يصوّر الكاتب مقتطفات من اللافتات المنصوبة فوق الدكاكين والمساحات التجارية وعبر الشوارع والطرقات وما تحمله من قيم اجتماعية و ثقافية وتجارية تؤثّر بالسلب أو الإيجاب على المتلقي. إنّها لافتات تنصب في كل مكان، حاضرة دوما يكفي فقط المرور أمامها حتى ولم يعرها المار اهتمامه الكامل، لكنها قد تثير في بعض الأحيان ابتسامة او قهقهة لما تحمله من معان أو إرشادات. استطاعت هذه اللافتات أن تكون جزءا من المشهد اليومي أو من ديكور المدينة، وعلى الرغم من الاحتجاج على فوضى هذه الإعلانات والإشارات ينتهي الأمر إلى القبول بها، بل واعتبارها أمرا عاديا وسرعان ما تتعزّز هذه الرؤية مع الوقت. يتساءل صاحب الكتاب الصحفي حكيم لعلام عن هذا التناقض اللاحضاري الذي يصبح أمرا عاديا في مجتمعنا، فهو يحشد كلّ معاني الرداءة وتكسير اللغة والمحيط، ويتساءل أيضا عن المتسبّب في هذه الظاهرة عن المراقب وعن المشرف على هذا التنظيم السيء، وهو الجانب الجديّ في طرح الكتاب علما أنّ استعراض اللافتات وصور المحلات يحمل نوعا من الهزل. ويواصل الكاتب عرضه بربط فوضى هذه اللافتات بفوضى السوق و"البازار" المفتوح على السماء، وبترك الأمور تجري على عواهلها، وسيكتشف القارئ أو المتصفّح للصور التي ملأت صفحات الكتاب انّه شاهد مثلها في محيطه، إنّها 100 صورة وعلى الرغم من أنّ المؤلّف ليس مصوّرا محترفا إلاّ انّه أعطى للصورة الحضور المطلق عوض لغة الكتابة، ويقرّ الكاتب بأنّه استطاع الوصول إلى الكلمة اللغز أو التي سقطت من قاموسنا وهي "التصحيح" أو "المراجعة"، فالكتاب يصوّر ظاهرة تستحق المراجعة دون أي تلقين أو وعظ أو حكم مباشر، والكتاب مستلهم من تجربة هذا الصحفي الذي يعمل بيومية "لوسوار دالجيري" منذ 10 سنوات حيث تناول في مقالاته مثل هذه الظواهر . للتذكير فإنّ حكيم لعلام إضافة إلى عمله كصحفي فهو أيضا جامعي مختص في اللسانيات و الأدب الفرنسي (قسم ماجستير) بجامعة الجزائر، وسبق له أن نشر كتاب "النيف والخسارة"،كما صدر له كتاب يتضمّن كلّ مقالاته الصادرة من 2001 إلى 2006 .