نوه وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، بالتميز والامتياز اللذين يطبعان العلاقات بين الجزائروالصين والتي ترتكز، حسبه، على نفس المبادئ، مؤكدا أن مرور 60 عاما على هذا الترابط، سيكون فرصة للتأكيد على حرص البلدين الدائم على المضي قدما في سبيل تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة، القائمة بينهما منذ 2014. كما أشار إلى أن منتدى التعاون الصيني-العربي، الذي ينعقد اجتماعه الوزاري الثامن غدا ببكين، ساهم منذ انطلاقه عام 2004 في توطيد العلاقات بين الطرفين وتوسيعها لتمل اليوم جل مجالات التعاون. وقال الوزير في مقابلة خص بها وكالة الصين الجديدة للأنباء «شينخوا» أول أمس، بمناسبة احتفال البلدين بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، أن هذه الذكرى تحمل «معان نبيلة ودلالات عميقة تعكس عراقة ومتانة الأواصر بين البلدين والشعبين الصديقين، والتي لم تشهد عبر تاريخها سوى التميز والامتياز»، معتبرا الذكرى «فرصة للتأكيد على تمسك البلدين بنفس المبادئ وتقاسمهما لنفس الرؤى حيال القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك وحرصهما الدائم على المضي قدما في سبيل تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة القائمة بينهما منذ 2014». وتطرق رئيس الدبلوماسية الجزائرية بإسهاب إلى ركائز العلاقة بين الجزائروالصين وأهدافها والمكاسب المحققة لفائدة الطرفين، حيث أشاد بتوصل الطرفين إلى إقامة شراكة إستراتيجية عبر النمو المطرد للتعاون بين البلدين في العديد من المجالات، منوها في نفس السياق بما شهدته العلاقات الجزائريةالصينية خلال السنوات الماضية من نمو متسارع، تجلى حسبه، في محافظة الصين على مرتبة الشريك التجاري الأول للجزائر بمعدل سنوي فاق 8 مليارات دولار من إجمالي التجارة الخارجية الجزائرية. الجزائر فاعل أساسي في التعاون الصيني -العربي ووصف رئيس الدبلوماسية الجزائرية مبادرة «الحزام والطريق» بأنها مشروع استراتيجي متكامل، يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول، خدمة لأهدافها التنموية ومصالحها المشتركة، خاصة من خلال مضاعفة الاستثمارات بما يخدم المصلحة المشتركة في التنمية والازدهار، مؤكدا على أن الجزائر «فاعل أساسي لتحفيز التعاون الصيني -العربي»، بحكم علاقاتها المتميزة مع الصين ودورها المحوري في العالم العربي». ويعتبر»الحزام والطريق» مبادرة إستراتيجية تنموية طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، تتمحور حول التواصل والتعاون بين الصين ودول أسيا وأوروبا وإفريقيا، وتتضمن فرعين رئيسيين هما «حزام طريق الحرير الاقتصادي البري» و»طريق الحرير البحري». وأشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية في معرض حديثه عن مجالات التعاون بين البلدين إلى إسهام الصين في إنجاز عدة مشاريع للبنى التحتية في كامل البلاد، وكذا توقيع البلدين لاتفاقيات في مجالات الزراعة والصيد البحري وغيرها من القطاعات. كما نوه بالجهود المشتركة المبذولة في مجال العلوم والتكنولوجيا وتطبيقات الفضاء والتي توجت بالإطلاق الناجح لأول قمر صناعي جزائري للاتصالات (ألكوم سات1)، انطلاقا من الأراضي الصينية في 11 ديسمبر الماضي، «حيث شكل هذا الحدث المتميز محطة مهمة في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين». وإذ أكد على الأهمية البالغة التي توليها الجزائر لإنجاز مشروع ميناء الحمدانية (120 كم شمال غرب العاصمة الجزائر) والذي ستنفذه الصين بقرض صيني يقدر ب3,3 مليار دولار، أبرز السيد مساهل الطابع الاستراتيجي الذي يكتسيه هذا المشروع على المستويين الوطني والإقليمي، حيث سيسمح، حسبه، بربط السوق الصينية بالسوق الإفريقية من خلال الطريق العابر للصحراء، الذي يصل الجزائر بلاغوس في نيجيريا «ويشكل بالتالي قطبا لجذب المستثمرين نحو المنطقة اللوجستية الهامة المحيطة بالميناء ومن خلالها نحو المنطقتين المتوسطية والإفريقية». وذكر في سياق متصل بتوقيع الجزائروالصين في أكتوبر 2016 على اتفاق إطار في مجال تعزيز القدرات الإنتاجية، يهدف إلى إعادة هيكلة العلاقات الثنائية الاقتصادية بين البلدين والتي تتعدى، حسبه، التبادل التجاري إلى إبرام عقود الإنجاز العمومي والتوجه نحو ديناميكية استثمار وإنتاج مشترك من خلال وضع إطار تنفيذي وقاعدة للشراكة الصناعية والتكنولوجية بين البلدين». كما يغطي الاتفاق مجالات الصناعات التحويلية واستغلال الموارد والطاقات (الغاز والنفط) والصناعة الميكانيكية وصناعة السكك الحديدية والحديد والصلب والبنى التحتية والصناعة البتروكيمياوية والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية وتحويل المواد المنجمية والبناء والأجهزة الكهرومنزلية، بالإضافة إلى التعاون التقني. وسيتدعم التعاون الجزائري-الصيني -وفق ما ذكره الوزير- بآفاق جديدة، حيث من المنتظر إنشاء شراكات قوية مع مؤسسات صينية تنشط في مجالات التصنيع، مما سيمكن الجزائر من تنويع اقتصادها ويجعل منها وجهة مميزة للمستثمرين الصينيين. وبخصوص منتدى التعاون الصيني -العربي، أعرب السيد مساهل عن يقينه بأن الدورة الثامنة للمنتدى ستكلل بالنجاح وستسمح بوضع برنامج عمل للعامين المقبلين، يتماشى وتطلعات الشعوب، مشيرا إلى أن الدورة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية عدة توترات على الصعيد الأمني والسياسي وتواجه فيه جملة من التحديات على المستوى الاقتصادي والتنموي. وذكر بالمناسبة بأن المنتدى سيتناول قضايا التنمية في المنطقة العربية ودراسة الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا وفلسطين ويناقش القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الثنائي، لاسيما في مجال التبادل الثقافي والتواصل الإنساني. ويلتقي الجانبان الصيني والعربي مرة أخرى، في إطار هذا المنتدى لإجراء مناقشة شاملة ومعمقة حول توطيد علاقات التعاون بينهما وتعزيز بناء مبادرة «الحزام والطريق».