إدانة من هذه العاصمة وتلك ومن منظمات دولية وأخرى إقليمية لقرار شرعنة الاستيطان في فلسطينالمحتلة ثم ماذا بعد.. ما دامت حكومة اليمين المتطرف الصهيونية غير مكترثة وتواصل خطة مرسومة منذ عقود لتكريس الأمر الواقع الاستيطاني؟ سؤال يطرح في كل مرة تشرع فيها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في إقامة مزيد من البؤر الاستيطانية على الأرض الفلسطينية وتتوالى بعدها التنديدات التي لم تزد الاحتلال الصهيوني إلا إصرارا وإمعانا في مواصلة سياساته الاستفزازية والمستخفة بالإرادة الدولية. وهي الحقيقة التي عادت لتتكشف جليا مع إعلان حكومة بنيامين نتانياهو قبل يومين شرعنتها لتسع بؤر استيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة ودعمها ببناء مزيد من الوحدات الاستيطانية ضاربة عرض الحائط بكل مقررات الشرعية الدولية ومواقفها الرافضة للاستيطان، وما أعقب ذلك من موجة ادانة دولية واسعة رغم أنها استنكرت بشدة ممارسات إسرائيل إلا أن هذه الإدانات لم تتعد وكالعادة مجرد كلام كتب بحبر على ورق صدر على شكل بيانات لا تعيرها حكومة الاحتلال أي اهتمام ولا تسمن وتغني الجانب الفلسطيني المتضرر بشيء. فحتى الولاياتالمتحدة التي عادت لتصحح موقفها في عهد الإدارة الحالية بقيادة جو بايدن بالزعم دعمها لحل الدوليتين، راحت تدين قرار إسرائيل بشرعنة هذه البؤر الاستيطانية على لسان وزير خارجيتها لكن من دون أن يصاحب ذلك أي اجراءات ملموسة للضغط على اسرائيل للتراجع عن سياستها الاستيطانية. واكتفى، انطوني بلينكن، بالإعراب عن "قلقه العميق" من قرار حكومة نتانياهو الأخير بشرعنة البؤر الاستيطانية التسعة في الضفة الغربيةالمحتلة. وقال "نحن جد قلقين بشأن قرار اسرائيل المضي قدما في بناء الى ما يصل الى 10 الاف وحدة سكنية والشروع في اجراءات لمنح الصفة القانونية لمستوطنات في الضفة الغربية كان يعتبرها القانون الاسرائيلي بأنها غير قانونية". وأضاف بلينكن أن موقف إدارة بايدن هو نفسه موقف الإدارات الديمقراطية والجمهورية السابقة "الرافضة تماما لمثل هذه الإجراءات الأحادية الجانب التي تؤجج التوتر وتقوض الجهود من أجل مفاوضات حل الدولتين"، محذرا بأن "أي شيء يبعدنا عن حل الدولتين لشعبين يضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل". ونفس موقف الإدانة عبر عنه الاتحاد الأوروبي بدوله الأعضاء ال27 الذي أعلن رفضه لقرار سلطات الاحتلال الصهيوني "شرعنة" تلك البؤر استيطانية، مجددا موقفه بأن المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، وأنه لن يعترف بأي تغييرات لحدود عام 1967 "غير تلك التي يتفق عليها الطرفان". وتضمن بيان الاتحاد الأوروبي، دعوة الكيان الصهيوني إلى وقف بناء المستوطنات وإلغاء هذه القرارات الأخيرة على وجه السرعة في دعوة من المؤكد انها لن تجد آذانا صاغية لدى حكومة احتلال اعتادت ان تتصرف فوق القانون ما دامت لن تجد لحد الساعة أي جهة قادرة على ردعها. وهو ما يجعل من موجة الادانة هذه، التي حتى وإن تترجم الاجماع الدولي برفض الاستيطان، مجرد زوبعة في فنجان لا تزيد ولا تنقص في شيء باعتبار أنه سرعان ما يخمد وهيجها كون لا الولاياتالمتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ولا الأممالمتحدة ولا غيرها من العواصم الدولية والمنظمات مهما كان دورها ومهمتها، قادرة على اتخاذ اجراءات ردعية تضع اسرائيل عند حدها. وهي الحقيقة المرة التي تستغلها اسرائيل لصالح مواصلة مخططاتها التهويدية والاستيطانية للاستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطينالمحتلة أمام انظار العالم الذي لا يحرك ساكنا امام الانتهاكات الصهيونية وإن تحرك فان ردة فعله لا تتعدى الادانة ببيانات سرعان ما يجف حبرها.