من القمّة العربية بجدة السعودية إلى قمة السبعة الكبار بهيروشيما اليابانية، راح الرئيس الأوكراني، فولودومير زيلنسكي، يتنقل من محفل دولي إلى آخر بحثا عن دعم لقضية بلاده في محاولة لإقناع مختلف الدول بالتحرك باتجاه روسيا لوقف عملياتها العسكرية ضد بلاده. واعتبر زيلنسكي مشاركته، أمس، في قمة السبعة الكبار بمثابة انتصار دبلوماسي يحققه كونه شكل مناسبة للقاء قادة هذه الدول لبحث الأوضاع في بلاده ومدى تجاوبها في تلبية مطالبه بمزيد من الأسلحة والعتاد الحربي لمواجهة القوة الروسية. ليس ذلك فقط، فقد اغتنم الرئيس الأوكراني تنقله إلى هيروشيما من أجل عقد لقاءات مع قادة ومسؤول دول تمت دعوتهم كضيوف شرف للمشاركة في القمة ومن بينهم الوزير الأول الهندي ناروندرا مودي الذي سعى الرئيس الأوكراني مرارا إلى إقناعه بتأييد موقفه ضد روسيا وإدانة العملية العسكرية الروسية، وهو ما رفضه الوزير الأول الهندي، بحكم العلاقات القوية بين نيودلهيوموسكو. وهو ما فعله أيضا مع الرئيس البرازيلي لولا داسيلفا الذي حضر جانبا من قمة هيروشيما بالنظر إلى العلاقات القوية التي تقيمها برازيليا مع موسكو من وجهة نظر سياسية أو بحكم انتمائها إلى مجموعة "بريكس" التي تضم جنوب إفريقيا والصين والهند والبرازيل وروسيا. ولكن الرئيس الأوكراني وهو يشدّد على لعب أوراق الدول الصديقة لروسيا لإقناعها بوقف الحرب فإنه لا يتوانى لحظة في التعبير عن ابتهاجه بقرارات الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة بتسليمه سربا من الطائرات الحربية من طراز "أف 16" النفاثة التي يشكل دخولها معادلة المواجهات بمثابة تحول خطير في مجريات الحرب. وهو نفس التناقض الذي وقعت فيه الدول الغربية الكبرى التي طالبت الصين الحليف القوي لروسيا بالضغط عليها وإقناعها بوقف الحرب ولكنها لا تجد حرجا في مواصلة تزويد الجيش الأوكراني بمختلف أنواع الأسلحة والعتاد الحربي محاولة منها لتغليب كفة الحرب لصالح القوات الأوكرانية ضمن رهان استحال تحقيقه بعد 15 شهرا منذ اندلاع الحرب. بل بالعكس فقد اعلنت السلطات الروسية امس فرض سيطرتها على مدينة باخموت الاستراتيجية التي يشكل سقوطها بين أيدي القوات الروسية بمثابة اختراق عسكري حقيقي على أبواب العاصمة ، كييف التي تبقى الهدف الرئيس لقوات الجيش الروسي. ولم يكن لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ليسكت على موقف مجموعة السبعة وقال إن قراراتها تندرج ضمن خطة مدروسة للتضييق على بلاده والصين وخاصة وأن من بين قراراتها، رفضها لكل هيمنة صينية على الاقتصاد العالمي بفضل سياستها الاقتصادية التي مكنتها من التحول إلى ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم وتهديداتها لأمن دول بحر الصين. وأدانت بكين موقف الدول الصناعية واعتبرته فاقدا لكل مصداقية ومحاولة للتدخل في شؤونها الداخلية واتهمتها بالدعوة إلى السلم والاستقرار في العالم ولكنها تفعل ضد ذلك في الواقع من والحرب في أوكرانيا أكبر دليل على ذلك.