أبدى السفير الصحراوي السابق في الجزائر، محمد يسلم بيسط، في حوار أجرته معه "المساء"، تفاؤل جبهة البوليزاريو بخصوص الجولة الثالثة من المفاوضات التي تنطلق بعد غد الثلاثاء بمدينة "مانهاست" الأمريكية، وأكد بيسط الذي أوكلت له مهمة الوزارة المنتدبة المكلفة بافريقيا بوزارة الخارجية الصحراوية، تمسك الطرف الصحراوي بالمسار السلمي لحل النزاع مع المحتل المغربي ولكنه لم يستبعد بالمقابل العودة إلى الكفاح المسلح اذا تطلب الأمر ذلك· - لوحظ انطلاقا من نتائج جولتي المفاوضات السابقتين طغيان عامل عدم الثقة المتبادلة بين الطرفين الصحراوي والمغربي ألا ترون أن هذا مؤشر كاف للحكم على فشل الجولة الثالثة من المفاوضات المباشرة التي تنطلق بمدينة مانهاست الأمريكية هذا الثلاثاء؟ * هذا تحليل موضوعي للسلوك السياسي المغربي سواء على أرض الواقع أو على مستوى التصريحات الرسمية، فلا شيء يدعو إلى التفاؤل لأن سلوكهم وخطابهم مغرق في المبالغة والتعنت والعنجهية، والتحليل العميق لما وراء هذا التعنت يظهر مدى الضعف والهشاشة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية للدولة المغربية، وفي اعتقادي أن المبالغة في التعنت هي مجرد محاولة لإخفاء هذا الضعف وهذا هو مصدر التفاؤل بالنسبة لنا فمهما حاولت الرباط أن تخفي ضعفها إلا أنه ظاهر للعيان وسيأتي اليوم الذي ستذعن للأمر الواقع· - ولكن المغرب حمّلكم مسؤولية فشل الجولتين السابقتين شهري جوان وأوت الماضيين بمبرر أن جبهة البوليزاريو لم تتعاط إيجابيا مع مقترح الحكم الذاتي المغربي، وأنتم تُصّرون من جهتكم على التأكيد أن الحل لا يجب أن يتم خارج مبدأ إجراء استفتاء تقرير المصير، وهذا مأزق تفاوض استحال تجاوزه، في رأيكم ماهي الوسيلة لتجاوز هذه الوضعية باتجاه تحقيق تقدم في المفاوضات المباشرة؟· * المقترح المغربي ليس قرءانا منزلا أو مبدأ من مبادئ الأممالمتحدة بل هو مجرد مناورة انتهجها المغرب للتهرب من واجباته ومن مسؤولياته إزاء القضية الصحراوية، وسر المأزق أن المغرب يريد افتكاك الاعتراف باحتلاله للصحراء الغربية وبسيادته على الأرض الصحراوية وهو الحق الذي لا يمتلكه أي طرف سواء المنظمة الأممية أو فرنسا أو أي جهة أخرى لسبب بسيط أن الشعب الصحراوي هو المالك الحصري لهذا الحق· -جولتان من المفاوضات وأنتم مقبلون على جولة ثالثة وإلى حد الآن لم يتم تحقيق أي تقدم ماعدا تحديد مواعيد إجراء جولات المفاوضات، فماذا تنتظرون حقيقة من جولة هذا الثلاثاء؟ * لا أشاطركم الرأي فقد تحقق الكثير في الجولتين السابقتين، فالمغرب لم يعد بإمكانه أن ينفي وجود الصحراويين ككيان وشعب بذاته، كما لم يعد بإمكانه الإدعاء أن حله سحري وتيقن من خلال هذه المفاوضات أن مقترحه هو مقترح مطروح على طاولة المفاوضات مثله مثل مقترح جبهة البوليزاريو لتسوية النزاع· وبالنسبة لنا فإن اللائحة الأممية 1754 الصادرة نهاية أفريل الماضي هي أكبر تقدم تحرزه القضية باعتبارها تؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفق تنظيم استفتاء حر ونزيه في الصحراء الغربية وهي القاعدة السياسية والقانونية التي انطلقت على أساسها هذه المفاوضات· وما يمكن أن نتكلم عنه نحن كصحراويين هو أننا أرسلنا وفدنا المفاوض إلى "مانهاست" بنية صادقة لإنجاح هذه الجولة، ونحن مستعدون لتسديد الفاتورة التي علينا جميعا أن ندفعها من أجل تحقيق السلم والاستقرار في المنطقة، كما أننا ندرك حجم مسؤولياتنا في هذا الشأن وسنبذل قصارى جهدنا لإنجاح هذا المسار التفاوضي بنية صادقة ونمد أيدينا لأشقائنا المغاربة للتعاون من أجل تحقيق السلم الذي يشبه لعبة "الطانغو" التي تحتاج إلى طرفين لانطلاقها· ونأمل من الطرف الآخر أن لا يضيع فرصة إجراء هذه الجولة من المفاوضات المباشرة مثلما فعل مع الفرص السابقة، هذه الجولة التي ننتظر منها أن تنتهي إلى ما حددته اللائحة 1754 · - رهنت جبهة البوليزاريو مستقبل المفاوضات بنجاح الجولة الثالثة، هل هذا يعني أن فشل هذه الأخيرة معناه العودة إلى الكفاح المسلح· *لكل حدث حديث ولكل مقام مقال، نحن حاملون عصا الزيتون ومسلحون بالإرادة والنية الصادقة لاستكمال المسار السلمي ونأمل أن نصل إلى تسوية سلمية وعادلة لهذا النزاع الذي دخل عقده الرابع وفقا للشرعية الدولية واللوائح الأممية التي تحترم حق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها· ونحن متفائلون بهذه الجولة رغم ما يُبديه الطرف المغربي من تعنت في المواقف، وبعد انتهائها وتقييم مجرياتها سيتم تحديد الموقف في حينه، غير أن خيار الكفاح المسلح يبقى مطروحا دائما لأن سبب وجودنا هو تمكين شعبنا من تحقيق استقلاله· - جبهة البوليزاريو تحدثت عن ضغوط أجنبية عليها، هل يعني هذا أن هناك اتصالات سرية تمت بينكم وبين هذه الدول لمقايضة معينة؟ * جبهة البوليزاريو شريك مشهود له بقدراته وبمثاليته بالحرب المسلحة وهي الآن طرف رئيسي مشهود له بصناعة السلام، وبغض النظر على أن جبهة البوليزاريو تمثل الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي إلا أنها لا تمتلك هذا الشعب ولا تملك مصيره ولا يمكنها التصرف فيه ومن أراد تراب الشعب الصحراوي والتحكم في مصيره فيجب عليه أن ينصاع للعملية الديمقراطية من خلال تنظيم استفتاء تقرير المصير· فالشعب الصحراوي يجب أن يقرر مصيره بنفسه والجميع يدعو إلى استتباب الأمن والاستقرار في شمال إفريقيا وهذا المسعى لا يتم إلا إذا شعر الشعب الصحراوي بالعدالة التي حرمه منها المغرب·