أكد المستشار الدولي في الاستثمار الصناعي محمد سعيود وجود آلاف المستثمرين المحليين والجزائريين المقيمين في الخارج وكذا الأجانب، الراغبين في العمل بالجزائر في قطاعات متنوعة، مقدرا في هذا السياق بأن حلّ إشكالية العقار الصناعي والإسراع في تنفيذ أحكام قانون الاستثمار، سيمكن من تجسيد استثمارات هامة تحول الجزائر إلى قطب اقتصادي إفريقي. أوضح الخبير في تصريح ل"المساء"، أمس، أن ما تقوم به الدولة من جهود لتوفير العقار الصناعي، ينبغي أن يرافقه فتح هذا المجال أمام الاستثمار الخاص من أجل امتصاص الطلب المكثف على العقار لإنجاز استثمارات صغيرة ومتوسطة، خاصة في مجال المناولة. ولفت إلى أن مكتب الاستشارات حول الاستثمار الصناعي الذي يشرف عليه، يستقبل يوميا الراغبين في الاستثمار المنتج بالجزائر، لاسيما بعد الإجراءات التي اتخذت لتقليص الاستيراد وعلى رأسها فرض الضريبة الداخلية للاستهلاك، ما يؤكد، حسبه، الاهتمام المتزايد بإقامة مشاريع منتجة محليا ومصدرة لإفريقيا، خاصة بعد المصادقة على اتفاقية التبادل الحر الإفريقية "زليكاف". كما أشار إلى أن الأزمة في أوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد الأوروبي، خلقت حاجة لدى مستثمرين أجانب للبحث عن بلدان ذات تنافسية أكبر لنقل مصانعهم. وهو ما اعتبره فرصة هامة يمكن للجزائر استغلالها لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ظل منافسة إقليمية كبيرة لاستقطاب هذا النوع من الاستثمارات. واستشهد في هذا السياق برغبة مستثمر صيني كان يملك مصنعا بأوكرانيا لإنتاج خيوط البولستير، لتحويل نشاطه إلى الجزائر وجعلها بوابته نحو إفريقيا بصادرات يمكنها أن تدر مئات الملايين من الدولارات سنويا. وقال سعيود إن فرصا مثل هذه يمكن أن تتضاعف بسبب غلاء أسعار الطاقة في أوروبا، ما يفرض حسبه، حل إشكالية العقار الصناعي، مثلما أكد عليه رئيس الجمهورية في عدة مناسبات، معتبرا أن ذلك هو السبيل لإنعاش الاستثمار وتعزيز الديناميكية التي بدأت تتجلى مع إصدار قانون الاستثمار الجديد. ودعا الخبير إلى تنفيذ نصوص هذا القانون لتذليل كل العقبات التي يواجهها المستثمرون وتسريع وتيرة الترخيص لإنجاز المشاريع الخالقة للثروة ومناصب العمل والحيلولة دون انتقال الاستثمارات الأجنبية نحو بلدان مجاورة. كما دعا إلى فتح المجال أمام كل الأفكار الاستثمارية لتتجسد في الواقع، مشيرا إلى أن الجزائر محتاجة لتطوير كل القطاعات دون استثناء، ولذا يجب الترحيب بكل المشاريع، لاسيما التي يمتلك أصحابها الأموال لإنجازها دون الحاجة إلى اللجوء لقروض بنكية. من هذا المنطلق، أعرب عن أمله في فتح مجال الاستثمار في العقار الصناعي للخواص شريطة وضع دفتر شروط يمنع المبالغة في أسعار كراء العقارات، مه تركيز الدولة على المشاريع الكبرى دون اغفال توفير عقارات لدعم الشباب الراغبين في بدء مقاولاتهم بأسعار رمزية، مع العمل على إنشاء مناطق صناعية تامة التجهيز والحرص على حسن تسيير وتوزيع العقارات المتوفرة. للتذكير، كان رئيس الجمهورية قد أمر الشهر الماضي في اجتماع لمجلس الوزراء، بالتحضير لمشاريع ثلاثة مراسيم رئاسية تنظم توزيع العقارات الاقتصادية والسياحية والحضرية، مسديا تعليمات لإنشاء وتنظيم وتسيير المناطق الصناعية "ضمن رؤية جديدة مستقطبة للاستثمار بما فيها الاستثمارات الخاصة".