأن خدمات صندوق التأمين على الأجراء وغير الأجراء الذي عرف تطورا ملحوظا مؤخرا، من خلال الخدمات المقدمة. وفي مجال انفتاح السوق، يعرف قطاع الاتصالات اليوم هو الآخر منافسة حادة بين المتعاملين الثلاث، والتي ستعود حتما بالجودة المطلوبة على المستهلك. وشهد مؤخرا إصدار قوانين تتماشى مع متطلبات انفتاح السوق، على غرار قانوني الاستثمار والخوصصة. أما بالنسبة لمجال البحث والتطوير، فيشهد اهتماما كبيرا من طرف الدولة، من خلال الميزانية المخصصة له من جهة. وأمام المجهودات المبذولة من طرف الوزارة الوصية بغرض إعادة هيكلة وتطوير هذا القطاع، تم إرساء آليات الهدف، منها ربط الجامعات ومراكز البحث بمحيطها الخارجي بغية تجسيد مخرجات البحث في شكل منتجات قابلة للتسويق. فرغم هذه الآليات لاتزال هناك مجموعة من النقائص التي يمكن تدارك بعضها من خلال تجسيد التوصيات التي تم رفعها إلى الجهات الوصية، عرف الملتقى الوطني عددا معتبرا من المداخلات النوعية التي نشطها أساتذة ودكاترة من مختلف جامعات الوطن، على غرار المسيلة، تلمسان، غليزان، ورقلة،سيدي بلعباس ووهران، على مدار يومين كاملين، تخللتها مناقشات وأسئلة طرحها طلبة المركز الجامعي بمغنية. للإشارة، جاء تنظيم هذا الملتقى الوطني في الوقت الراهن، بالنظر إلى إشكاليته المطروحة لمناقشة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تجتاح الاقتصاد العالمي، إلى التوجه نحو اقتصاد المعرفة كونه أحد المعايير الهامة في تقييم تطور الدول وقياس قدرتها التنافسية، ويعد بمثابة المحرك الأساسي لعجلة التنمية الاقتصادية. وأضافت الإشكالية التي جاء بها المنظمون أن المعرفة متاحة بشكل متزايد لكافة الأفراد، مما يتطلب إدراك واعي لاتخاذ قرارات، مع توافر التكنولوجيا المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة، إلى جانب نظام فعال للتعليم، خاصة أن الانتقال والتحول من اقتصاديات الريع (اقتصاديات الندرة) السائدة في معظم الدول النامية إلى اقتصاديات المعرفة (اقتصاديات الوفرة)، يتطلب إجراء تغيرات جذرية في البنى التحتية والمؤشرات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية والقانونية، كما أن الرهانات الكبرى للجزائر الهادفة إلى تحقيق تنمية مستدامة، وما نعيشه اليوم، وما هو متوقع بلوغه مستقبلا، يدفع حتما بالجزائر إلى استدراك التأخر الملموس في اقتصاد المعرفة بغية مواكبة البلدان الرائدة في هذا المجال. ❊ ل.عبد الحليم