يصدر المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة 1 نوفمبر في الأيام القادمة كتابا هو عبارة عن دراسة علمية لمجازر 8 ماي 1945، يقدم تفاصيل مهمة وموثقة عن هذا التاريخ الذي تحاول فرنسا اليوم محوه من تاريخها الاستعماري المظلم. تتناول الدراسة مجازر 8 ماي باعتبارها حلقة من حلقات المسلسل الدرامي التراجيدي الذي لعبت فيه فرنسا" دور البطولة "من خلال ممارستها لأساليب جهنمية في تعاملها مع الشعب الجزائري، الذي عبر عن معاناته وصموده أمام ترسانة الجيش الفرنسي، واستطاع هذا التاريخ تسجيل لحظة اللارجوع نحو ثورة التحرير الشامل. بشاعة المجازر وتوقيتها واستهدافها للعزل طرحت أسئلة عدة حول حقيقتها، وهل تم فعلا التخطيط لها، ومن كان المسؤول المباشر عن وقوعها، وهل كان ذلك هو الجزاء الأمثل الذي تكافئ به الدولة الفرنسية آلاف المتظاهرين الجزائريين المحتفلين بنصرها على النازية، علما أن شباب الجزائر كانوا في الصفوف الأولى للحرب مع الدول المتحالفة. إن قلة المصادر والوثائق تقف عائقا أمام الكشف عن جميع جوانب الملف، إلا أن هذا الكتاب سيتم من خلاله الإلمام ببعض زوايا الأحداث، ونفض الغبار عن بعض مناطق الظل، وللإشارة فإن الملف من إعداد السيدة منصور وزناجي حكيمة، وهي مكلفة بالدراسات في المركز. ينقسم الكتاب إلى عدة فصول، الفصل الأول يتناول أوضاع الجزائر أثناء الحرب العالمية الثانية، ويتناول في مبحث خاص الحركة الوطنية بين السر والعلن، أما الفصل الثاني فخاص بوقائع مجازر 8 ماي عبر بعض المدن الجزائرية، وهي سطيف وضواحيها، خراطة، جيجل، القل، عنابة، ?المة، واد الزناتي، وقسنطينة. وأما الفصل الثالث فخاص بشمولية المظاهرات والرابع بالأسباب العميقة لمجازر 8 ماي، والخامس عن تصدي السلطات الفرنسية للمظاهرات، والسادس حول الموقف السياسي الفرنسي من المظاهرات، والسابع عن موقع الجامعة العربية، أما الفصل الاخير فيتناول انعكاسات 8 ماي على الصعيدين السياسي والشعبي. الخاتمة خاصة بشهادات من عاشوا الحدث، وقد ضمت قصائد من الشعر الملحون تخلد المجازر، كما قدمت في ملحق الكتاب قصاصات من الصحف الفرنسية التي تناولت المجازر حينها، هذا وعلى الرغم من العدد الهائل للضحايا الذين سقطوا تحت نيران العدو والذين اختلف المؤرخون حول عددهم الحقيقي إلا أن مجازر 8 ماي كانت لها انعكاسات إيجابية على مسار الحركة الوطنية بالجزائر، وإن تباينت من تنظيم لآخر ومن شخصية لأخرى، ولقد عدلت هذه الأحداث الكثير من المفاهيم والاتجاهات، غير أن المؤكد أن هذه المجازر شكلت النواة الأساسية لتعبئة ثورية تفجرت في 1 نوفمبر1954 فكانت تمهيدا لفكرة الكفاح المسلح، وبقي هذا التاريخ خالدا كما قال الراحل البشير الابراهيمي خلال احتفالات بمناسبة 8 ماي: "يا يوم لك في نفوسنا السمة التي لا تمحى والذكرى التي لا تنسى فكن من أية سنة شئت فأنت يوم 8 ماي وكفى، وكل مالك علينا من دين أن نحيي ذكراك، وكل ما علينا من واجب أن ندون تاريخك في الطروس لأن لا يمسحه النسيان من النفوس".