بقيت قضية اختفاء الصحفي السعودي، جمال خاشقجي القضية الأبرز في العالم لأكثر من أسبوعين ومصيره يبحث على أعلى مستويات اتخاذ القرار في العالم ولكنها قضية لم تكشف إلى حد الآن عن كامل أسرارها وبقيت بمثابة لغز ينتظر فك خيوطه المتشابكة. فقد شرع محققون أتراك أمس، في تفتيش مقر إقامة القنصل السعودي بمدينة إسطنبول التركية بعد عملية مماثلة في مقر القنصلية في محاولة للعثور على أي دليل يحدد مصير هذا الصحفي الذي اختفى في الثاني من الشهر الجاري مباشرة بعد دخوله مقر الممثلية الدبلوماسية لبلاده ولكنه لم يغادره إلى حين إثبات العكس. ورغم أن عشرين محققا تركيا بالزي المدني والرسمي تمكنوا أمس، من دخول مقر إقامة القنصل السعودي بعد أن أعطى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز موافقته على ذلك للرئيس رجب طيب أردوغان، إلا أن نتائج تحرياتهم بقيت في طي الكتمان ربما من أجل استكمال بناء أحجار هذه القضية، واحدة بواحدة قبل الكشف عن مصير جمال خاشقجي. وتمكن فريق المحققين الأتراك من دخول مقر إقامة الدبلوماسي السعودي محمد العتيبي يوما بعد أن غادرها مساء أول أمس، عائدا إلى بلاده من دون أن يتأكد ما إذا كانت سلطات بلاده هي التي استدعته إلى الرياض بصفة نهائية أو على خلفية تداعيات قضية الاختفاء والتحقيقات التي تقوم بها السلطات التركية من أجل اكتشاف حقيقة اختفاء خاشقجي. وتتواصل تحقيقات الشرطة التركية في وقت استبقت فيه صحيفة "يني سافاك" المحسوبة على الحكومة التركية، الأحداث وراحت تؤكد في عددها لنهار أمس، أن خاشقجي تعرض للتعذيب حيث تم تقطيع أصابع يده قبل أن يتم قطع رأسه في مقر قنصلية بلاده. وأضافت الصحيفة أنها حصلت على تسجيل صوتي يؤكد فرضية الاغتيال ولكنها لم تحدد الطريقة التي حصلت بها على هذا التسجيل. ونفى مسؤولون سعوديون بما فيهم الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان علمهما باغتيال هذا الصحفي المعارض وكذا تورط المخابرات السعودية في مثل هذه العملية في نفس الوقت الذي عبرا فيه عن استعدادهما للتعاون من أجل كشف ملابسات وظروف هذه العملية. وتعد هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها صحيفة تركية مقربة من الحكومة خبر حيازتها على مثل هذه التسجيلات والتي تضمنت صوت القنصل محمد العتيبي وهو يتوسل ضباط المخابرات السعوديين "نفذوا ذلك في الخارج فأنتم ستتسببون لي في مشاكل كبيرة". قبل أن يرد عليه صوت آخر "إذا كنت تريد البقاء على قيد الحياة عندما تعود إلى السعودية فمن مصلحتك أن تلتزم الصمت". وتم الكشف عن هذه التسريبات في وقت غادر فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مطار العاصمة التركية عائدا إلى بلاده من دون أن يدلي بأي تصريح بعد لقاء جمعه بالرئيس رجب طيب أردوغان وآخر مع نظيره التركي، مولود شاوش أوغلو بعد زيارة قادته إلى العربية السعودية على خلفية الأزمة التي خلفها اختفاء الصحفي السعودي المعارض.