تسجل الجزائر سنويا ما بين 2500 إلى 3000 حالة إصابة جديدة بسرطان عنق الرحم، ويؤكد المختصون أنه بالإمكان تفادي هذه الإصابات الجديدة فقط بالتحسيس والتوعية، وقال البروفسور سعيد كابوية رئيس الجمعية الجزائرية لتنظيم النسل أنه يسجل نقص كبير في هذا الجانب الهام، إضافة إلى نقص الوسائل المادية والبشرية العاملة في الجانب الإعلامي التوعوي. وقال لنا البروفسور على هامش أشغال اليوم الدراسي لتقييم البرنامج الوطني للتشخيص المبكر عن الفيروس المتسبب في سرطان عنق الرحم إن هذا السرطان بالإمكان اكتشافه مبكرا عن طريق خضوع النساء المتزوجات والناشطات جنسيا لفحص مهبلي روتيني (فروتي) ولو مرة كل سنة. ولكن لنقص الإعلام والتحسيس في هذا الموضوع فإن الجزائر تسجل نقصا كبيرا في القضاء على هذا النوع من السرطان الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد سرطان الثدي بالنسبة للنساء ويمثل 10.5 بالمائة من أنواع السرطان التي تصيب النساء، علما أن 40 بالمائة من مجموع المصابات بسرطان عنق الرحم يتوفين سنويا لأسباب واهية كان من الممكن تفاديها. ويضيف محدث "المساء" أن بلدانا متقدمة مثل فنلندا، السويد وفرنسا تمكنت من القضاء على هذا النوع من السرطان بنسبة 90 بالمائة فقط عن طريق جعل الفحص المبكر إجباريا لكل فتاة تجاوزت 20 سنة تتأهب لدخول عالم الشغل، وبهذا تم القضاء بنسب كبيرة على هذا السرطان، أما في الجزائر فإنه يسجل تأخر كبير في الإطار، خاصة في الجانب الإعلامي والتوعوي حيث لا تولي نسبة كبيرة من الجزائريات المتزوجات أهمية لفحص "الفروتي" لجهلهن لماهيته أولا ولما يقي من أمراض ثانيا. والعيب هنا على السلطات المعنية والمجتمع المدني التي لا تقوم بما يجب عليها في الجانب الوقائي التحسيسي. وفي السياق - يقول البروفسور - لا تكفي فقط حملة وطنية للتشخيص المبكر وإنما إرادة سياسية تكون متبوعة بإمكانيات مالية وموارد بشرية اجتماعية وطبية لإنجاح حملة وطنية تمس كل نساء الوطن ما بعد سن الثلاثين الناشطات جنسيا، شرط أن تكون المرأة واعية بهذا الأمر، وتوفير مراكز العلاج ووحدات التنقيب وتكوين التقنيين المتخصصين. وعلى العموم قيم البروفسور كابوية الحملة الوطنية الأولى للتشخيص المبكر عن سرطان عنق الرحم بالايجابية، مشيرا إلى توفر إرادة لتحسين الأوضاع، مقترحا ضرورة القيام بحملات تشخيص موسعة وإن لزم الأمر طرق الأبواب لإنجاح الحملة. و تم منذ انطلاق الحملة في 2001 إجراء 200 ألف فحص مخبري للكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم بالجزائر، واعترف الدكتور بوركيش احمد مصلح الدين مدير فرعي للصحة الإنجابية بوزارة الصحة في دردشة مع "المساء" بالتأخر المسجل في هذا البرنامج الذي كان من المفروض أن يمس خمسة ملايين امرأة ولكنه لم يشمل سوى 201540 امرأة. كما تم تكوين منذ انطلاق حملة التنقيب 200 طبيب مختص، وفتح 144 وحدة تنقيب عبر الوطن ورغم هذا التأخر فإن المتحدث اعتبر حملة التنقيب خطوة أولى بحاجة لدعم من كل الأطراف لإنجاح حملات مماثلة من المنتظر أن تنطلق قريبا للتكفل بهذا النوع من المرض الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد سرطان الثدي عند المرأة. وأشار إلى أن أسباب انتقال الفيروس "أش بي في" المسبب لسرطان عنق الرحم جنسية محضة، وعادة يكون عند الرجل الذي تكون له علاقات جنسية متعددة ثم ينقله للمرأة التي يمكن أن يتطور لديها الفيروس فتتغير خلاياها لتصبح متسرطنة، وعليه فإن الكشف والتشخيص المبكرين يقي المرأة من إمكانية الإصابة بهذا السرطان. ويؤكد المتحدث أن النساء عينات التنقيب لا يعدن بعد أخذ العينة لإجراء فحص "الفروتي" ليخضعن للمراقبة والكشف عن سرطان عنق الرحم. وبلغة الأرقام فإن 74% من النساء عينات التنقيب المتراوحة أعمارهن بين 36 - 40 سنة لا يعدن للمراقبة مقابل 14 % فقط ممن يخضعن للفحص الثاني. ويرجع المتحدث السبب للعامل النفسي المتحكم في تصرف النساء، فبمجرد إعلامهن بضرورة العودة لفحص ثان للمراقبة والكشف عن سرطان عنق الرحم ترى علامات الاستغراب على وجوههن وهن يتعوذن من الأمر ثم لا يعدن مطلقا. وأكد الدكتور أن سرطان عنق الرحم من بين أنواع السرطان التي يمكن معالجتها وتشفى منها المصابة نهائيا في حالة اكتشافها مبكرا والتكفل بها في المرحلة الأولى للإصابة. وكان البروفسور عبد العزيز غرابة المختص في الجراحة وعلاج مرض السرطان بمركز مكافحة السرطان بالعاصمة قد أكد لنا مسبقا أنه يغفل بالجزائر كثيرا جانب الوقاية من أمراض كثيرة ومنها السرطان، ناهيك عن إغفال جانب التشخيص المبكر للداء، إذ يمكن التقليص بنسبة 70 % من سرطان عنق الرحم فقط عن طريق الفحص المخبري المسمي (الفروتي) وهي الخطوة التي وصفها المختص بالمحتشمة جدا بالجزائر، مشيرا إلى أن هذا الفحص والتحليل المخبري عند فئة النساء الناشطات جنسيا يسمح بالتشخيص المبكر لفيروسHPV) ) قبل أن يتطور إلى سرطان. كما أكد المختص على ضرورة إيلاء أهمية أكبر لملف هذا الداء على المستوى الوطني من طرف الجهات المعنية، ناهيك عن القيام بحملات تشخيصية للداء دوريا، كون المواطنين لا يتقربون تلقائيا للفحص الطبي إلا بعد فوات الأوان، ولعل فتح المراكز الوطنية الستة لمكافحة السرطان التي هي قيد الإنجاز، ستمكن قريبا من تكفل أحسن بهذه الفئة من مرضى المجتمع، ناهيك عن تحسين التكفل بها والسهر على الحد من انتشار هذا الداء واستفحاله بالمجتمع خلال السنوات القليلة القادمة.