تحدّث الكاتب الغيني تيرنو مونينيمبو، في الندوة التي نظّمت على شرفه في "سيلا23"، تحت إدارة الكاتبة الكاميرونية كاليكست بيالا، عن أدبه وأسلوب كتابته، وكذا عن رؤيته للعالم وآماله في مستقبل أفضل للقارة الإفريقية.لم يُرد تيرنو مونينيمبو التعريف بنفسه أمام الحضور، بل قال إنه لا يعرّف نفسه؛ ولهذا فهو يكتب كثيرا ويختلق شخصيات مختلفة؛ علّه يجد ضالته يوما ما. أما عن حال العالم اليوم، فهي سيئة جدا، حسب الكاتب، في حين أن هذا الأمر جيد بالنسبة للأدب " الذي يُخلق من رحم الأزمات ". وتحدّث تيرنو عن أهمية عدم نكراننا فضل الكُتاب الذين سبقونا، ولكن هذا لا يجبرنا على تتبّع مسارهم، بل على الكُتّاب أن يكتبوا بأسلوبهم الخاص، وحسب تجربتهم في الحياة، خاصة أننا نعيش في عالم سريع التغيرات؛ فمن المستحيل أن يظل الأدب على حاله. كما تطرق الكاتب لمكانة المرأة في كتاباته، فقال إنه يعدّها كائنا مقدّسا، وأن القارة الإفريقية لن تقوم لها قائمة، إلا بحفظها لحقوق المرأة. وبالمقابل، عبّر تيرنو عن غضبه مما يحدث في بلده غينيا، التي عاد للعيش فيها بعد غربة طويلة، فقال إن بلده يناقَش فيها قضايا وهمية، وتُتناسى الأمور المهمة، ولا تُطرح فيها المسائل الجوهرية. واعتبر صاحب رواية "الإرهابي الأسود "، أن الأدب الإفريقي دائما صاحب الحركات التاريخية المهمة. كما إن أدب الشباب الإفريقي لم يعد يهتم كثيرا للمواضيع السياسية في كتاباته، مثل ما كانت عليه الحال مع الكُتّاب القدامى، ومنهم المتحدّث، بل يهتمون بالكتابة عن المواضيع الاجتماعية بالدرجة الأولى. وأكد تيرنو إيمانه العميق بترسيخ الديمقراطية في إفريقيا وإن كان هذا لن يحدث في الوقت الراهن، ولا في السنوات القريبة، لكن شرط أن لا يكون هناك تقليد للغرب، بل أن تطبّق كل دولة إفريقية نموذجها الخاص بالديمقراطية، حسب طبيعتها وتاريخها. وتابع أن الأمور تتغير في قارة إفريقيا؛ فالتغذية أصبحت أفضل، والصحة أيضا، حتى الأنظمة السياسية تطورت بفعل وعي الشعوب بحقوقها. وعن قدرة الأدب في تغيير العالم، أجاب تيرنو بالإيجاب. وأضاف: "على الأقل، يُبرز الأدب أمورا. كان يمكن المجتمع أن لا يراها، وبالتالي تحريك العديد من الأمور، ومَثل في الموضوع، بفلاسفة التنوير في فرنسا، الذين ظهروا في زمن كانت فيه الأمية منتشرة في بلدهم ". أما في ما يخص الصراع بين إفريقيا والعالم الغربي، فقال تيرنو: "ليس كل صراع سلبيا؛ بل يمكن أن يكون إيجابيا، ومبنيا على التبادل، الذي يجب أن يكون اختياريا وليس مفروضا من أطراف معيّنة"، في حين اعتبر أن من الممكن العودة إلى اللغات الإفريقية والتخلي عن اللغة الفرنسية مثلا، لكن هذا يتطلب عملا كبيرا وتحديثا لهذه اللغات، وهو ما لم يتم تحقيقه إلى حدّ الساعة. ودعا إلى مزيد من التكتّل بين الدول الإفريقية في زمن التكتلات العالمية، منوّها في السياق، بإنشاء الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، ومطالبا بأهمية أن تزيد وتيرة التبادل التجاري بين الدول الإفريقية. وختم صاحب رواية "بلاد" حديثه بالتأكيد على أمله الواسع في الجيل الجديد من الشباب الإفريقيين، الذين سيخدمون القارة، التي حتما ستكون جنة بعد خمسين سنة، إلا أنّه لن يكون حيّا حينها، ليكون شاهدا على هذا النصر.