* email * facebook * twitter * linkedin يعد الموقع الأثري "مرسى الدجاج" بزموري البحري (شرق بومرداس)، من أهم المواقع المكتشفة في السنوات الأخيرة، بالنظر إلى ما يختزنه من كنوز أثرية هامة لحضارات متنوعة، إلا أنه يبقى بحاجة ماسة إلى الحماية والتثمين من أجل تجنيبه الإهمال والتلف. الزائر لهذا الموقع الأثري المميز، الكائن بالمدخل الرئيسي المؤدي إلى مدينة زموري البحري، يلفت انتباهه هذا الفضاء مترامي الأطراف، الذي اكتُشف سنة 1996، وهو مهمل وبدون تسييج، رغم أنه مصنف منذ سنة 2016 كمعلم أثري وطني، مما يستدعي ضرورة التعجيل باستحداث فرع للأثريين والطلبة بعين المكان، للسهر على تثمينه وحفظ ما يتم اكتشافه من قطع أثرية، إلى حين نقلها إلى متحف متخصص. كما أنه ورغم النتائج الإيجابية للحفريات التي جرت في الموقع سنتي 2018 و2019، والعثور على قطع أثرية تعود إلى فترات حضارية عميقة ومختلفة، وما سبق ذلك من تسجيل وجرد لهذا الموقع، في قائمة الجرد الإضافي للولاية، إلا أنه يبقى بحاجة ماسة وسريعة إلى هذه الحماية من الإتلاف وسرقة محتوياته الأثرية الثمينة. لعل ما يزيد من أهمية وضرورة الإسراع في الاهتمام بهذا الموقع الذي يتربع على مساحة سبعة هكتارات، ما كشفته الحفريات التي جرت وصنعت الحدث في الصائفة الفارطة، من بيوت ومعالم حضارية تنبئ حسب أخصائيين من جامعة الجزائر والمعهد الوطني للبحث الأركيولوجي، المشرفين على الحفريات بوجود مدينة أثرية قديمة كانت حية وتأوي السكان. يرتقب سكان بلدية زموري بشغف كبير عملية تثمين هذا الموقع، بالنظر إلى أهمية ما يتكتنزه من أثار وبقايا تاريخية، من شأنها المساهمة بشكل فعال في ترقية الوجهة السياحية والثقافية لهذه المدينة الساحلية، وإخراجها من عزلتها، من خلال جلب السياح والمصطافين والمهتمين بالشأن التراثي والثقافي. في خطوة لحماية وتثمين هذا الموقع الأثري الهام، انطلق مؤخرا، مكتب دراسات متخصص في إعداد مخطط تقني دائم لحماية واستصلاح موقع "مرسى الدجاج"، إثر عمليات تحري لثلاث سنوات، أجراها المعهد الوطني للآثار، بالتنسيق مع الجمعية الثقافية "السواقي"، حسبما أفاد به مدير الثقافة، قوديد عبد العالي. تم اختيار مكتب الدراسات، الذي سبقه إجراء عملية استقصاء عمومي من طرف اللجنة الولائية لحماية الممتلكات الثقافية، بعدما تم تسجيل وتصنيف هذا المعلم الهام سنة 2016 كمعلم أثري وطني. يعد هذا المخطط استنادا إلى نفس المصدر بمثابة أداة تعميرية تتضمن توجيهات من الناحية القانونية والتنظيمية، لحماية الموقع واستغلاله كفضاء سياحي. كان هذا الفضاء، الذي يضم طبقات جوفية أثرية لمختلف الحقب الحضارية والتاريخية للمنطقة، بداية بعصور ما قبل التاريخ، إلى العصور الإسلامية، قد استفاد عام 2017، من أشغال "ريادة واستكشاف أثري"، قام بها طلبة معهد الآثار بجامعة الجزائر (2)، بمشاركة أساتذة وباحثين من مختلف التخصصات، وقبلها استفاد كذلك من حفريات سبر الأغوار في شهر مارس 2007، حققت نتائج "علمية هامة"، أكدت ما يكتنزه من آثار باطنية شجعت على تصنيف الموقع بتاريخ 28 أبريل 2016، ليصبح من بين المحميات الأثرية الوطنية التي تستحق العناية. كما أثبتت التحريات الميدانية والمصادر والمراجع التاريخية حسب الأخصائي في الأثار، الدكتور إسماعيل بن نعمان ، أن هذا الفضاء يتضمن موقع المدينة التاريخية الشهيرة "مرسى الدجاج"، التي اشتهرت في الفترة الإسلامية وعرفت قديما باسم "روسوبيكاري"، وهي من أشهر مدن موريتانيا القيصرية، حيث بنيت وشيدت على أنقاض مرفأ روسوبيكاري الذي شيده القرطاجيون خلال القرن السادس قبل الميلاد. حسب المؤرخ بجامعة الجزائر، تعرضت مدينة "مرسى الدجاج" سنة 1225 بعد الميلاد، لهجوم عسكري بقيادة "يحيى بن أبي غانية الميورقي"، الذي ثار على "الموحدين"، فهدم مدن وحصون هذه الدولة الموحدية، ولم يتم تعميرها بعد هذا الخراب، مما أدى إلى تحولها إلى أطلال غطتها الرمال لقرون من الزمن، ولم يعاد اكتشاف مكانها إلا سنة 2006.