استرجع "الخضر" بريقهم، وفاجأوا الجميع بتحقيق الفوز في الكاميرون خارج الديار، حيث مهّدوا بذلك الطريق نحو التأهل إلى المونديال القادم. وأكد فريق بلماضي أن كل شيء يبقى ممكنا في كرة القدم، حيث حقق "الخضر" نجاحا باهرا على ملعب جابوما، من خلال العودة من هذا التنقل الصعب بنتيجة هدف مقابل صفر، وتحطيم الرقم القياسي الذي كان بحوزة الأسود غير المروضة، الذين لم يذوقوا طعم الانكسار في عقر دارهم منذ سنة 2000، فضلا عن أن المنتخب الوطني لم تتح له من قبل فرصة الفوز على نظيره الكاميروني في كل المواجهات التي جمعته به. وتوصل "الخضر" إلى تحطيم هذا الحاجز النفسي الذي حاول الفريق الكاميروني استغلاله لصالحه بملعب جابوما، لكن بقي التأكيد على أحقيته في التأهل إلى المونديال خلال مباراة العودة، التي يحتضنها ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة بعد غد. ولا شك في أن أكثر ما أثار إعجاب الاختصاصيين والملاحظين، تلك الطريقة الجديدة في اللعب التي طبقها الناخب الوطني جمال بلماضي، وبشكل خاص في الجانب التكتيكي، الذي انخرط فيه لاعبوه بدون أي اضطراب، وسايروا أطوار المباراة بالشكل الذي اختاره لهم مدربهم، الذي تمكن في ظروف زمنية قصيرة، من إعداد فلسفة جديدة في كيفية خوض مباراة خارج الميدان من ناحية الدفاع التكتيكي، آخذا بعين الاعتبار نقاط قوة وضعف المنافس الكاميروني، فكم من مرة شوهد حامل الكرة معزولا في وسط الدفاع الجزائري، وهو عاجز عن تمرير الكرة لزملائه المحروسين، لا سيما الهداف أبوبكر، الذي وجد صعوبة كبيرة في خلق فرص التهديف، مثل ما تعوّد فعله في كل المباريات التي يشارك فيها سواء مع منتخب بلاده أو مع ناديه السعودي. جمال بلماضي فاجأ الخصم الكاميروني بفضل التحول الكبير الذي أحدثه على مستوى الدفاع، الذي منع المهاجمين الكاميرونيين من إيجاد منافذ للوصول بسرعة إلى شباك الحارس مبولحي، سواء انطلاقا من وسط الميدان، أو على الأجنحة. خط الدفاع الجزائري لم يتحمل بمفرده ثقل المباراة، كان سنده الكبير ثنائي وسط الميدان راميز زروقي وإسماعيل بن ناصر، الأول لعب في وضعية حامٍ للخط الخلفي، من خلال التصدي لمحاولات المنافس بناء اللعب بقرب منطقة الخطر، في حين أن الثاني سعى بكثير من الجهد، إلى عرقلة تنظيم اللعب الكاميروني انطلاقا من خط وسط الميدان. كما ظهر بشكل واضح، أن عناصر خط الهجوم رياض محرز وإسلام سليماني ويوسف بلايلي، التزموا بتعليمات مدربهم، حيث عمدوا للرجوع إلى الوراء عند ضياع الكرة. وبصفة عامة، فإن ما نسجه الناخب الوطني كان في شكل عمل تكتيكي متماسك ومحكم إلى حد بعيد، بالرغم من أنه أنهك نوعا ما، لاعبينا من الناحية البدنية في ظل الظروف المناخية الصعبة، التي تميزت بحرارة مرتفعة، ورطوبة عالية. صحيح أن الفريق الوطني لم يستغل في تلك المواجهة كل إمكانياته الهجومية، لسبب بسيط، راجع إلى طابع المباراة، التي فرضت على المدرب جمال بلماضي، اعتماد خطة تكتيكية تدعم تشكيلته في تفادي الاتهام بالدرجة الأولى، والحفاظ على حظوظ التأهل في لقاء العودة، وهذا ما يبحث عنه بلماضي، الذي لا ندري ماذا سيحضر للمنافس الكاميروني يوم الثلاثاء القادم على ملعب مصطفى تشاكر، لكن لا داعي للقول إن مهمة الخضر ستكون سهلة في لقاء العودة، حيث إن المنافس الكاميروني لن يجد ما يخسره في هذا الموعد سوى الرمي بكل ثقله في الهجوم، وربما سيكون التنافس على افتكاك تأشيرة المونديال، أكثر شدة مما نتصوره. بلماضي مطالَب، الآن، بمنح أهمية كبيرة لعملية استرجاع الطاقات البدنية لعناصر تشكيلته، لكون الفارق الزمني بين المبارتين قصيرا جدا. كما إن الحديث عن التغييرات المرتقبة في صفوف الفريق الوطني، يبدو أنه سابق لأوانه بعد المفاجآت التي أحدثها الناخب الوطني عند اختيار التشكيلة الأساسية التي أقحمها في لقاء الذهاب.