الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير هو محطة ضرورية لتقييم وقياس درجة التطور الذي بلغته المهنة في بلادنا، فلا أحد ينكر أن حرية التعبير مكفولة قانونا وعززتها التزامات السلطات بحماية الصحافيين من كل قيود وضغوطات، ولا أحد يشك في مصداقية حرص رئيس الجمهورية شخصيا على ضمان هذا الحق. لكن الذي لا يمكن أن ننكره في الواقع هو أن العقليات البالية مازالت سائدة وتقف حجر عثرة أمام قيام الصحفي بمهمته ودوره في المجتمع على أحسن ما يرام، من خلال الامتناع عن تقديم المعلومات التي من شأنها أن تفيد القارئ وتجنب البلاد الكثير من المشاكل، وكم من أحداث وقعت سببها غياب الاتصال على المستوى المحلي. وما نعانيه اليوم هو غياب استراتيجية اتصال بحيث تتعامل الكثير من القطاعات والمؤسسات مع وسائل الإعلام وفق نزوات المسؤول وعلاقات المحاباة، حتى أن بعض الأخبار تسرب ممن يفترض فيهم التحفظ رغم إضرارها بمصلحة البلاد. ثم أن المسؤولية يتحملها أيضا أصحاب المهنة الذين لم يتمكنوا لحد الآن من تأطير أنفسهم في تنظيم يدافع عن المهنة ويحميها من الطفيليين الذين لا يشرفونها، ويعمل على تحسين الوضع المهني والاجتماعي للصحافيين، لأن الصحافي الذي يعرض مشاكل الآخرين قصد معالجتها من طرف الجهات المعنية، نادرا ما يتحدث عن مشاكله الاجتماعية. إن غياب تنظيم نقابي يمثل رجال المهنة ساهم في تعقيد الوضعية الاجتماعية، وكذا في انحرافات وانزلاقات أساءت للمهنة أكثر مما خدمتها، ذلك أن التنظيمات الموجودة حاليا لم ترق بعد لتكون في مستوى تطلعات أصحاب المهنة، لأنها تخضع لكل الاعتبارات إلا اعتبارات النهوض بالمهنة، لتبقى مهنة المتاعب تسمية صالحة لكل مكان وزمان.