يعيش الصراع العربي- الإسرائيلي منعرجا حاسما أملته مستجدات الساحتين الشرق أوسطية باعتبارها منطقة الصراعات وظروف الساحة الدولية في أبعادها السياسية والاقتصادية والعسكرية. هذا المنعرج يمكن أن يعطي نفسا للطرف العربي لرفع سقف شروطه في تسوية الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، وعدم التقيد بالمبادرة العربية التي قدمت فيها كل التنازلات، بل ها هي الفرصة مواتية لسحبها وقد أعطت إسرائيل كل مبررات هذا السحب من شارون إلى ناتنياهو. وعندما يرفع ناتنياهو سقف الشروط الاسرائيلية للاعتراف للفلسطينيين بدويلة افتراضية غير قابلة للحياة ويضع على رأس هذه الشروط الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية فإنه يضرب عرض الحائط بكل الجهود المبذولة لحل الصراع سواء جاءت من الدول العربية أو من الدول الراعية لعملية السلام. وبذلك يختصر نتنياهو الطريق ليقول للجميع لا مفر من حل الأمر الواقع الذي تفرضه اسرائيل وهذا من شأنه أن يكون صفعة للأطراف العربية المتمسكة بالحوار والتفاوض، كما من شأنه أن يكون إحراجا للدول الراعية لعملية السلام. وفي كلتا الحالتين لا أحد يلوم الطرف العربي إذا اقتدى بالحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تجاه عملية السلام إذا ما عمد إلى إعادة النظر في كل الأسس التي يعتمدها إلى الآن في خوض هذا الصراع ويستبدلها بأسس أخرى تمليها موازين القوى ومستجدات الصراع. وغير ذلك سيجد العرب أنفسهم أمام مشكل توطين الفلسطينيين واستقبال مالم يرق للدولة اليهودية أن تبقيهم بين ظهرانيها.. فلا حل إذن إلاّ في التصعيد المضاد.