للمغتربين رغبة قوية في الاستثمار بتمويل ذاتي تسهيل الإجراءات الإدارية من خلال مكاتب في الخارج لأن العقار الصناعي والبيروقراطية أبرز عوائق الاستثمار في الجزائر، فإن حل الإشكال مرهون بإنشاء مناطق صناعية جاهزة بكل المرافق، لتفعيل حركية الإنتاج في أقل وقت ممكن، مع فرض كرائها شهريا وليس سنويا، وفق تقدير المستشار الدولي في الاستثمار الصناعي والسياحي محمد سعيود، باعتبارها منشآت قاعدية تختزل وقت وجهد المستثمر الذي عانى لسنوات طويلة من ثقل الإجراءات الإدارية. أكد المستشار الدولي في الاستثمار الصناعي والسياحي وتجهيز المراكز التجارية محمد سعيود، رغبة الكثير من الجزائريين إطلاق استثماراتهم الخاصة، سواء كانوا مقيمين بأرض الوطن أو خارجه، حيث يفكر المغتربون باستثمار أموالهم بجدية في الجزائر. فمن خلال مكتبه للاستشارة يقوم بتوجيههم إلى مجالات أو قطاعات تعد الأكثر طلبا في الجزائر، كالصناعة، بصفة خاصة صناعة القطن، التي تعد قاعدة أساسية لصناعة النسيج والألبسة وصناعة الحديد، لأن المعامل الموجودة حاليا لا تلبي طلبات السوق الجزائرية وهو ما ساهم في ارتفاع سعره بشكل كبير. فوجود معامل كثيرة تنشط في هذا المجال، يخلق تنافسية ما يؤدي بالضرورة إلى انخفاض أسعاره، نظرا لما يعيشه البعض من معاناة حقيقية بسبب سعر الحديد المرتفع حتى وصل ببعض الشركات الصغيرة إلى الغلق وإعلان إفلاسها. وشدد المختص في تصريح ل «الشعب»، على هامش معرض الجزائر الدولي الأخير، ان صناعة الحديد غير قابل للصدإ أو «إينوكس، خاصة في مجال الغذاء الزراعي، لذلك من الأهمية بما كان امتلاك مصنع لإنتاج هذه المادة الأغلى من الحديد العادي بثلاث أو أربع مرات في الجزائر، ما سيمنح قيمة كبيرة للسوق المحلية أو التصدير. بالإضافة الى مركبات للتكرير لإنتاج مشتقات البترول محليا،فهي تكلف الدولة أكثر من 3 ملايير دولار، لذلك سيخفف إنتاجها محليا من فاتورة الاستيراد بالتوجه الى الإنتاج الوطني لتلبية طلبات السوق والتصدير، خاصة وان الجزائر من البلدان المصدرة للمادة الخام، أي البترول، من خلال عقد شراكات مع دول ذات تجربة كبيرة في هذا المجال، كإيطاليا وألمانيا ودول الخليج كالمملكة السعودية التي أبدت استعدادها للدخول مع الجزائر في شراكة في هذا المجال، معتبرا أنها قطاعات استراتيجية بالنسبة للإقلاع الاقتصادي بوضع أساسات اقتصاد متنوع لتحقيق الأمن الطاقوي والغذائي. المناطق الصناعية الجاهزة... الحل أما فيما يتعلق بالاستثمارات الصغيرة، قال سعيود بضرورة إيجاد تسهيلات لرجال الأعمال، أهمها بناء مناطق صناعية جاهزة بحظائر للكراء، يدفع المستثمر كلفة الإيجار شهريا، كما هو متعارف عليه في العالم أجمع، مؤكدا أن دفع أجرة الكراء لسنة، كما هو موجود حاليا في الجزائر، عامل مثبط أو عائق أمام الاستثمار والمشاريع، لأن الشاب المتخرج من الجامعة الراغب في إطلاق مشروعه الخاص لا يملك رأس المال الكافي لدفعه. لذلك