تمكن فرقاء الأزمة السياسية في موريتانيا أخيرا وفي آخر لحظة وبعد مفاوضات ماراتونية عسيرة استمرت أسبوعا كاملا من التوصل إلى نزع فتيل هذه الأزمة بتوقيعهم على وثيقة اتفاق تعيد الحياة السياسية في هذا البلد إلى سكتها بعد عشرة أشهر من التيهان. وتضمن الاتفاق الذي سعت عدة أطراف دولية وإقليمية إلى تحقيقه تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة يوم الأحد المقبل إلى 18 جويلية القادم لإجراء الدور الأول مع احتمال تنظيم دور ثان في الفاتح أوت المقبل. وأعلن الجنرال محمد ولد عبد العزيز رئيس المجلس العسكري الحاكم والمرشح لهذه الانتخابات في أول رد فعل إيجابي تعليق حملته الانتخابية حيث عاد إلى العاصمة نواقشوط بعدما أجرى آخر تجمع له في إطار هذه الحملة بمدينة أكجوجت الواقعة على بعد 250 كلم من العاصمة بهدف التوقيع على ما أصبح يعرف باتفاق دكار. كما نص الاتفاق إلى جانب تأجيل تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية على إقامة حكومة وحدة وطنية انتقالية توزع حقائبها بالتساوي بين الموالين والمعارضين للانقلاب في غضون أربعة أيام على أن يقوم الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله بالتوقيع الطوعي على مرسوم يتضمن تشكيل هذه الحكومة من أجل إعطاء معنى للمسار الانتقالي الذي وافقت عليه جميع الأطراف المتنازعة خلال لقاءات دكار. وتمكنت مجموعة الاتصال الدولية حول موريتانيا المجتمعة في دكار منذ ستة أيام من إقناع الأطراف المتنازعة بعد سلسلة اجتماعات تضمنت مشاورات ومفاوضات شاقة من الموافقة على المبادرة التي طرحتها السنيغال بدعم من المجموعة الدولية. ويبدو أن مجموعة الاتصال التي تضم ممثلين عن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الفرنكوفونية قد مارست ضغوطا متزايدة على فريق الانقلابيين لحملهم على تأجيل موعد الانتخابات وهو الأمر الذي كان يرفضه الجنرال محمد لد عبد العزيز مرشح الرئاسيات إلى آخر لحظة. كما تكون قد مارست ضغوطات على فريق المعارضة الذي كانت بعض أطرافه ترفض الانضمام إلى حكومة يشارك فيها الانقلابيون. وبحسب الاتفاق فانه يفترض أن يقوم الجنرال محمد ولد عبد العزيز باختيار رئيس الوزراء بالتشاور مع أحزاب المعارضة. من جهة أخرى نص الاتفاق على أن يعلن الرئيس المطاح به سيدي الشيخ قراره الطوعي المتعلق بولايته كرئيس للجمهورية وهو ما يعني انسحابه لصالح رئيس مجلس الشيوخ الذي يتولى بذلك الرئاسة بالنيابة. وتتولى الحكومة الانتقالية تحديد مواعيد كل العمليات المتعلقة بالمسار الانتخابي خاصة ما يتعلق بالمراجعة الاستثنائية للقائمة الانتخابية والتصديق على ملفات المترشحين. كما تضمن الاتفاق بعض الإجراءات لإرساء الثقة بين الأطراف المتنازعة من بينها إيقاف جميع الحملات الإعلامية الدعائية السلبية والحق المتساوي في استخدام وسائل الإعلام العمومية لكل الأحزاب السياسية.