أكد خبراء أن الزراعة العضوية بالجزائر، تبقى مجالا واعدا بالنظر إلى الإمكانيات المتوفرة، ما جعلهم يطالبون بتطويرها وتعزيز الوعي بفائدتها على البيئة والصحة العامة، بما يستدعي تدعيم الاطار القانوني المنظمة له وخاصة في ظل زيادة الطلب العالمي على منتجاته، بعد ظهور جائحة "كوفيد-19". وبرأي هؤلاء فإن إقدام مختلف دول العالم خلال السنوات القليلة الماضية على تهيئة مساحات فلاحية معتبرة وتخصيصها للزراعات البيولوجية، يحتم علينا في الجزائر التفكير في كيفية الظفر بحصة في السوق الدولية للمواد الفلاحية العضوية والتي تبقى موروثا بالنسبة للجزائر، لا بد من العودة إليه واستغلاله. وأكدت، دوبي ماغي، الخبيرة في اعتماد المنتجات البيولوجية ببرنامج الدعم والتنويع الصناعي وتحسين مناخ الأعمال الممول من طرف الجزائر والاتحاد الأوروبي، أن تثمين الزراعة البيولوجية بالجزائر يبدأ من مرافقة الفلاح وإقناعه بذلك، وخاصة وأن الجزائر تنتج منتجات بيولوجية لم يتم تثمينها ولا إحصاؤها إلى حد الآن. وأضافت أن الفلاح الجزائري، ينتج منتجات عضوية دون أن يدرك تصنيف منتجاته كمواد بيولوجية، بما يستدعي مساعدته على تحديد مختلف المنتجات العضوية والمساحات الزراعية التي يمكن أن تحتضن هذا النوع من المنتجات. وأكدت ماغي، أن منتجات الزراعة العضوية أصبحت تلقى رواجا كبيرا بين مستهلكي دول العالم وخاصة الأوروبية منها، وزاد رواجها بعد تفشي جائحة "كوفيد-19" التي جعلت المستهلكين عبر العالم يتوجهون للبحث عن منتجات عضوية نظيفة وخالية من المواد الكيميائية بما يتطلب توفير مساحات زراعية خالية من المواد الكيميائية لمدة تتراوح بين سنة و3 سنوات والقيام بتحاليل مخبرية دورية لمعرفة ما إذا كانت الأرض مناسبة للزراعة البيولوجية، مع دعمها بأسمدة طبيعية مناسبة. وقالت الخبيرة إن معاهد متخصصة في الجزائر تقوم بهذه المهمة، إلا أن نشاطها مازال محدودا بسبب نقص إقبال المستثمرين على هذا النوع من الزراعات، بدليل أن المنتجات البيولوجية التي تصدرها الجزائر بقيت محدودة جدا، ضمن وضع يجب أن يتغير لصالح تعزيز الانتاج وتطوير عمليات التصدير، خاصة وأن النوعية جيدة ومطلوبة في الخارج. واقترحت لأجل ذلك وضع وسم خاص لهذه المنتجات لتمييزها عن منتجات الدول الأخرى. ودعا، الدكتور عابد فاتح، المتخصص في الزراعة العضوية بجامعة وهران، وزارة الفلاحة، لتكون "حاضنة" للأبحاث المنجزة حول الزراعة العضوية، وأن تعمل على تجسيدها بمبادرات ميدانية من خلال تعزيز إطارها القانوني ونقلها من حالة النشاط الموازي إلى حالة النشاط القانوني المؤطر بضوابط ثابتة. وأوضح أن، الزراعة العضوية لديها دفتر أعباء خاص بها وتستهدف الحفاظ على الصحة والمصادر الطبيعية للبلاد من تربة ومياه جوفية والحفاظ على خصوبة دائمة للأراضي الزراعية، ما يجعلها مرادفا للتنمية المستدامة كونها تحفظ الجانب البيئي. وأضاف أن الجزائر "ضيّعت الكثير من الخبرة والتراث الزراعي في مجال المنتجات العضوية، رغم أن مساحات الأراضي غير الصالحة للزراعة كبيرة في بلادنا ويمكن استغلالها ومعالجتها باستخدام الأسمدة عضوية وتهيئتها لاحتضان هذا النوع من الزراعات ". وأشار إلى "الخطأ الشائع" الذي يرتكبه عديد الفلاحين باعتقادهم أن الاعتماد على الأسمدة الكيماوية سيحسن مردودية الإنتاج، في حين أن تحسين المردودية يعتمد على مسار تقني كامل وليس على الأسمدة فقط. وأوضح أن الحديث عن الزراعات العضوية يقود إلى الحديث عن وسائل ممارستها خاصة الأسمدة العضوية، التي تعد غير متوفرة بالجزائر حاليا، وهو ما ينبغي الاهتمام به. وقال إن الحل الوحيد لهذه الوضعية يكمن في انخراط الجامعة في هذا المسعى وتسخير المتخرجين من الجامعات في هذا التخصص، إلى جانب المستثمرين بالتنسيق مع الوزارة الوصية والغرف الفلاحية والمعاهد، في ظل الطلب العالمي المتزايد على المنتجات العضوية. وتشير هيئات متخصصة في الزراعة البيولوجية، إلى أن ما يقارب 100 دولة عبر العالم عمدت إلى إعداد تشريعات وتنظيمات قانونية خاصة بهذه الزراعة. يذكر أن رقم أعمال "سوق البيو" عالميا بلغ أكثر من 100 مليار دولار سنة 2018 إلا أن المساحات الفلاحية المخصصة لهذا النوع من الزراعات لا تتعدى 1,5% من إجمالي المساحات المزروعة.