أبدت الأممالمتحدة مخاوف متزايدة من استفحال خطر الظاهرة الإرهابية في منطقتي الساحل وغرب إفريقيا وسط مؤشرات متزايدة لإقامة علاقات "متينة" بين مختلف التنظيمات المسلحة الناشطة في هاتين المنطقتين، مما يزيد في درجة "التهديدات الأمنية" الذي أصبحت تمثلها مختلف تنظيمات الجريمة العابرة للحدود في القارة الإفريقية. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس، في تقرير فصلي حول الأوضاع الأمنية السائدة في هاتين المنطقتين عرضه أمس، أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، أن سلطات دول الساحل وغرب إفريقيا تشعر بقلق متزايد من احتمالات تمتين هذه التنظيمات علاقاتها بهدف تخطيط العمل الإرهابي بينها وضرب أكبر قدر من الأهداف وعلى أوسع نطاق ممكن. وأكد التقرير الذي تناول وضعية "تقدم تنفيذ الإستراتيجية المدمجة للأمم المتحدة الخاصة بدول منطقة الساحل"، وشمل فترة الستة أشهر الأولى من العام الجاري، أن العمليات الإرهابية التي شهدتها منطقة الساحل منذ شهر أفريل الماضي عرفت منحنى تصاعديا مما زاد الأوضاع الأمنية تعقيدا وخطورة، مما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص من مدنيين وعسكريين سواء من خلال عمليات استهداف مباشرة أو من خلال شن هجومات مفاجئة ونصب كمائن أو زرع ألغام أرضية على الطرق التي تسلكها عادة أرتال وحدات جيوش دول المنطقة وخاصة في ماليوالنيجر وبوركينا فاسو. وأكد التقرير الأممي أن هذه الدولة الأخيرة استمرت في التعرض لهجمات الجماعات المتطرفة على طول الحدود مع مالي بسبب تسلل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى إلى أراضيها انطلاقا من دولة النيجر المجاورة، وهو التطور الذي أثار مخاوف الأممالمتحدة وخاصة احتمال توسع رقعة الحرب المفتوحة في هذا البلد الذي كان إلى وقت قريب في منأى عن الخطر الإرهابي الذي كان محصورا قبل ثلاث سنوات في دولتي ماليوالنيجر. وهو الحال في دولة النيجر التي عرفت تواجدا كبيرا لتنظيمات مسلحة وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية الذي أخذ عناصره منطقة تيلابيري معقلا رئيسيا لهم وعملت على استهداف المراكز الأمنية والثكنات وكل ما يرمز للدولة المركزية في نيامي. ولم يختلف الوضع في دولة نيجيريا عن سياق الأوضاع في دول ماليوالنيجر وبوركينا فاسو حيث حمّل التقرير، جماعة بوكو حرام الإرهابية، مسؤولية مباشرة في تنفيذ قرابة 100 عملية مسلحة، خلفت ما لا يقل عن 260 قتيلا خلال الفترة المذكورة. ومما زاد من درجة مخاوف الأمين العام الأممي، تراجع نطاق تحرك وتواجد القوات النظامية لهذه الدول في مناطق تواجد العناصر الإرهابية للتضييق عليها والتصدي للتهديدات الإرهابية التي تشكلها. وأضاف أن هذه الوضعية الشاذة سمحت للتنظيمات الإرهابية من ربط علاقاتها مع منظمات الجريمة المنظمة العابرة للأوطان بالحصول على إمكانيات العيش البديل، في إشارة إلى تهريب السلاح والمخدرات والمهاجرين السريين. وخلص التقرير الأمني الأممي إلى التأكيد أن "وضعية السلم والأمن في غرب إفريقيا والساحل ظلت رهينة الظروف الأمنية التي سادت في كل من ماليونيجيرياوالنيجر وتدهور الوضعية الأمنية في بوركينا فاسو. يذكر أن كل العمليات العسكرية التي خصصت لاحتواء الخطر الإرهابي في منطقة الساحل، سواء عبر عملية "بارخان" الفرنسية أو قوة دول الساحل الخمس أو العمليات التي تخوضها القوات النيجيرية، فشلت جميعها في تقويض الخطر الإرهابي بل إن كل المؤشرات أكدت تصعيدا لافتا للوضع ولا شيئا يوحي أن القضاء على الإرهاب في منطقتي الساحل وغرب إفريقيا سيكون غدا.