"عصر المنوعات" هو عنوان ملف العدد الجديد الذي خصصته مجلة الإذاعات العربية "1-2009"، بمساهمة نخبة من الباحثين وأساتذة الإعلام والاتصال المنتمين إلى عدة بلدان عربية هي مصر، الإمارات، لبنان، الكويت وتونس. والمنوعات التلفزيونية والإذاعية، بما هي برامج للترفيه والتسلية والمسابقات، شهدت في السنوات الأخيرة تطورا سريعا وتجديدا لافتا في مستويي الشكل والمضمون، مسايرة لإيقاع العصر، ويتضح ذلك جليا مع انفتاح الفضاء الاتصالي العربي، وما أفرزه من تنامي عدد القنوات الفضائية، ولا سيما المتخصصة ودخولها حلبة المنافسة، وتمحورت مواضيع الملف حول الأبعاد الثقافية الضمنية لبرامج المنوعات، البث الفضائي ودوره في تطوير وإنجاح بعضها على مستوى الساحة العربية، مواصفات مقدم المنوعات وانعكاساتها على مستوى المنتوج، ظاهرة النجومية ومختلف توظيفاتها... وتستوقف القارئ "إضاءات" تناول فيها الأستاذ صلاح الدين معاوي، المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية، موضوعا على قدر كبير من الأهمية في الوقت الراهن، وهو حماية الناشئة مما تقدمه بعض وسائل الاتصال الحديثة، ونعني تحديدا المواقع المشبوهة على شبكة الأنترنت والفضائيات الهابطة، فمع الإقرار بما بلغه الذكاء البشري من نجاحات باهرة، وبأهمية الدور الذي تضطلع به الوسائط المتطورة وانعكاساتها الإيجابية على مختلف مجالات الحياة، إلا أن ذلك لم يصرف النظر عن بروز إشكالات تهم بالدرجة الأولى استعمالات الأطفال والشباب لهذه التكنولوجيات الدقيقة والمستحدثة. وقد بات هذا الواقع الاتصالي مبعث انشغال الحكومات والمنظمات والأسر والمربين وسائر مكونات المجتمع المدني، وجعل أصواتا تنادي بضرورة حماية الناشئة من المخاطر التي تتهدد سلامة شخصيتها ونموها المتوازن، واستحضر المدير العام للاتحاد في هذا الصدد، المبادرات التي اتخذت على الصعيدين الدولي والعربي، على غرار "وثيقة التزام تونس" الصادرة عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات "2005"، ووثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي العربي التي اعتمدها مجلس وزراء الإعلام العرب "2008"، وإقرار الاتحاد الدولي للاتصال "2009"، لحماية الناشئة. وأكد الأستاذ صلاح الدين معاوي، أن الشأن يدعو إلى تكثيف الجهود لتوعية الأطفال والشباب وإرشادهم إلى توظيف وسائل الاتصال الحديثة التوظيف الأمثل، بما يجنبهم الانزلاقات والانحرافات التي يمكن أن يؤدي إليها الاستعمال السلبي لوسائل الاتصال، كما يستوجب الأمر وقفة دولية وعربية حازمة، وتعميق الوعي والتفكير وبلورة التصورات في الحقلين البرامجي والتكنولوجي، حول أنجع السبل لمعالجة الظاهرة والعمل على استحداث الآليات الكفيلة بالتصدي لها واستبعاد آثارها غير المحمودة، بما يحفظ التوازن بين متطلبات الحرية ومقتضيات المسؤولية، وما يرافق ذلك من ضوابط ومعايير ضرورية لحماية الناشئة وتربيتها على ثقافة الابتكار والإضافة والإبداع. ومن جهة أخرى، تضمن العدد دراسة عن حركية المسار الوسائطي بين التصور التراثي والإنجاز الحداثي، وكذلك بحثا يتعلق بالحرب على غزة والأداء الإعلامي، قراءة في ما وراء الخطاب، طرح صاحبته الأسئلة المحورية التالية: إلى أي مدى يبقى الفصل بين الإعلام والاتصال قائم الذات، هل تداخل الإعلام والاتصال فاضمحلت المساحة الرمادية بين الذاتي والموضوعي؟ هل انسلخ الإعلام العربي عن قيم الموضوعية والحياة، أم أن ما حصل في المجال الإعلامي نتيجة موضوعية لانعدام سياسة إعلامية عربية ترقى إلى مستوى الأداء المطلوب؟ وما المطلوب، وممن، وكيف؟ وهل أن المطلوب يقترن حصرا بمجالات الإعلام والاتصال، أم أن المطالب تندرج جميعها في مشروع عربي أشمل آن الأوان لأن يتبلور ويتحقق؟ ومن العناوين الأخرى المصاحبة لهذا العدد الجديد من مجلة الإذاعات العربية، التربية الإعلامية ورهان دعم المناعات، والتخطيط في العمل التلفزي، والوظيفة الثقافية للقنوات الفضائية العربية، والاتصال الرقمي التفاعلي في عصر الإعلام الجماهيري، وأضواء على المؤتمر العالمي المشترك لتنسيق الموجات الإذاعية القصيرة. ويقترح ركن "نافذة على هيئاتنا"، مجموعة من الأخبار تعكس الحراك الإعلامي والبرامجي الذي يدور داخل الإذاعات والتلفزيونات العربية، في إطار الحرص على مد جسور التواصل بين هذه الهيئات، من خلال التعريف بتجاربها وتعزيز التقارب وتبادل الخبرات بين المهنيين.