تضم ولاية بومرداس شريطا ساحليا يمتد على 107 كلم، يزاوج بين زرقة البحر واخضرار شريط غابي وسلسلة جبلية، أشهرها جبل بوزقزة. وهي مقومات سياحية فريدة تصنع ختما خاصا بعاصمة الصخرة السوداء. تتربع المنطقة الجبلية على مساحة تزيد عن 47 ألف هكتار، بينما تصل مساحة الغابات إلى 23 ألف هكتار، كما تزخر الولاية بثروة تاريخية وثقافية متنوعة، تجسده العديد من المعالم التي تبقى شاهدة على تعاقب عدة حضارات من البربر القدامى إلى الفتح الإسلامي.. إلى عهد التواجد العثماني، ثم الاستعمار الفرنسي، الذي تصدت له الحركة الوطنية في المنطقة واستمرت كذلك إلى فجر الاستقلال، واحتضان "الروشي نوار" لمقر الحكومة المؤقتة.. بومرداس تستحق الحديث عن مقوماتها السياحية وعن تحديات جميلة تستحق الإشارة إليها في هذا الروبورتاج. شهدت ولاية بومرداس خلال السنتين الفارطتين نقلة نوعية على جميع الأصعدة، شكلت السياحة المستوى الأول الذي أولت له السلطة التنفيذية الاهتمام البالغ، كون القطاع يمثل بحق، بديلا اقتصاديا هاما للمحروقات. البداية كانت بوضع ورشات استعجالية لتغيير وجه عاصمة الولاية عبر استحداث لجنتها التقنية، ثم تسارعت لتشمل وضع مخطط محكم لاستقبال الموسم الصيفي الماضي كأول امتحان، بداية من دراسة واقع شواطئ الولاية التي عرفت فتح 9 منها جديدة، ليرتفع عددها من 36 سنة 2016 إلى 45 عام 2017، ثم قفز إلى 47 في 2018. بعدها تم تنظيم خرجات موضوعاتية للوقوف على أهم التحضيرات ورفع كافة العراقيل في سبيل استقبال جيد لزوار عاصمة الصخرة السوداء. مع الإشارة إلى أن الوالي عبد الرحمان مدني فواتيح طالب بتوحيد غرف الحراسة الخاصة بالشرطة والدرك والحماية المدنية بألوان الأزرق، الأخضر والأحمر ولون خاص بالمرشات (أخضر مائي) والمراحيض (أزرق فاتح)، وهي تفاصيل أريد لها أن تكون ختما خاصا بشواطئ الولاية وبطاقة معايدة لاستقبال نفس السياح، إلى جانب آخرين في مواسم لاحقة. وهو ما سمح باستقبال 13.5 مليون مصطاف (2017) يرتقب أن يقفز العدد إلى 15 مليون (2018) بعدما لم يتجاوز حدود ال10 ملايين مصطاف في (2016). الواجهة البحرية.. كورنيش عاصمة الصخرة السوداء من أهم الملفات الاستعجالية للجنة التقنية لمدينة بومرداس "كوفيب"، تهيئة الواجهة البحرية لبومرداس بمبلغ يقارب 3 ملايير سنتيم، شملت أشغال معمقة لتهيئة قنوات الصرف الصحي التي كانت شبه منعدمة بهذا المكان الإستراتيجي، إلى جانب الربط بشبكة الهاتف وتزيين الكورنيش بعربات جر موحدة الشكل واللون لباعة الشاي المتجولين، كما شهدت حديقة النصر المتربعة على هكتار واحد، أشغال صيانة إستعجالية في مرحلة أولى، وتنتظر إطلاق المرحلة الثانية في غضون السنة الجارية، كونها مساحة تستقطب مئات الوافدين إليها، لاسيما ليلا، كما تعتبر امتدادا "أخضر" للواجهة البحرية غربا. وعرفت البلدية اهتماما كبيرا بالمساحات الخضراء، أضفى لمسة جمالية خاصة على وجهها، بفضل فتح حدائق عمومية جديدة (حديقة 11 ديسمبر غربا وحديقة الحرية شرقا)، مع تهيئة خاصة لحديقة "21 ماي 2003" التي بقيت موصدة لمدة 15 سنة، وحديقة "حايد سفيان" لأزيد من 20 سنة، والحوض الأزرق المهمل تماما لقرابة 30 سنة وفتحه للمواطنين في الخامس جويلية الماضي، لتتسارع بشكل كبير