للكلمة أجراس خيوطها المشاعر وأصواتها القلوب، وكلما ضربت هذه الأجراس هرعت هذه الأحاسيس لأداء طقوس القداسة والعرفان، وانحنت في كبرياء الكبرياء الذي لا يستقيم إلا باستقامة الكلمة الصادقة التي لا تبحث عن "مكياج" ولا زخرف القول، وإنما تبحث عن مؤمنين بالحق صادقين للصدق، وهكذا كانت الثورة الجزائرية تفعل أجراسها في كل القلوب فتملأها عنفوانا وتعمرها إيمانا بأن للنصر أنغام خاصة وللدماء الزكية رائحة خاصة وللكلمة رسالة خاصة، وهكذا كان الأدب إبان الثورة الجزائرية، الذي خصصت له وزارة الثقافة في مجلتها الثقافية عددا خاصا، عنونته ب "الثورة الجزائرية·· العمق الأدبي والبعد الحضاري"· هناك من يظن أن الرصاصة وحدها من تحسن عزف المقاومة وتخط بحروف النار والنور، وينسى أن الكلمة هي التي أبدعت الرصاصة وحشتها بكل أنغام الحرية وعبدت لها الطريق من على القمم، لتصنع النصر الذي تولد فكرة ثم تحول إلى حقيقة فكان الكلمة والعهد، والعقد والعزم، مجلة "الثقافة" وفي إطار "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، أبت أن ترى الثقافة إلا من على طريق الحرية والثورة الجزائرية، وأبت أيضا إلا أن تستضيف لسان الثورة الجزائرية من شعراء وكتاب وتحفظ لهم مساهماتهم في بناء المجد والنصر، فكان العدد 15 من مجلة "الثقافة"، عدد الأدب والثورة، الشعر والصحافة، وفي هذا الإطار المشتعل بالنور والنار، استهلت السيدة الوزيرة في كلمتها الافتتاحية لهذا العدد "تخصيص عدد خاص من مجلتنا هذه لأدب الثورة وبمناسبة هذه السنة بالذات·· في إحياء ذكرى ثورة نوفمبر الغالية·· وإبراز ذلك الأثر الكبير الذي تركته ثورتنا التحريرية في العقل والوجدان العربي"· أما رئيس التحرير الأستاذ محمد سليم قلالة، فقد أكد أننا من خلال هذا الأدب "ندرك حقيقة عظمة هذه الملحمة التي صنع بطولاتها الشعب الجزائري· وقد تميز هذا العدد بتناول أغراض أدبية وصحفية ودراسات وحوارات، فيستهل العدد بموضوع تحت عنوان "الثورة الجزائرية في الأدب العربي" أعده خالد معمري، والأستاذ فرحان صالح تناول موضوع "مفهوم الثورة والبناء"، وابن السائح الأخضر تناول عملية" تثوير القصيدة العربية"··· أما قسم الدراسات فقد تناول عدة أبحاث منها: "الثورة الجزائرية وثقافة المقاومة في الشعر العربي الحديث"، "حضور الثورة الجزائرية في الوجدان الأدبي بالمغرب"، "الأدب الشعبي والمسألة الوطنية"، "فلسطين في الشعر الجزائري" و"ثورة عظيمة من شعر عظيم الفكر"· وفي الحوارات نجد حوارا مع الدكتور محمد شيا :"الثورة التحريرية الجزائرية·· وجه أدبي ووجه حضاري"، وفي باب المقالات فقد ضم العدد العديد منها "الثورة الجزائرية في شعر بدر شاكر السياب جدلية الموت والحياة"، "الثورة الجزائرية في الشعر العربي في مصر" ، "صدى أحداث 8 ماي في الأدب الجزائري المعاصر"، و"الثورة الجزائرية في الإعلام العربي"· كما تناول العدد شاعر الثورة الجزائرية "مفدي زكرياء" من خلال بورتري "مفدي زكرياء، صدى العروبة وشذى الكفاح"· أما من الجانب التاريخي فقد كانت مدينة ميلة محطة من محطات ما قبل التاريخ، المسرح هو الآخر كان حاضرا في هذا العدد عبر موضوع "من الأدب الجزائري: المسرحية والأنشودة الثورية"، وهناك قصائد شعرية وتراجم للأدباء والشعراء وإصدارات وأبعاد· العدد 15 من مجلة "الثقافة" دسم بموضوعاته وأفكاره ومنتقياته الأدبية والإبداعية، حيث يجد فيه القارئ ما يثري معلوماته والطالب ما يمكن أن يستند عليه في أبحاثه من معلومات· كما تزين العدد بكثير من الصور لشخصيات الثورة وشهدائها ولوحات معبرة عن المقاومة، العدد في حجمه المألوف وبغلافه الجميل الذي تزينه لوحة من لوحات المقاومة، يحتوي على 194 صفحة·