تتعمّق مآسي سكان غزة على كل الأصعدة والجبهات في ظل مجاعة قاتلة تزداد تفاقما خاصة في محافظات الشمال التي لا يزال يتواجد بها نحو 700 ألف فلسطيني دون أكل ولا شراب ولا مأوى، ووسط تأهب صهيوني وشيك لشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح جنوبا بكل ما تحمله هذه المقامرة من عواقب وخيمة على شعب أعزل يحلم فقط بالسلام والأمان. الكيان الصهيوني الذي لم يتوقف عن قصف القطاع المنكوب ليلا نهارا على مدار خمسة أشهر، يواصل سياسة التجويع التي بدأها بالتزامن مع شنّ عدوانه الهمجي بفرض حصار مطبق وخانق على غزة التي منع عنها أدنى مقومات الحياة من ماء وطعام ودواء.. وأكثر من ذلك واصل تدمير كل البنى التحتية ومنها شبكة الطرقات بما أصبح يعيق وصول شاحنات الإغاثة إلى الأماكن المتضررة والسكان المحاصرين والمعزولين في رقعة جغرافية ضيقة. ولم تعد نداءات الأممالمتحدة ولا مسؤوليها ولا وكالاتها ومنظماتها ولا حتى دعوات المجتمع الدولي بضرورة إغاثة سكان غزة ووقف المجزرة تجدي نفعا والاحتلال ماض بوقاحته وعنجهيته في تحديه لكل العالم الذي بقي عاجزا أمام آلة التقتيل والدمار الصهيونية. وأمام استمرار القصف العشوائي، اضطر برنامج الغذاء العالمي إلى إعلان تعليق المساعدات إلى شمال القطاع حتى تسمح الظروف في القطاع بتوزيع آمن في قرار أقر البرنامج الأممي أنه سيزيد الوضع تدهورا. تحذير من كارثة إنسانية عالمية في محافظات الشمال حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس، من كارثة إنسانية عالمية يذهب ضحيتها مئات آلاف الأطفال والنساء، وقال في تصريح صحافي أمس، إن "المجاعة تتعمق يوما بعد يوم في محافظات قطاع غزة الذي يعيش فيه قرابة مليوني و400 ألف إنسان"، مضيفا أنها تتعمق أكثر في محافظتي غزة والشمال بما ينذر بوقوع كارثة إنسانية عالمية قد يروح ضحيتها أكثر من 700 ألف مواطن فلسطيني مازالوا يتواجدون في الشمال القطاع. وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن الاحتلال بدأ في تنفيذ سياسة التجويع والتعطيش وصولا إلى المجاعة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها ضد المدنيين والأطفال والنساء في قطاع غزة منذ السابع أكتوبر الماضي. وطالب بشكل فوري وعاجل بوقف حرب الإبادة الجماعية ورفع الحصار وإدخال 10 آلاف شاحنة إغاثة خلال اليومين القادمين وبشكل مبدئي وفوري وعاجل قبل وقوع الكارثة الانسانية. وحمّل نفس المصدر الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي، إضافة إلى الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن هذه المجاعة التي يشاهدها العالم أجمع، داعيا روسيا والصين وتركيا وكل دول العالم الحر والمنظمات الدولية والعربية والإسلامية إلى كسر الحصار بشكل عاجل على قطاع غزة. رفح المهدّدة بالاجتياح البري .. مأساة على وشك الوقوع لا تزال المخاوف الأممية والدولية تتصاعد بشأن الكارثة التي سيخلفها أي هجوم عسكري صهيوني على مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع والتي تعد حاليا الملاذ الأخير لما لا يقل عن مليون و400 ألف فلسطيني قطعت أمامهم كل سبل الحياة. فقد شدّدت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف" على ضرورة حماية أهالي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة "إحدى أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض" من العدوان الصهيوني الهمجي. وقالت المنظمة في منشور عبر حسابها للشرق الأوسط وشمال إفريقيا على منصة "إكس"، إن "رفح إحدى أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض، تؤوي الآن نصف سكان قطاع غزة". وأشارت إلى أنه من "الضروري حماية أهالي رفح الذين نزح العديد منهم مرات عدة" بسبب العدوان الصهيوني وليس لديهم مكان آمن للذهاب إليه. وكان ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية، ريتشارد بيبركورن، قال إن شنّ هجوم عسكري صهيوني على مدينة رفح "سوف يتسبب في كارثة لا يمكن تصوّرها". وأضاف أن "الهجوم سيؤدي إلى تدمير النظام الصحي في قطاع غزة بشكل كامل". ونفس التحذير أطلقه منسق الأممالمتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، الذي أكد أن الوضع في قطاع غزة "كارثي"، محذرا في الوقت نفسه من أن شنّ عدوان بري صهيوني واسع النطاق في مدينة رفح سيؤدي إلى وضع "أكثر خطورة".