عمليات "الليفتينغ" للفرع الأخضر "ماديفار" في تزيين المدينة بلون الحياة، مع التأكيد على غرس الورود. وهو ما يمكن لزوار بومرداس اكتشافه من خلال الحدائق العمومية المترامية، والتي أصبحت مزارا وملتقى فعلي لرواد المدينة بفضل الاعتناء المستمر.. خلال الموسم الجاري، خصصت مصالح بلدية بومرداس مبلغا ماليا قدره 6 ملايين دينار، بغرض تهيئة الشواطئ التسعة الجديدة المسموحة للسباحة، إذ تم تعيين مؤسسات ومقاولين للقيام بمختلف أشغال التهيئة والصيانة. كما تحصلت البلدية على إعانة من ميزانية الولاية قدرها 3 ملايين دينار، وجهت لصيانة وإصلاح الشبكات المختلفة من طرق وإنارة عمومية، وتزيين المدينة ووضع الإشارات الأفقية والعمودية والتوجيهية والتحسيسية لموسم الاصطياف عبر الشواطئ. منشآت سياحية وفندقية ومشاريع قيد الإنجاز تحصي الولاية 17 مؤسسة فندقية بسعة إجمالية تقدر ب3079 سريرا، من بينها 15 مؤسسة مصنفة و2 بصدد التصنيف. من المنتظر أن تتدعم الحظيرة الفندقية للولاية بحوالي 5101 سريرا، من شأنها توفير 2121 منصب شغل مباشر. موزعة بين إنجاز 23 فندقا، بعضها بلغ نسبة إنجاز تشارف 90٪. إضافة إلى إحصاء 12 منزلا مفروشا، 5 إقامات سياحية، 3 قرى سياحية، نزلا طريق (2)، قرية عطلة ونزل عائلي. كما تحصي 11 مخيما صيفيا بطاقة استيعاب تقدر بقرابة 6300 سرير، منها 8 ببلدية زموري، واحد ببلدية الثنية واثنين ببلدية قورصو، ومخيم آخر تابع لمصالح الولاية تم افتتاحه في منتصف شهر جويلية الجاري، ينتظر منه استقبال قرابة 15 ألف طفل من ولايات الجنوب الكبير. كما تم تخصيص 45 مدرسة ابتدائية لاستقبال قرابة 13 ألف تلميذ من ولايات باتنة، سطيف، خنشلة، ورقلة، أدرار، بشار وغرداية، إلى جانبهم أطفال البلديات الداخلية لبومرداس من عمال، خميس الخشنة، بني عمران وحمادي. قصبة دلس العتيقة.. شاهد على تاريخ وحضارة تحوي بومرداس مواقع تاريخية ودينية وأثرية، أشهرها قصبة دلس العتيقة التي مازالت تحتفظ بطراز جمالي وفني من نوع فريد، امتزجت فيها الطبيعة الخلابة بسحر المكان وتاريخ أسطوري عريق يمتد لما قبل التاريخ، حيث تشير الروايات إلى أن تاريخ تأسيسها يعود إلى فترة الحكم العثماني، وهي عبارة عن مجموعة من 200 دار ما تزال شاهدة على جمالية القصبة ومحافظة على هيبتها، إلى جانبها المدرسة القرآنية "سيدي عمار" وضريح "سيدي الحرفي" والمسجد الكبير وجدار الصد الذي يسيج المدينة من جهة البحر على طول 2000 متر، إضافة إلى الميناء القديم ومنارة "بن غوت" أو "برج لفنار" التي تقرر مؤخرا ترميمها وتحويلها إلى متحف. أضرحة وزوايا.. ومقامات دينية تحتضن بومرداس كذلك زوايا عريقة، منها زاوية "عبد الرحمان الثعالبي" ببلدية يسر، وهي زاوية شهيرة مازالت تؤم حلقات الذكر والترتيل، وهناك زاوية "سيدي أعمر الشريف" بسيدي داود التي تقرر مؤخرا، إخضاعها لعمليات تهيئة وسط ترحيب كبير من مشايخ وأعيان البلدية. إلى جانب زاوية "علي بن محمد بن احمد البومرداسي" التي اتخذت تسمية الولاية منه، وهي تقع ببلدية تيجلابين وتعرف ب«زاوية أولاد بومرداس". وقد كانت على مر القرون مدرسة لتعليم القرآن واللغة العربية وأصول الدين الإسلامي، ثم أضحت قلعة الثوار خلال الحقبة الاستعمارية وكادت تندثر