أشرف رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري ونظيره الفرنسي السيد برنار أكويير أول أمس بباريس على التأسيس الرسمي للجنة البرلمانية الكبرى الجزائرية-الفرنسية التي ستعنى بدعم الحوار السياسي بين المجلسين والمساهمة في ترقية أهداف التعاون بين البلدين. وتعتبر هذه اللجنة حسب نظامها الداخلي الذي وقعه رئيسي المجلسين، جهازا مفضلا للتشاور والتعاون بين المجلسين، تم تحديد أهدافها ضمن البروتوكول الإطار للتعاون بين المجلسين الذي وقع بالأحرف الأولى بالجزائر في 21 جانفي 2007. وهي تتشكل من فرعين فرنسي وجزائري يضم كل منهما ثمانية أعضاء يتم تشكيلهما حسب المواضع المتضمنة في جدول أعمال كل اجتماع، ويهدف إنشاءها إلى دعم الحوار السياسي بين المجلسين وتشجيع ودعم التبادلات بين أجهزتهما ومتابعة العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين المجلسين والمساهمة في ترقية أهداف التعاون بين البلدين وتطوير التعاون اللامركزي. بينما تجتمع اللجنة مرة في السنة بقرار من الرئيسين حول جدول أعمال يتم الاتفاق عليه، وتعقد الدورات بالتناوب بين البلدين في مكان يحدده الداعي للاجتماع وباتفاق مع الرئيس المناصف، وقد تم بالمناسبة الاتفاق على أن تعقد اللجنة أول اجتماع لها في الجزائر في أواخر السنة الجارية، على أن يتم لاحقا تحديد المواضيع التي ستتطرق إليها. وقد عبر رئيسا المجلسين الوطنيين عن ارتياحهما للتأسيس الرسمي للجنة البرلمانية المشتركة الكبرى، واعتبرها السيد زياري إطارا هاما تثار فيه المواضيع التي يحددها الطرفان، سواء ذات الطابع الثنائي أو متعدد الأطراف. وأوضح أن الكثافة المتميزة للعلاقات القائمة بين البلدين ونوعية علاقات الصداقة بين الهيئتين البرلمانيتين تمنحان للجنة الكبرى الوزن والمكانة التي تستحقه. وبعد أن ذكر بأن بروتوكول الإطار للتعاون البرلماني الذي يتعين على اللجنة الكبرى تجسيده في الميدان يؤكد على دعم التشاور والتعاون والحوار، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني استعداده للعمل بمعية الطرف الفرنسي على تزويد اللجنة الكبرى بالوسائل القانونية والمادية التي تمكنها من أداء مهمة مفيدة لتوطيد العلاقات بين البلدين. من جهته أبرز السيد برنار اكويير أهمية هذه الأداة البرلمانية، والتوافق الذي ميز المحادثات التي جمعته بالسيد زياري، في اتجاه تأكيد الإرادة الكبيرة على تعزيز العمل بين المجلسين وتعميقه، واصفا اللقاء بالهام والتاريخي. وذكر بالمناسبة بتضاعف اللقاءات بين الهيئتين الجزائرية والفرنسية منذ سنة 1999 بوتيرة "لم نشهدها حتى مع أقرب البلدان المجاورة لنا"، مشيرا إلى أن المبادلات تمت على مستوى الزيارات الرسمية ولقاءات مجموعتي الصداقة والبعثات والتربصات وأعمال التعاون. على صعيد آخر وخلال مأدبة غداء أقيمت على شرفه في اليوم الثاني من زيارته إلى فرنسا أشار رئيس المجلس الشعبي الوطني إلى أن الحوار الذي أرسي على أعلى مستوى بين الهيئتين البرلمانيتين سيمكناهما من تقديم إسهام خاص لصرح العلاقات بين الجزائروفرنسا. واعتبر في الكلمة التي ألقاها بقصر "بوربون" بباريس أن دور المؤسسات المنتخبة وثيق الصلة بهذه العلاقات، لا سيما وأنها على درجة استثنائية من التنوع والكثافة وتعني كل أوجه النشاط السياسي والاقتصادي والثقافي"، مذكرا بديناميكية المبادلات التجارية التي تعرف حاليا تناميا مطردا، في ظل برامج التنمية التي تشهدها الجزائر والتي تلعب فيها التركيبة البشرية دورا هاما. وتأسف السيد زياري في المقابل للمعالجة المتسرعة والسطحية للمعلومات التي تخص الجزائر، مؤكدا بأن الهدف المرجو ليس المطالبة بصورة منمقة، وإنما معالجة موضوعية ومتوازنة للحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبهدف تحسيس المنتخبين الفرنسيين بحقائق جزائر اليوم التي غالبا ما تكون موضوع تعتيم من وسائل الإعلام، قدم السيد زياري حصيلة عن وضعية البلاد، مبرزا الجهود التي بذلتها الدولة لإطلاق مشاريع هيكلية كبرى وتحسين ظروف معيشة المواطن ودعم النمو. وفي هذا الإطار أوضح السيد زياري أنه تم خلال الخمس سنوات الماضية صرف 207 مليارات دولار في إنجاز البنى التحتية، مشيرا إلى أن هذا الجهد الجبار سيتواصل خلال الخمس سنوات القادمة، برصد 150 مليار دولار لإنجاز عدة مشاريع لدعم النمو وتزويد البلاد بهياكل من شأنها تلبية متطلبات بلد يصبو إلى مواكبة العصر وتطلعات المجتمع. وتأسف بالمناسبة لكون أغلبية المتعاملين الاقتصاديين الفرنسيين غير مدركين لهذه المعطيات وللفرص الاستثمارية المتاحة، مقدرا بأن للمنتخبين الفرنسيين دورا لا يستهان به لنزع الموانع وإعطاء نفس جديد للشراكة بين البلدين. ولدى تطرقه إلى التحديات التي تعمل الدولة على رفعها أكد السيد زياري أن الجزائر تريد أن تذهب بعيدا في تعزيز دولة القانون لصون الحريات الفردية والجماعية وضمان حريتي التعبير والصحافة وتشجيع التعددية السياسية وتمكين المرأة من التواجد في الهيئات المنتخبة، موضحا بأن الهدف من هذه السياسة الإصلاحية هو تجذير الثقافة الديمقراطية وروح التفتح والتسامح في المجتمع. للتذكير فقد أجرى رئيس المجلس الشعبي الوطني خلال زيارته إلى فرنسا، محادثات مع رؤساء الكتل البرلمانية الممثلة في الجمعية الوطنية الفرنسية، تناولت العلاقات الجزائرية الفرنسية وسبل تعزيزها ومسألة الذاكرة ومشروع الاتحاد من اجل المتوسط والمسائل الدولية على غرار الصحراء الغربية وفلسطين، كما حضر جزءا من أشغال الجلسة المخصصة لأسئلة النواب الموجهة للحكومة، وأجرى على هامش زيارته لقصر "بوربون" لقاء قصيرا مع الوزير الأول الفرنسي السيد فرنسوا فيون، حيث أعرب الطرفان عن الإرادة في تطوير العلاقات القائمة بين البلدين وتعزيزها أكثر، كما زار السيد زياري معهد العالم العربي وواصل محادثاته مع رؤساء المجموعات البرلمانية ومن بينهم رئيس مجموعة الاتحاد من أجل حركة شعبية السيد جون فرانسوا كوبي، الذي أكد ضرورة مباشرة مرحلة جديدة في العلاقات الجزائرية الفرنسية والالتفات نحو المستقبل، معلنا عن نيته في القيام بزيارة إلى الجزائر خلال السنة الجارية.