ألهبت فرقة البالي الوطني للكونغو أوّل أمس مدرجات المعهد العالي لفنون العرض ومهن السمعي والبصري ببرج الكيفان، حيث استمتع الجمهور بمختلف الرقصات المعبّرة عن التراث المحلي لهذا البلد الإفريقي. ولاقت العروض المقدّمة والرقصات المتناسقة التي قدمها أعضاء الفرقة الاثني عشر - في إطار المهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر الذي يندرج تحت لواء المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني - تجاوبا كبيرا من طرف الجمهور وذلك لغناها وتنوّعها ومرافقتها العزف على الطبول الإفريقية المميّزة طوال مدّة العرض الذي دام ساعة ونصف. وتعدّ الطبول عمود الموسيقى التقليدية في جمهورية الكونغو -حسب ما أوضحه لواج فريديريك أحد أعضاء الفرقة- إذ لا يمكن الاستغناء عنها لأنّها تعدّ روح هذا البلد لما لها من قيمة ثقافية وحتى اقتصادية لما تدره صناعة الطبول التي تصدر إلى الخارج من مداخيل لهذا البلد، كما أشار إلى أنّ الكونغوليين يصرّون على تلقين أبنائهم أنواع الرقص التقليدي المحلي منذ الصغر كونها تلقنهم مبادئ الاحترام والعيش المشترك ومجابهة الصعاب في ظلّ الأزمات التي تعاني منها القارة جمعاء. وأكد في نفس السياق أنّ مثل هذه "الرقصات الفلكلورية التي تدلّ على معارف الشعوب وتمثّل مرآة اجتماعية واقتصادية لا تعدّ فقط تعابير جمالية تزخر بالألوان وإنّما هي فضاءات وأدوات حقيقية وعناصر تمكّن من الحفاظ والمحافظة على الذاكرة الجماعية وتراثها غير المادي"، وأكّد المتحدّث أنّ "إفريقيا تمتلك تراثا فلكلوريا معتبرا ومحافظ عليه يشكّل مصدر معلومات للباحثين والمؤرّخين الذين يعملون على مواضيع تتعلق خاصة بالإيقاع والرقص" . وجسّدت الفرقة عبر رقصاتها مناسبات اجتماعية مفرحة ومؤلمة وطقوسا دينية افريقية، كما أبرزت من خلال احد عروضها الصراع من اجل الحب وكذا انتصار الحب في زمن الحرب، كما جسّدت أيضا مرحلة العبودية.. إحدى الحلقات المأساوية والمرعبة من تاريخ الإنسانية والتي مرت بها أغلب البلدان الإفريقية السوداء حيث تم التخلص والانعتاق منها -حسب العرض- بتعميق الإيمان بالله وتكاثف الجهود من اجل الوصول إلى هذا الهدف. وتفاعل الجمهور الحاضر مع الرقصات والنغمات المستمدة من عمق التراث والفولكور الإفريقي القديم وذلك في أجواء احتفالية بهيجة شارك فيها الجمهور بتشجيعاته وصيحاته المستحسنة لهذا النوع من الرقص غير المعروف بشمال إفريقيا.