معالمها، لولا تأسيس جمعية الزاوية التي أخذت على عاتقها أمر ترميمها، تشريفا لأحد أبرز علماء الجزائر وأعلام بومرداس، وهي ترتقب أن تفتح أبوابها لتدريس وتعليم القرآن، خلال الموسم الدراسي المقبل 2018-2019، بقدرة استيعاب تصل إلى حدود 30 متعلما. إلى جانب وجود زاوية "الشيخ بلعباس" وضريح "سيدي الحرفي".. هؤلاء المشايخ لعبوا دورا كبيرا في الإشعاع العلمي والديني ببومرداس وعلى المستوى الوطني، عبر تكوين الأئمة والدعاة. مواقع جبلية وبيئية ومناطق للتوسع السياحي توجد في الولاية كذلك، مواقع جبلية وبيئية جلها مقترحة للتصنيف كمناطق توسع سياحي من أجل تطوير المنتجات السياحية، أنجزت في شأنها دراسات لتجسيد مسالك ومواقع سياحية على مستوى بعض البلديات، ومنها منطقة "حمام ثلاث" المتوفرة على منبع حموي ببلدية عمّال، الواقعة بالجنوب الغربي للولاية، على الحدود مع ولاية البويرة. إضافة إلى منطقة "الكحلة" ببلدية الأربعطاش بالجهة الغربية لبومرداس، تطويرا للسياحة الجبلية، وستتم المصادقة على مخططات التهيئة السياحية للمنطقتين بعد إتمام الدراسات، مما سيسمح بمباشرة الاستثمار ترقية للوجهة السياحية للولاية عموما التي تحصي 11 منطقة توسع سياحي، متواجدة على طول الساحل، بمساحة إجمالية تقدَّر ب 4738 هكتارا. علما أنه تمت المصادقة مؤخرا، على إنجاز أربع مناطق للتوسع سياحي بكل من ليصالين (أعفير) وتاقدامت (دلس) بموجب قرار وزاري رقم 73 المؤرخ في 30 /10 /2017، ومنطقة زموري شرق والكرمة بموجب قرار ما بين الوزارات رقم 29 مؤرخ في 29 /4 /2018. شريط غابي بصبغة سياحية تملك ولاية بومرداس وديانا وسدودا يمكن تطوير السياحة الترفيهية على مستواها، أهمها وادي يسر ووادي سيباو، سد بني عمران، وسد الحميز الذي بني في الحقبة الاستعمارية على رافد من روافد وادي الأربعطاش. تم الانتهاء من أشغاله سنة 1894، وهو أحد أقدم الهياكل المائية في الجزائر. في سنة 1937، بني سد لسقي جزء من متيجة الشرقية على مساحة 17 ألف هكتار. يوجد في الولاية كذلك شريط غابي ذو صبغة سياحية، لاسيما غابة بوعربي، غابة ميزرانة، وغابات أخرى للترفيه بكل من بني عمران، مويلحة (بودواو البحري)، وغابة الساحل بزموري التي تستقطب آلاف الزوار بكل موسم صيفي. إذ يتميز غطاؤها النباتي المتكيف مع المناخ والتربة، من نباتات جبلية وأشجار الصنوبر الحلبي والكاليتوس. ويقع بمحاذاة الغابة ميدان سباق الخيل المعروف على المستوى الوطني، وشهرته تعود إلى سباقات الخيول التي تستهوي الكثيرين. وهو يشكل قطبا لا يستهان به في مجال الترفيه بالولاية. كما يلعب دورا هاما في المحافظة على الخيول وترقية تربيتها. وتوجد عبر إقليم ولاية بومرداس، غابة قورصو التي خضعت قبيل الموسم الصيفي الجاري لأشغال تهيئة واسعة من طرف مؤسسة "ماديفار"، بالتنسيق مع بلدية قورصو. وهي غابة للتسلية والترفيه تتربع على مساحة هكتار واحد، بها خمسة فضاءات للعب الأطفال، نصبت بها العديد من الطاولات والأثاث الحضري الذي احترم الطابع الطبيعي للغابة، كما تمت تهيئة مدخليها الإثنين، إلى جانب الممرات، وتثبيت نافورة بمدخلها الرئيسي، وإصلاح قنوات الماء الصالح للشرب وشبكات الصرف الصحي، وإنشاء مرشات ومراحيض قدر عددها ب(20)، موزعة على مستوى