حل أمس الرئيس السوداني عمر البشير بالعاصمة الارتيرية في أول زيارة خارجية له منذ صدور قرار محكمة الجنايات الدولية بتوقيفه بتهمة ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور المتوتر. ووصل الرئيس البشير إلى أسمرة في زيارة مفاجئة لم يعلن عنها من قبل في أول تحد لقرار محكمة لاهاي التي أكدت إمكانية اعتراض طائرته بمجرد مغادرته التراب السوداني. وتمت الزيارة وسط تكتم تام اذ لم يسبق لأي مسؤول سوداني الإشارة إليها في إجراءات احترازية لتفادي اتخاذ أي إجراءات ضده خاصة بعد صدور مواقف من الدول الغربية تشير إلى إمكانية اعتراض طائرة البشير في الجو بمجرد مغادرته الأجواء السودانية. وقال علي عبدو وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة الاريترية ان "الرئيس البشير يقوم بزيارة عادية جدا بين رئيسين تدوم يوما واحدا وجاءت تلبية لدعوة الرئيس اسياس افوركي". وأضاف الوزير الارتيري أن بلاده "تعتبر قرار محكمة الجنايات الدولية بلاهاي غير مسؤول ويشكل إهانة لذكاء البلدان الإفريقية". وكان الرئيس الارتيري وجه دعوة إلى نظيره السوداني لزيارة أسمرة بعد أسبوع من صدور مذكرة التوقيف في حق هذا الأخير للإعراب عن تضامنه معه. وأكدت السلطات الارتيرية أن ادعاءات محكمة الجنايات الدولية تستهدف سيادة السودان ووحدته الترابية. للإشارة فإن أسمرة والخرطوم اللتين تربطهما علاقات متوترة مع واشنطن وطدتا علاقاتهما في السنوات الأخيرة بعد قطعها تسعينيات القرن الماضي بعد اتهام ارتيريا السودان بدعم مسلحين إسلاميين في غرب اريتريا وهي منطقة أكد مستكشفون أنها غنية بالذهب ومعادن أخرى. وتأتي زيارة الرئيس البشير إلى ارتيريا بالرغم من الفتوى التي أصدرتها أول أمس هيئة العلماء السودانيين بعدم جواز سفره إلى قطر للمشاركة في القمة العربية التي تحتضنها الدوحة نهاية الشهر الجاري لتفادي الوقوع فيما وصفته بفخ مذكرة التوقيف الدولية. ويكون الرئيس البشير الذي فاجأ الجميع بالذهاب إلى أسمرة يريد من خلال هذا التحدي تأكيد مواقف حكومته بأن قرار المحكمة لا يعنيها خاصة وأن السودان ليس عضوا فيها. ثم أن البشير الذي يواجه خطورة اعتقاله أبدى في العديد من المرات تصميمه على المشاركة في القمة العربية المقرر عقدها نهاية الشهر بالعاصمة القطرية وهو ما يبقي حالة الترقب قائمة. والأكثر من ذلك فإن مصادر إعلامية أمريكية كشفت مؤخرا أن المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية الأرجنتيني لويس مورينو اوكامبو قام بزيارة سرية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية في مسعى للحصول على دعم أمريكي لاعتراض طائرة البشير. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية حمّلت الرئيس البشير وحكومته مسؤولية كل وفاة شهدها إقليم دارفور الذي يعيش على وقع حرب أهلية منذ عام 2005 واتهمت الخرطوم بخلق أزمة دارفور وحملتها مسؤولية إنهائها. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتدخل في اعتقال الرئيس السوداني وهي ليست عضوة في محكمة الجنايات الدولية؟