❊ تجذير الممارسة السياسية التشاركية في إطار الحوار السياسي ❊ فتح كلّ الملفات بلغة المصارحة والمكاشفة والبحث عن الحلول ❊لا تمييز ولا مفاضلة بين الأحزاب..والكلمة الأخيرة للصندوق استحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من خلال الاستقبالات التي خصّها للتشكيلات الوطنية في إطار المشاورات التي يجريها معها لبحث الملفات السياسية للبلاد، إطارا جديدا لتجذير الممارسة السياسية التشاركية والأخذ برأي الأغلبية بخصوص الرهانات التي تنتظر البلاد، حيث لم يستثن من هذا التقليد الجديد الأحزاب الصغيرة ولا الكبيرة ولا حتى تلك التي تمثل المعارضة، من منطلق فسح المجال أمام كافة الفعاليات الوطنية، من أجل تقديم أفكارها بخصوص المشهد السياسي القادم في ظل ما يمليه الدستور الجديد. ويرى مراقبون، أن هذه اللقاءات مناسبة للرئيس تبون لبلورة تصوّر جديد بخصوص الرهان السياسي القادم، في الوقت الذي فسح فيه المجال أمام كافة الأحزاب السياسية للإدلاء بآرائها بكل حرية وشفافية، ولا أدل على ذلك تصريحات ممثلي هذه التشكيلات، التي اتسمت بالكثير من الايجابية والترحيب بهذه الخطوة التي تندرج في إطار ترسيخ الممارسة الديمقراطية. كما أن هذه اللقاءات كانت فرصة سانحة لهذه الأحزاب- وبشهادة قيادييها الذين استجابوا للدعوة- من أجل الاستماع إلى أهداف البرنامج الرئاسي للقاضي الأول في البلاد، في إطار تجسيد مشروع "الجزائر الجديدة"، في شتى المجالات وكذا التحديات المنتظرة التي تستدعي استجماع كافة الجهود الوطنية والالتزام بتطبيق ما هو مطلوب للاستجابة للانشغالات الاجتماعية والاقتصادية للمواطن بالسرعة القصوى. هذه اللقاءات برأي متابعين، تشكل مناسبة لهذه الأحزاب التي بلغ عددها لحد الآن 12 حزبا، لإزالة اللبس والأحكام المسبقة بخصوص الحوار السياسي الذي فتحه رئيس الجمهورية، من أجل بناء مؤسسات دولة قوية، لا تتأثر بتغير الأشخاص، بحيث يكون هدفها الأول والأخير خدمة الشعب. ومن أبرز ما ميز لقاءات رئيس الجمهورية هو استقباله لممثل في جبهة القوى الاشتراكية (الافافاس) وهو أقدم حزب معارض في البلاد والمعروف فيما سبق برفضه القاطع التعاطي مع مبادرات السلطة خلال السنوات الأخيرة، كما شذت هذه الاستقبالات عن القاعدة بإعطاء رئيس الجمهورية الأولوية للأحزاب الحديثة النشأة على حساب الأحزاب الموالية للسلطة، الممثلة في كل من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، حيث لم يستقبل "الأرندي" إلا مؤخرا فقط. ولذلك كانت أمام الأحزاب المشاركة في الحوار، الحرية الكاملة للإدلاء بآرائها بشفافية تامة وطرح كافة انشغالاتها، خصوصا بعد إعلان رئيس الجمهورية حلّ المجلس الشعبي الوطني وتنظيم انتخابات نيابية مبكرة، حيث نستدل في هذا الصدد بما صرح به رئيس حزب طلائع الحريات بالنيابة عبد القادر سعدي، عندما أشار إلى صعوبة الجمع بين الانتخابات المحلية والتشريعية في يوم واحد. وكان رئيس الجمهورية قد أشار خلال لقائه الإعلامي الأخير، إلى إمكانية الجمع بينهما في سياق المضي قدما بورشة الإصلاح السياسي التي دشنها بتعديل الدستور فور انتخابه رئيسا للبلاد، ليليها إعداد مشروع قانون الانتخابات الذي سيتسنى بموجبه تنظيم الانتخابات التشريعية، وفق منظور بعيد عن التقليد القديم الذي طغت عليه "الشكارة" واستشراء المال الفاسد وغير الفاسد، ما أثر سلبا على أداء هذه الهيئة. كما أبدت أحزاب أخرى دعمها للمزايا التي يحملها المشروع الرئاسي في إطار تكريس مشروع الجزائر الجديدة، كما هو الشأن لرئيس حزب التجديد الجزائري كمال بن سالم، الذي دعا إلى الانخراط فيه، مؤكدا على ضرورة عدم الحكم مسبقا على الحوار السياسي الذي باشره رئيس الجمهورية حديثا ومن ثم التشويش عليه، في الوقت الذي كانت أحزاب عديدة قد اشتكت من غلق أبواب الرئاسة في وجوهها لأعوام عديدة. ويرى متتبعون أن هدف الرئيس تبون من عقد جلسات الحوار السياسي، يكمن في البحث عن أكبر قدر من التوافق السياسي حول الخطوات التي يتعين مباشرتها في المرحلة المقبلة، كما تعد بمثابة صك امان لإشراك جميع الفاعلين في تنفيذ أجندته السياسية الرامية إلى بناء الجزائر الجديدة. وما فتئ رئيس الجمهورية يؤكد أن تجسيد مشروع الجزائر الجديدة يستدعي تظافر جهود الجميع ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، لتجاوز الوضعية الاقتصادية الراهنة ومجابهة التحديات الاقليمية والدولية. وليست هذه المرة الأولى التي يفتح فيها الرئيس تبون الحوار أمام الفعاليات الوطنية، حيث سبق له أن أمر بنشر وتوزيع مسودة مشروع تعديل الدستور الذي عرض على الاستفتاء في الفاتح نوفمبر الماضي، حتى يتسنى لمكوّنات الطبقة السياسية والمجتمع المدني مناقشتها وإثرائها. والأمر نفسه جار مع مشروع قانون الانتخابات الذي يرمي إلى تجسيد مضمون الدستور الجديد حول ضرورة إضفاء الشفافية التامة على المسار الانتخابي وتحقيق مساواة حقيقية بين المرأة والرجل ومشاركة فعّالة للشباب في الحياة السياسية.