الغابة والشاطئ المحاذي، مع حضر الأنشطة التجارية داخلها. كما تم تخصيص ثلاث نقاط للماء تسمح للمصطافين بملء الدلاء. تقع الغابة بمحاذاة شاطئ "القرصان"، مما يجعلها مقصدا سياحيا بامتياز، لاسيما أن الشاطئ يحوي ثلاث حظائر للسيارات بقدرة استيعاب تصل إلى 3 آلاف سيارة، وضعت للمزايدة بداية من الموسم الجاري، وهو ما سمح بدر 850 مليون سنتيم لخزينة البلدية، إلى جانبها 52 مليون سنتيم حقوق كراء حظيرة شاطئ الربوة الخضراء (بحي قدواري) بقدرة استيعاب تصل إلى 300 سيارة. إضافة إلى منح حوالي 28 رخصة للتجارة الموسمية بشواطئ قورصو، منها لكراء الشمسيات والأكشاك التجارية. حسبما يوضحه ل«المساء"، نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي محمد حملات، مبرزا تسجيل شاطئ "القرصان" لمشروع طموح من أجل استعمال الطاقة المتجددة، سيكون جاهزا خلال موسم 2019. يسر وسيباو.. والحدائق الخضراء تحتل بومرداس مصاف الولايات الكبرى في مجال الإنتاج الفلاحي، بفضل السهول الخضراء الممتدة من سهل متيجة إلى واديي يسر وسيباو. يشرف على هذه السهول والسهوب جبل بوزقزة بقمته الشامخة، معقل قبيلة بني مزغنة، والذي يعتبر مكانا هاما في التاريخ القديم. هو اليوم حظيرة طبيعية رائعة لا تزال الطبيعة فيها عذراء. أنشئت بين الحقول المترامية عند سفح الجبل، حقول منطقة قدارة المعروفة إبان الثورة إذ تعرضت إلى قنبلة الطيران الفرنسي..هي اليوم منطقة خصبة بها سد يحمل اسمها وهو يمد عاصمة البلاد بمياه الشرب. أما منطقة يسر فكانت في محافظة الجزائر القديمة، تشكل مع سهل المتيجة موطن الكروم لصناعة الخمور على مساحة تفوق 50 ألف هكتار في العهد الاستعماري، فاسحة المجال اليوم أمام عنب المائدة، فالولاية تحتل الصدارة في إنتاج هذه المادة (2.5 مليون قنطار سنة 2017). وتتواجد أهم مزارع الكروم في كل من بلديات سيدي داود، بن شود، برج منايل وشعبة العامر، وأهم أنواع العنب "الداتيي، الكاردينال والصابال". كما تشتهر بومرداس بأشجار الزيتون المترامية بمنطقة بني عمران المعانقة لجبال جرجرة، والتي تنتهي بمضايق الأخضرية، حيث ينساب وادي يسر عند الحدود الشرقية للولاية. كما تهيمن زراعة الخضروات في الروابي الخضراء في حضن بغلية الذي يحتوي على تنوع كبير في الأشجار المثمرة ومنها التفاح والأجاص والزعرور.. صفحات من تاريخ مشرق ل«الروشي نوار" يشير "الكتاب الموسوعة" الصادر عن منشورات "سي.دي.اس.بي" بحقوق طبع ونشر محفوظة لمصالح ولاية بومرداس بحوزة "المساء"، إلى مختلف الحقب التاريخية للمنطقة التي رسمت معالمها منذ القدم أحداث ورجال، حيث يتفق المؤرخون على أن تاريخ بومرداس يعود إلى ما قبل التاريخ، إذ وجدت بقايا تلك الحقبة بدلس وزموري وتاورقة ولقاطة. وقد شيد الفينيقيون بمنطقة بومرداس ابتداء من القرن السادس قبل الميلاد، مدنا مزدهرة مثل "رأس كيسي مونيسيبوم"(رأس جنات)، و«روسوبيكاري" (زموري البحري)، و«روسوكوروس" (دلس). كما كانت بومرداس جزءا من مملكة "روما القيصرية" وعاصمتها شرشال تحت حكم يوبا الثاني. وعرفت في عصر الفتوحات الإسلامية تعاقب الأمويين والفاطميين والحماديين والموحدين، ثم انتقلت مقاطعة بومرداس على التوالي من حكم الزيانيين إلى الحفصيين، إلى سلطة قبيلة الثعالبة