نفى نائب محافظ بنك الجزائر جمال بن بلقاسم، أي تدخل للبنك المركزي في خفض قيمة الدينار أمام العملة الأوروبية الموحدة، حيث أوضح بأن كل ما في الأمر أن قيمة الأورو سجلت ارتفاعا قياسيا أمام جميع العملات بما فيها الدولار، كاشفا من جانب آخر بأن المتعاملين الاقتصاديين يتداولون ما بين 1500 و2000 مليار دينار خارج البنوك ويستغلون جزءا منها في تمويل نشاطات موازية بعيدا عن أعين مصالح الضرائب. واعتبر بن بلقاسم خلال استضافته أمس، في برنامج "ضيف التحرير" للقناة الإذاعية الثالثة أن الاقتصاد الجزائري لا يوجد في الخانة الحمراء، "مثلما يزعم البعض" رغم العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات الذي بلغ 10 مليار دولار، لافتا إلى أن الاقتصاد الجزائري يتمتع بقدرة عالية على الصمود في وجه الأزمة المالية مقارنة باقتصادات الدول المصدرة للنفط، وذلك بفضل احتياطات الصرف وصندوق ضبط الإيرادات. وبرر المتحدث انخفاض نسبة نمو الاقتصاد الوطني من 3,3 بالمائة في 2016 إلى 2,2 في 2017، بتراجع مداخيل القيمة المضافة في قطاع المحروقات، مشيرا في سياق متصل إلى أن تراجع قيمة الدينار أمام العملة الأوروبية، لم يتدخل فيه بنك الجزائر وإنما يعود لارتفاع الأورو مقابل كل العملات الأجنبية على غرار الليرة التركية واليوان الصيني وعملتي البرازيل وأندونيسيا وكذا الدولار الأمريكي. وأوضح في هذا الصدد بأن بنك الجزائر إضطر أمام تراجع عملات شركاء الجزائر التجاريين أمام العملة الأوروبية، لإجراء بعض التعديلات على قيمة الدينار للحفاظ على توازن الواردات القادمة من هذه الدول، مشيرا إلى أن المعدل السنوي لانخفاض قيمة الدينار أمام الأورو لا يتجاوز ال7 بالمائة، رغم أن نسبة التراجع بلغت 15 بالمائة، إذا ما تمت المقارنة بين ديسمبر 2016 وديسمبر 2017. ولم يستبعد بن بلقاسم إمكانية اللجوء مرة أخرى لإعادة تقييم الدينار، إذا لم تتجه الجزائر نحو اقتصاد منتج وتنافسي ومتنوع، مؤكدا أن التمويل غير التقليدي الذي تم اعتماده مؤخرا لن يؤثر مباشرة على قيمة الدينار على المدى القصير، باعتبار أنه جاء ليرافق أهداف الإصلاحات على الاقتصاد الوطني وإعادة التوازن لميزان المدفوعات. كما أكد المتحدث بأن احتياطي الصرف لا يمكن الاعتماد عليه لسد العجز في الميزان التجاري، موضحا أن الاقتصاد الوطني يواجه عدة تحديات في الظرف الراهن، أهمها إعادة التوازن للنفقات العمومية وميزان المدفوعات من خلال عقلنة التحويلات الاجتماعية والإعفاءات الضريبية والتحكم في النفقات العمومية. ولدى تطرقه لجهود بنك الجزائر لاستيعاب الكتلة النقدية المتداولة خارج القنوات الرسمية، قدر نائب محافظ بنك الجزائر القيمة الإجمالية للكتلة النقدية المتدوالة رسميا عبر جميع المؤسسات ما بين 13 ألف و14 ألف مليار دينار، منها 4780 مليار دينار أوراق وقطع نقدية لدى المتعاملين الاقتصاديين لتمويل صفقاتهم ومشاريعهم، كاشفا في سياق متصل بأن قيمة الأموال التي لا يودعها هؤلاء المتعاملين لدى البنوك تتراوح ما بين 1500 و2000 مليار دينار، حيث يستغل جزء منها حسبه في نشاطات موازية وفي التهرب من دفع الضرائب. وإذ شدد السيد بن بلقاسم في هذا الإطار على ضرورة أن تقوم البنوك التجارية ببلورة استراتيجة فعّالة لإقناع المتعاملين بإدخال هذه الأموال في المسار البنكي الرسمي، أوضح بأن خيار تغيير العملة الوطنية من أجل استيعاب الأموال المتداولة في السوق الموزاية لا يعتبر من أولويات الحكومة حاليا، مشيرا إلى أن عملية تغيير بعض القطع والأوراق النقدية التي سيطلقها بنك الجزائر قريبا، تدخل في سياق تجديد الأوراق المالية التي يعود بعضها إلى نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وذلك في إجراء كلاسيكي إعتاد بنك الجزائر القيام به كل 5 أو 10 سنوات، لتجديد النقود.