تسعى متاحف ولاية تلمسان للحفاظ على هوية وذاكرة هذه المنطقة والاعتناء بتراثها ونقله من جيل إلى آخر والتعريف به وإبراز قيمته. وتتوفر ولاية تلمسان على 3 متاحف تحفظ القطع الأثرية بمختلف أنواعها من قطع جصية وحجرية وأثرية تعود لعصور تاريخية مختلفة ومخطوطات وأزياء تقليدية وغيرها. يضم المتحف العمومي الوطني للفن والتاريخ، مجموعات أثرية للعصور التاريخية المختلفة تحت عنوان "فن المعمار وتاريخ المواقع والمعالم في تلمسان"، استقطبت العام الماضي أكثر من 500 5 زائر من مختلف الشرائح خاصة خلال فترة العطل، نظرا لموقعه الجغرافي المميز المقابل للجامع الكبير وسط مدينة تلمسان. ويعتبر هذا المتحف في حد ذاته جانبا من تاريخ تلمسان، لأنه كان في السابق جزءا من المدرسة التاشفينية التي بناها السلطان الزياني أبو تاشفين بن أبي حمو موسى الأول، والتي ظلت تزاول وظيفتها نحو 5 قرون، إلى أن تم هدمها من طرف المستعمر الفرنسي وبناء مكانها دارا للبلدية ظلت قائمة بعد الاستقلال، وتم تحويلها إلى متحف لحفظ التراث في 2011 في إطار تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية". يتوفر المتحف على 14 قاعة للعرض موزعة على طابقين، واحدة مخصصة لعرض أدوات حجرية لفترة ما قبل التاريخ، والتي جمعت من مختلف المواقع كبحيرة "كرارو" ومغارة "أوزيدان" وموقع "المويلح" الذي يعود إلى العصر الحجري القديم. يوجد بهذا المتحف أيضا قاعة تعرض قطع أثرية تعود لعهد الاحتلال الروماني وأخرى خاصة بعهد المرابطين والموحدين والعملات النقدية القديمة وقاعة خاصة بالفترة العثمانية وأخرى للفترة الزيانية وقاعة بها القطع الجصية من الزخرفة المتبقية من مسجد أغادير وقاعات أخرى خاصة للتعريف بآثار المدرسة التشفينية وضريح سيدي إبراهيم المصمودي ومسجد سيدي أبي الحسن التنسي والقطع الجصية من المدرسة الخاصة بالأخوين أبو زيد عبد الرحمن وأبو موسى عيسى بن محمد بن عبد الله المعروفان بأولاد الإمام. يتضمن المتحف مجسمات لقصر ومسجد المشور، وبه بقايا القطع والتحف الأثرية المرينية التي كانت موجودة بالمنصورة ومجسمات وأثار للعباد العلوي الذي يضم مسجد سيدي بومدين ومدرسة العباد وقصر السلطان والعباد السفلي الذي به ضريح الأميرة وضريح أبو إسحاق الطيار. متحف الخط الإسلامي يروي تاريخ النهضة يعمل من جهته، المتحف العمومي الوطني للخط الإسلامي المعروف باسم مسجد سيدي لحسن على حفظ المخطوطات القديمة التي تعود أغلبها للقرن 18 للميلاد، وتشمل مواضيع الفقه والعقيدة والبلاغة والنحو ويولي لها العناية الكبيرة لتعريف الأجيال الصاعدة بمدى أهميتها وإبراز المستوى العلمي الذي كان يتميّز به أصحابها. المتحف عبارة عن معلم أثري تاريخي شيّد كمسجد بأمر من السلطان الزياني أبو سعيد عثمان بن يغمراسن سنة 1296م، وسمي باسم أبي الحسن التنسي نسبة إلى أحد الأئمة البارزين الذين درّسوا به وحوّل في عهد الاستعمار الفرنسي إلى مستودع للخمور ثم مخزن للعلف ثم مقرا للمدرسة العربية الفرنسية. تم تحويل هذا الصرح المعماري إلى متحف للخط الإسلامي في إطار تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية"، ويقع بالقرب من المسجد الكبير بوسط المدينة، وغير بعيد عن المتحف الأول الخاص بالفن والتاريخ، وينقسم جناح العرض به إلى 3 قاعات، واحدة تسمى بقاعة الصلاة التي لا زالت تحافظ على رونقها القديم المتمثل في أعمدة المرمر وسقف من خشب الأرز والمحراب الذي تعلوه شمسيات مشبعة بزخارف تغطيه قبة بزخرفة جصية بشكل مقرنصات. كما أنّ المتحف يضم قاعة للعرض بها مخطوطات "الموطأ" للإمام مالك بن أنس "والقاموس المحيط والقاموس الوسيط" لمجد الدين الشيرازي 1181 هجرية ومخطوط "الهمزية في مدح خير البرية" لمؤلفه البوصيري، ومخطوط "المتوسلين بفضل الصلاة والسلام على سيد المرسلين" لمؤلفه العروسي، ومخطوط "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" لمؤلفه القاضي عياض. ويوجد بمتحف الخط الإسلامي كذلك جرة تعود للفترة الإسلامية الوسيطة ومصباح عثر عليه بمنطقة ترنانة بضواحي تلمسان التي تعود للعهد الإدريسي، كما تم اكتشاف الباب الأصلي لمسجد أبي الحسن التنسي وأطلال لجدران أثرية وأثار تبليط ونافورة وعتبة باب الدرب. يعمل متحف الخط الإسلامي على اقتناء الممتلكات الثقافية المادية وجردها ورقمنتها والسهر على صيانتها وترميمها بشكل دوري وجعلها في متناول الجمهور عن طريق تنظيم المعارض والورشات من أجل التحسيس بأهمية الموروث الثقافي وضرورة الحفاظ عليه . متحف للحفاظ على الأزياء العتيقة من جهته، يولى المركز التفسيري للباس التقليدي الجزائري أهمية للأزياء الجزائرية القديمة من خلال عرضها والتعريف بها وبتطور الزي الجزائري عبر الزمن. يقع هذا المتحف بقلعة المشور التي شيّدت في القرن 12 ميلادي من طرف يوسف بني تاشفين في المكان الذي أقام فيه مخيمه لضرب الحصار على أقادير، ويتربع على مساحة شاسعة ويضم قصر السلطان، حيث يوجد المقر الحالي للمتحف ودكاكين وحمامات وبساتين ومسجد لا زال قائما إلى يومنا هذا. يجد الزائر لهذا المتحف قبل التعرف على الأزياء تحفة معمارية جميلة تقابله عند مدخل هذا المتحف، وهي قصر السلطان التي تحمل الطابع المعماري لقصر الحمراء بالأندلس بنافورتها الجميلة وببلاطها المزركش وأعمدتها المصنوعة من المرمر.. وقد تم ترميم هذا القصر بعد الحفريات التي أجريت سنة قبل انطلاق تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية". تضم قاعة العرض مختلف الأزياء الجزائرية العتيقة "كالبرنوس" و«البلوزة" و«الكراكو" و«الردى" و«الحايك" وغيرها من الأزياء، يتقدمها الزي التلمساني أو "الشدة" المصنف سنة 2012 من طرف اليونسكو والذي يعتبر "مفخرة" لهذه المدينة التي تميزت بحفاظها على التراث المادي وغير المادي وإبراز مكانته التاريخية. تبقى متاحف ولاية تلمسان تروي ما خلفته الحضارات من قيم وتقاليد وآثار للأجيال المتلاحقة.