* email * facebook * twitter * linkedin حذرت قيادة الجيش السوري أمس، من أنها لن تتردد لحظة في إسقاط كل طائرة عدوة تحلق في أجواء محافظة إدلب في رد على إقدام طائرة بدون طيار تركية بقصف موقع عسكري خلفت مقتل 26 جنديا سوريا. وعرفت درجة التوتر في شمال سوريا بين القوات السورية والتركية منحنى تصاعديا وسط حرب تصريحات تنذر بحرب مفتوحة قد تدخل المنطقة في متاهة فوضى إقليمية مفتوحة على كل الاحتمالات. وكان إسقاط القوات التركية طائرتين عسكريتين سوريتين في إدلب أمس، بحجة محاولتهما ضرب طائرات الجيش التركي في المنطقة بمثابة القطرة التي ستغرق المنطقة في حالة الفوضى المفتوحة. كما أن إقدام السلطات التركية على اعتقال مدير تحرير الموقع الإلكتروني لوكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية الناطقة بالتركية وثلاثة من مساعديه بمدينة إسطنبول بمثابة القطرة التي قد تفيض كأس الغيض الروسي الذي بقي في موقع المترقب للوضع رغم خطورته. وضمن منطق الفعل ورد الفعل، راحت قوات الجانبين التركي والسوري في تنفيذ وعيدها بالانتقام لقتلاها منذ الجمعة الماضي عندما قتلت القوات السورية 34 عسكريا تركيا في قصف جوي استهدفهم في محافظة إدلب، وقيام طائرة مسيرة تركية ليلة السبت إلى الأحد بقتل 26 عسكريا سوريا، بما رفع عدد قتلى القوات السورية في هجمات تركية إلى 74 عسكريا. وأكدت قيادة الجيش السوري أنها فرضت حظرا جويا في سماء محافظة إدلب في أقصى شمال غرب البلاد أمام كل الطائرات الحربية أو المسيرة عن بعد وأن كل خرق سيؤدي إلى إسقاطها بدون تردد. وجاء قرار قيادة الجيش السوري ساعات فقط قبل إعلان الجيش التركي عن شن هجوم واسع النطاق ضد القوات السورية في رد انتقامي على مقتل 34 عسكريا من قواتها في قصف جوي نفذته مقاتلات سورية. كما قال وزير الدفاع التركي حالوسي أكار إن عملية "درع الربيع" التي شرع في تنفيذها منذ 27 فيفري تتواصل وفق الخطة المرسومة لها والنجاحات المتوقعة لها. وتطورت الأوضاع في شمال سوريا باتجاه الأسوأ منذ بداية العام عندما شرعت القوات السورية في أوسع هجوم عسكري ضد تنظيمات المعارضة المسلحة وآخر فلول تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذين اتخذوا من محافظة إدلب آخر معاقل لهم وهو الأمر الذي لم تستسغه السلطات التركية التي أقامت منطقة عازلة داخل الأراضي السورية عززتها بآلاف الجنود والمعدات الحربية في محاولة لمنع القوات السورية من تحييد عناصر هذه التنظيمات التي يحظى بعضها بدعم تركي معلن. وأمام إصرار كل طرف على منع الآخر من تنفيذ خططه العسكرية، وجدت روسيا نفسها في موقع حرج، فهي من جهة لا تريد التفريط في حليفها السوري بالنظر إلى الامتيازات الجيو استراتيجية التي تحظى بها في سوريا، ومن جهة أخرى لا تريد التضحية بتركيا كحليف قوي ضد الدول الغربية والولايات المتحدة على وجه خاص، وهو ما جعلها تتابع الوضع بقلق متزايد، فلا هي حسمت الموقف إلى جانب دمشق ولا هي تحركت من أجل إيجاد ترتيبات عملية للخروج من هذا المأزق بما يبقي الكرة في معسكرها ضمن موقف يتطلب قرارا فوريا على اعتبار أن الوضعية العسكرية لم تعد تحتمل الانتظار. والمؤكد أن الرئيس بوتين، سيأخذ بخيار دعم النظام السوري الذي مكنه من العودة إلى المياه الدافئة المتوسطية على حساب تركيا التي بقيت تلعب على الحبلين، فكلما دخلت في صراع مع الدول الغربية لعبت الورقة الروسية كما حدث في صفقة صواريخ "اس 400" ولكنها لم تتوان في إخراج الورقة الغربية في وجه روسيا عندما لجأت إلى طلب دعم موقفها في سوريا وبطريقة ضمنية ضد روسيا على اعتبار أنها الحليف الاستراتيجي للحكومة السورية وحالت في كثير من المرات دون تدخل غربي للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد في عز اشتداد الأزمة السورية. ولم يتوان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص خطته لإبقاء بلاده قوة إقليمية طامحة لأن تكون لها كلمتها في إعادة رسم خارطة المنطقة العربية من خلال إخراج ورقة اللاجئين في وجه دول الاتحاد الأوروبي، فاتحا حدود بلاده أمامهم لمواصلة مغامرتهم باتجاه مقصدهم النهائي للوصول إلى بلدان أوروبا الغربية. وانتهج الرئيس التركي في ذلك منطق "اضرب الحديد ما دام ساخنا" وعدم انتظار الرد الأوروبي بعد أن أغرق اليونان المجاورة بآلاف المهاجرين ضمن قرار حتم على الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الأوروبية المعروفة اختصارا باسم "فرونتكس" إلى وضع كل هيئاتها وطواقمها في حالة استنفار قصوى على الحدود التركية اليونانية من أجل مساعدة أثينا على مواجهة السيول البشرية الزاحفة على حدودها، ودفعت بالمحافظ الأوروبي المكلف بالهجرة مارغاريتيس شيناس إلى أن يدعو لعقد اجتماع طارئ لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي لبحث الموقف بعد القرار التركي. ولم تنتظر الحكومة اليونانية الاتفاق على عقد هذا الاجتماع وقررت عقد اجتماع طارئ أمس، لبحث الإجراءات العملية لمواجهة تداعيات القرار التركي الذي فتح الباب على مصراعيه لحوالي 13 ألف مهاجر ولاجئ لاقتحام أراضيها.