أصبحت فكرة تعديل الدستور مادة إعلامية خصبة فتحت الأبواب للاستنتاجات والتأويلات والقراءات المختلفة والمتضاربة في كثير من الأحيان· والأكثر من ذلك جاء التناول للموضوع وكأن الدستور مجرد مادة هي المادة 74 المتعلقة بحصر عهد رئيس الجمهورية في عهدتين وتناسي الدستور كمنظومة أحكام وقواعد تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها واختصاص كل سلطة من السلطات أعد في ظروف معينة لحل إشكاليات معينة فرضها واقع معين وتحديات محددة· ولأن الدستور هو الإطار الذي لايجب أن تخرج عنه القوانين التي تسير حياة الناس والتي يجب أن تكون مسايرة لمتغيرات هذه الحياة وجب معها أن يتم تعديل الدستور ليوفر الإطار الملائم لسن هذه القوانين في مجتمع متحرك بسرعة نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وترقية حقوق الإنسان· ومادام أي تعديل للدستور يعرض على الشعب للفصل فيه مباشرة بعد أن يناقشه ممثلوهم في الغرفتين البرلمانيتين فإنه لاخوف من اختيار الشعب وبالتالي لايتطلب الأمر ممارسة أي وصاية عليه لأن ذلك يتنافى مع مبادئ الديمقراطية المنشودة· وحتى وإن تعلق الأمر بتمديد عهدة رئيس الجمهورية لاعتبارات مختلفة وموضوعية وجب العودة إلى الشعب الذي له الحق في أن يرفضها أو يقبلها انطلاقاً من مبدأ أن "الأمة لا تجتمع على باطل"·