❊ تكريس أسلوب الحوار ومنهج التشاور لتحقيق الاتفاق والتوافق ❊ معالم سياسية جديدة لتجسيد رؤية تشاركية تخدم الوطن والمواطن ❊ لا إقصاء ولا مفاضلة تحت سقف الجزائر الجديدة في ستينية الاستقلال حظيت المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، للمّ الشمل، باهتمام التشكيلات السياسية التي رحّبت أغلبيتها بها، في سياق تطلعها إلى إرساء معالم سياسية جديدة، وفق رؤية توافقية تخدم المصلحة العليا للبلاد. شرع الرئيس تبون منذ أول أمس، في استقبال رؤساء الأحزاب الوطنية والشخصيات الوطنية والمجتمع المدني، قصد إشراكهم في هذا المنحى والاستماع إلى اقتراحاتهم وانشغالاتهم، مع قرب الاحتفال بستينية الاستقلال التي ينتظر أن تشهد احتفالا مميزا هذا العام. ويرى مراقبون أن هذه المبادرة، دخلت مرحلتها العملية، من خلال حرص الرئيس تبون على فتح باب الحوار مع الأحزاب الوطنية لإشراكها في أي ورشة يفتحها على غرار ما تم مع تعديل الدستور والاستحقاقات الانتخابية الماضية للأخذ برأيها والاستماع إلى انشغالاتها وتبني اقتراحاتها لإثراء المشاريع المقدمة. فبعد رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة ورئيس حزب جيل جديد سفيان جيلالي، عبرت بعض الأحزاب تأييدها لهذه المبادرة على غرار حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي وصف قرار الرئيس تبون ب«الشجاع"، في حين تترقب أخرى لقاءات مع الرئيس تبون قصد الاطلاع على تفاصيل أكثر حول هذه المبادرة التي لم يعلن بعد عن تفاصيلها. واعتبر التجمّع الوطني الديمقراطي، أن "الجزائر الجديدة" تحتاج لتعاون وثيق بين مكونات الطبقة السياسية والقوى الحية في المجتمع، ونبذ الخلافات وتجاوز ما يعكر الصفو ويؤدي إلى الفرقة وتشتيت الصفوف بين أبناء الوطن الواحد في الداخل والخارج، مشيرا إلى أن "الرئيس تبون يحوز وحده الأدوات القانونية والشرعية السياسية الكفيلة بلمّ شمل الجزائريين، وتوحيد جهودهم وكلمتهم لمواجهة التحديات ودرء المخاطر والتهديدات". كما أعلن حزب جبهة التحرير الوطني عن انخراطه الفاعل في إنجاح مبادرة "لمّ الشمل"، التي جاءت "تعزيزا للإرادة الصادقة لرئيس الجمهورية في تجاوز الماضي بسلبياته وصراعاته وأحقاده وإزالة كل مخلفاته، وتأمينا للجزائر في مواجهة مختلف التحديات التي تحيط بها، في وقت يعاني العالم من عديد التوترات والأزمات، بكل ما لها من تداعيات خطيرة". ورغم "التحفظ"(..) الذي أبدته بعض أحزاب المعارضة بسبب عدم اطلاعها بعد على مضامين المبادرة، إلا أنها عبرت عن عدم معارضتها لها من حيث المبدأ، من منطلق أنها مع كل مبادرة لصالح الجزائر ولمّ الشمل وطي صفحات الخلاف وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الداخلية والتهديدات والخارجية. دعوات للالتفاف حول مسعى الرئيس يأتي ذلك، في الوقت الذي أعلن فيه رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، في لقائه التلفزيوني يوم السبت الماضي عشية ذكرى مجازر 8 ماي 1945 عن انطلاق المبادرة، داعيا إلى "الالتفاف حول مسعى إرساء دعائم ومعالم الجزائر الجديدة والتجند وراءه، في إطار سياسة لمّ الشمل التي دعا إليها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون". وكان قوجيل قد أكد أن "يد الرئيس ممدودة للجميع دون إقصاء، باستثناء الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء وأولئك الذين أداروا ظهرهم لوطنهم"، مشدّدا على أن "سياسة رئيس الجمهورية قائمة على مبدأ الجزائر للجميع ويبنيها الجميع". ويرى متابعون أن تصريحات الرجل الثاني في الدولة، تعد بمثابة إيعاز لباقي القوى السياسية في البلاد من أجل الالتفاف حول هذه المبادرة الجديدة المتجدّدة، كونها تهدف لرص الصفوف بين كافة فئات المجتمع وعدم إقصاء أي فئة أو تيار، وإرساء قواعد الحوار والتشاور والتأسيس لثقافة المشاركة خدمة للمصالح العليا للجزائر. المحافظة على النهج النوفمبري جدّد قوجيل، دعمه للمبادرة أمس خلال اجتماع لمكتب المجلس، ضم رؤساء المجموعات البرلمانية، حيث أكد أن "الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لا تألو جهدا في سبيل، والسعي بخطى واثقة نحو تمتين استقلالية اقتصادها وجعله سندا وركيزة لاستقلالية قرارها السياسي". كما أكد قوجيل "انخراط مجلس الأمة في سياسة رئيس الجمهورية، الرامية إلى لم الشمل والاحتواء، الحاضنة لجميع بنات الوطن وأبنائه"، معربا "بأن اليد الممدودة للقاضي الأول في البلاد، تستمد إلهامها ومرجعياتها الأثيلة من بيان أول نوفمبر 1954.. ويعتبرها بحق نوفمبرية الهوية والهوى". وكانت وكالة الأنباء الجزائرية، قد كشفت الاسبوع الماضي عن مشروع رئاسي ل«لمّ الشمل"، أكدت من خلاله أن "الرئيس عبد المجيد تبون يمد يده للجميع، بشكل دائم، ما عدا الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء"، مؤكدة أن "أولئك الذين لم ينخرطوا في المسعى أو الذين يشعرون بالتهميش، الجزائر الجديدة تفتح لهم ذراعيها من أجل صفحة جديدة، وكلمة إقصاء لا وجود لها في قاموس رئيس الجمهورية، الذي يسخر كل حكمته للمّ شمل الأشخاص والأطراف التي لم تكن تتفق في الماضي".