الهلالية التي كانت تسطير على سهول متيجة ومدينة دلس والجزائر، إلى حكم العثمانيين في بداية القرن 16، ثم قسمت ايالة الجزائر إلى ثلاث بايليكات، فضلا عن مقاطعة "دار السلطان" التي ضمت إليها منطقة بومرداس، والتي كانت تساهم بشكل كبير في الموارد المالية لخزينة البايلك. وقد عرفت المنطقة انطلاقا من القرن 17 مرحلة طويلة من الاستقرار، وظهور مصلحين كبار في مجال الفكر الديني، مثل الشيخ سيدي عمار الشريف وسيدي محند السعدي وسيدي علي بن احمد البومرداسي، ثم كانت نهاية العهد العثماني بداية لتحولات كبيرة في الجزائر.. تذكر صفحات التاريخ، معارك كبرى ضد الاستعمار الفرنسي بكل شبر من منطقة بومرداس، كما يذكر زيارة الأمير عبد القادر إلى زاوية سيدي أعمر الشريف (سيدي داود) وزاوية سيدي علي بن علي بن احمد بن محمد البومرداسي (تيجلابين)، وأنه وصل حتى تيمزريت. وبعد أن توغل الاستعمار وساد على الأراضي الخصبة لمنطقة بومرداس، أقام المستثمرات الفلاحية تحت قيادة المعمرين الذين جاءوا من الالزاس واللورين بالأراضي الممتدة من آلما (بودواو) إلى دلس، ثم بأراضي بال فنتان (تيجلابين) وفيليكس فور (سي مصطفى) وبرج منايل. تمتد صفحات التاريخ وتشرح انتساب بومرداس على السواء إلى الولايتين التاريخيتين الثالثة والرابعة، بفضل موقعها الجغرافي الرابط بين منطقة القبائل والجزائر، وفي هذا الصدد، عرفت معارك شهيرة مثل معركة "أولاد هلال ببغلية" في ديسمبر 1954، معركة جراح وبوزقزة (1956 و1957) التي كبدت العدو خسائر فادحة. ولعقود متوالية كانت بومرداس حاضنة لغليان وطني أعطى الأمة الكثير من المناضلين في القضية الوطنية، منهم "أحمد محساس" ابن مدينة بودواو أحد القادة التاريخيين الذين فجروا الثورة، لتحتضن فجر الاستقلال مقر الحكومة المؤقتة "الروشي نوار" تحت المسؤولية التنفيذية لعبد الرحمان فارس في 3 جويلية 1962، إلى أن سلمها للرئيس احمد بن بلة في 27 ديسمبر 1962. وظل اسم "الروشي نوار" ملتصقا ببومرداس إلى يومنا هذا.. وبقيت الصخرة وبقي مقر الحكومة المؤقتة وأول سارية رفع فيها العلم الوطني رسميا في تاريخ الجزائر المستقلة.. كلها عوامل تزيد من فخر انتماء بومرداس إلى حضن الوطن الجزائر.. قطب علمي.. مدينة للمستقبل إذا كانت الصدف قد عينت بومرداس مدينة للمستقبل، فقد لا نبالغ إذا قلنا أن القدر أنصفها لتصبح أول "مدينة للعلوم" في البلاد. فقد قررت أول حكومة مؤقتة للجزائر المستقلة إنشاء المركز الإفريقي للمحروقات والنسيج، قصد الاستجابة لحاجيات إطارات وموظفي القطاع الصناعي. شكلت هذه المؤسسة أحد أول مشاتل الإطارات التقنية المكونة بمساعدة بلدان صديقة للجزائر. وفي سنوات لاحقة ومع الحكم التدريجي في مختلف قطاعات الاقتصاد من طرف الدولة الجزائرية الناشئة، تم إنشاء معاهد للتكوين المتخصص، على غرار المعهد الجزائري للبترول (IAP) والمعهد الوطني للمحروقات (INH) والمعهد الوطني للإنتاجية والتنمية الصناعية (INPED)، والمعهد الوطني للكهرباء والإلكترونيك (INELEC).. هذه المؤسسات ساهمت بشكل كبير في تكوين أجيال من إطارات الصناعة الوطنية.. وأصبحت اليوم جزءا من جامعة "أمحمد بوقرة" التي صارت قطبا للعلم، قادرا على تجسيد طموحات المستقبل.. ❊ روبورتاج: حنان.س