لم تخف السلطات المغربية انزعاجها من الجولة الدبلوماسية التي يقوم بها الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي، إلى عواصم عدة بلدان فاعلة في جنوب القارة الإفريقية، اعتبرتها ضربة لمساعي دبلوماسية مغربية سابقة في هذه العواصم في محاولة لاستمالتها إلى فكرة الحكم الذاتي الذي فشلت الرباط في إقناعها به. وتتابع السلطات المغربية عن كثب تصريحات مسؤولي هذه البلدان ومواقفها إزاء آخر تطورات القضية الصحراوية والتي أكدت جميعها على موقفها الثابت تجاه النزاع في الصحراء الغربية وحق الشعب لصحراوي في تقرير مصيره. إلا أن ما أزعج المخزن المغربي يبقى دون شك تصريح الرئيس غالي، أول أمس، بعاصمة جنوب إفريقيا، طالب من خلاله مجلس الأمن الدولي والأمين العام الأممي بالإسراع في عقد أول جولة مفاوضات مباشرة مع المحتل المغربي تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2414، الذي حث طرفي النزاع على مفاوضات مباشرة قبل انقضاء مهمة بعثة «مينورسو» شهر أكتوبر القادم. ورمى الرئيس الصحراوي من خلال هذه الدعوة بالكرة في معسكر الرباط التي ترفض إلى حد الآن فكرة العودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة، وراحت تختلق الذرائع والأسباب من أجل التنصل من هذه المسؤولية كان آخرها إثارة قضية المناطق المحررة التي تخضع لسلطة الجمهورية العربية الصحراوية في تيفاريتي، زاعمة أن جبهة البوليزاريو خرقت بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بينهما سنة 1991. وهي نفس الذريعة التي افتعلتها السلطات المغربية العام الماضي، بخصوص المنطقة العازلة في منطقة الكركرات على الحدود الصحراوية الموريتانية قبل أن تفضحها تقارير أممية فنّدت مزاعمها. وبدأت الرباط تشتاط من جولة الرئيس الصحراوي، التي شملت زامبيا ولوسوتو وجنوب وإفريقيا وزيمبابوي والتي تأتي على مقربة من قمة الاتحاد الإفريقي المقرر أن تحتضنها العاصمة الموريتانية نواقشوط، والتي تريد جبهة البوليزاريو استغلال منبرها لوضع المغرب أمام مسؤولياته في استئناف المفاوضات المباشرة. كما أن دعوة الرئيس الصحراوي جاءت على خلفية تسريبات حول قرب بدء المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية هورست كوهلر، مهمته من أجل إعادة إجلاس طرفي النزاع إلى طاولة مفاوضات مباشرة تنفيذا للقرار الأممي 2414 المصادق عليه شهر أفريل الماضي. والمؤكد أن السلطات المغربية ستعاود افتعال العراقيل لتأجيل بدء هذه المهمة تماما كما فعلت مع من سبقوه في هذه المهمة من جيمس بيكر إلى كريستوفر روس، الذين استقالوا بعد أن وجدوا تخاذلا وشبه تواطؤ من طرف دول مجلس الأمن الدولي، الذين رضخوا لرغبة القصر الملكي في الرباط دون اعتبار لحقوق الشعب الصحراوي. وهو ما يعيد طرح التساؤل حول مدى استعداد مجلس الأمن الدولي والأمين العام الأممي من أجل تنفيذ ما تضمّنه القرار الأممي الأخير، أم أنها سترضخ مرة أخرى لمزاعم مغربية واهية بوجود عراقيل تمنع استئناف المفاوضات، أم أنها سترغمه هذه المرة على الامتثال للشرعية الدولية. وواصل الرئيس الصحراوي، جولته في عواصم دول جنوب القارة، حيث حل أمس، بمحطة العاصمة الزيمبابوية هراري، قادما إليها من دولة جنوب إفريقيا، حيث خص باستقبال من طرف الرئيس الزيمبابوي ايمرسون دامبودزو مانانغاغوا.