يطالعنا الشاعر الجزائري عادل بلغيث بمجموعة شعرية جديدة، تمثل علامة بارزة في الشعرية الجزائرية المعاصرة، بما فيها من حفر عميق في المعنى، ومزج شعري ذكي بين البساطة والعمق. تأتي تجربة بلغيث الجديدة لتفتح سؤالا جديدا حول التحولات في الشعرية الجزائرية، بما حملته من رؤيا عميقة ولغة شفافة، تمزج بين الفن التشكيلي والكتابة وتعتمد على العادي لتخرجه إلى عالم الدهشة، متكئة في اشتغالها على حقل الطبيعة الذي يمثل ملمحا بارزا في هذه التجربة الجديدة. تقول الشاعرة رضوى عبدالسلام ديبس في تقديمها لعالم بلغيث الشعري بأن "بلغيث ‘شاغال' اللوحات الشعرية، نصوصُه الذكية التي تقول كل شيء دون أن تفصح للقاريء عن تقنية مزج الكلمة باللون والطعم، نصوصه التي لا تنفتح على إمكانية التأويل فحسب، لتتعداها إلى وظيفة مزدوجة توجه القارىء إلى عالم مواز.. عالم سريالي الملامح، واقعي اللغة في توليفة غريبة ونادرة بين المحسوس والمجرة، تتلقفنا نصوصه الواحدة بعد الأخرى في عملية خلق جديدة للذائقة". تضيف رضوى -في كلمتها التي حملها غلاف هذه المجموعة الصادرة عن دار بوهيميا- إن بلغيث يعتمد أيضا موسيقى .. المعنى التي تفرض تفعيلتها الخاصة، مشيدةً بهذه التجربة التي "لم تنجر وراء الغرور الذي تفرضه التجارب الشعرية والصورة الأبوية التي يفرضها التقدم في الكتابة من ديوان لآخر". تؤكد المقدمة أن هذه التجربة تنتقل بنا من بورجوازية الحالة الشعرية إلى بلوريتاريا التنقيب عن الإنسان وسط كومة أسئلة، قصيدة واحدة من ديوان الشاعر تكفي لأن تترجم شكل العالم الحقيقي بحدس بالغ الجرأة في التعبير، ووعد بشاعرية يعكسها حضور قلب وروح الإنسان على هيئة الحياة والجمادات. يذكر أن هذه التجربة هي المجموعة الثانية للشاعر الجزائري عادل بلغيث الذي أصدر منذ عامين باكورة أعماله الشعرية مع "دار الوطن" اليوم تحت عنوان "قصائد من مدخنة القلب".