يعتبر عائقا حقيقيا أمام دخوله المقاولاتية، خاصة وأن دفع أجرة الكراء لسنة كاملة غير قانوني. وعليه، لابد من تدخل الحكومة لإعادة الأمور الى نصابها، ليصبح دفع كراء في المناطق الصناعية شهريا وليس سنويا لتسهيل عملية ولوج الشباب مجال المقاولاتية في الصناعة أو حتى الاستثمارات الصغيرة. في ذات السياق، أبرز الخبير أن المناطق الصناعية الجاهزة تسمح بإطلاق الاستثمار في مدة قصيرة، ما يعطي الاقتصاد حركية وديناميكية في مختلف القطاعات، خاصة وأن العقار الصناعي يعد أحد أهم العوائق أمام المستثمرين، بالنظر الى البيروقراطية وثقل الإجراءات الإدارية، حيث كان على المستثمر الانتظار لأكثر من أربع سنوات من أجل منحه عقارا لإطلاق مشروعه، لذلك لابد من تحرير الاستثمار من الإدارة، لربح الوقت وتسريع عملية إطلاق المشاريع ذات التمويل الذاتي، موضحا أن المناطق الصناعية الجاهزة تساهم في إطلاق صناعة في أقل وقت ممكن. أما فيما يتعلق بمناخ الأعمال في الجزائر، قال المتحدث إنه مستقطب لكن وجب إعطاء الأولوية للاستثمار المحلي، خاصة بالنسبة للجزائريين المقيمين في الخارج، لأنهم يملكون إمكانات كبيرة ولهم رغبة قوية في استثمارها داخل الجزائر، فهم لا يريدون قروضا بنكية، بل منحهم تسهيلات لإطلاق مشاريعهم ذات تمويل ذاتي. ولعل المشكل الوحيد الذي يواجههم في أرض الواقع هي البيروقراطية وثقل الإجراءات الإدارية، ما يجعلهم عاجزين عن تحديد تاريخ إطلاق مشروعهم الخاص. يجب تشجيع الاستثمار، بخفيف الإجراءات الإدارية، لذلك يجب ان تعمل الدبلوماسية الاقتصادية في الخارج لجلب الاستثمارات المباشرة، بالإضافة الى فتح مكاتب استثمار في الخارج يستطيع المستثمر اللجوء إليها دون المرور عبر القنصلية. في نفس الوقت، يرى سعيود أن الحل الوحيد لديناميكية ونمو سريعين للاقتصاد هي المناطق الصناعية الجاهزة، لأن الانفتاح العالمي أو العولمة جعلت من الجزائر مطلوبة في مختلف الدول، وأصبحت تحتل موقعا استراتيجيا ومهما في الاقتصاد العالمي، على اعتبار أنها بوابة حقيقية على إفريقيا، وجارة جنوبية قريبة من أوروبا. وشرح في هذا الصدد، أن 50٪ من المنتوج الموجود في الأسواق الأوروبية صيني، لذلك تفضل أن تفتح مصانع إنتاج في الجزائر لتلبية حاجيات السوق المحلية والأوروبية والإفريقية بسبب قلة تكلفتها، فغلاء الشحن عبر العالم أعطى الجزائر موقعا مهمّا للتخفيف من أعبائه، فمثلا يستغرق إرسال حاوية من الجزائر الى أوروبا أقل من يوم بسعر شحن يساوي 2000 دولار، بينما تستغرق الرحلة من الصين شهرا كاملا بسعر شحن يتراوح بين 18 و20 ألف دولار. «هو الوقت المناسب لفتح أبواب الاستثمار الأجنبي أو المحلي»، هكذا وصف سعيود ما تعيشه الجزائر في ظل كل التقلبات الاقتصادية التي يعرفها العالم. واعتبر الفرصة الذهبية لإطلاق صناعة حقيقية تساهم في ديناميكية اقتصادية ترفع حركيتها من قيمة العملة الوطنية وفق معادلة «اقتصاد قوي عملة قوية».