يعتمد كثير من الأشخاص، اليوم، في ديكور بيوتهم، على مختصين في مجال التصميم الداخلي؛ حيث أصبحت بعض العائلات تضع ثقتها الكاملة، في هؤلاء الخبراء، وترمي بمسؤولية تزيين البيت بكل تفاصيله، عليهم، والذين بات بعضهم يروّج لأعماله؛ من خلال عرض خدماته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتوضيح كل تفاصيل العمل الذي يمكن القيام به، مع تحديد فترة تسليم المشروع وفق مساحة البيت، والديكور المرغوب فيه. انتعاش هذه السوق خلال السنوات الأخيرة، واكب مرحلة توزيع السكنات بمختلف الصيغ في إطار السياسة السكنية الوطنية التي تنتهجها الدولة منذ فترة، للقضاء على أزمة السكن، بما فيها صيغة سكنات البيع بالإيجار "عدل"، والتي عمل ومازال يسعى المستفيدون منها، لإعطائها حلة داخلية جميلة، تكون في مستوى العناء والانتظار الذي طال من أجل أن تنعم الأسرة بالراحة، في جو اختارت ديكوره وألوانه بعناية، ساهم فيه مختصون أبدعوا في مجال اختصاصهم. بين البساطة والفخامة قصة اختيار وحلم طويل كسبُ منزل خاص حلمٌ يراود كل إنسان على وجه الأرض. وإضفاء الطابع الشخصي لكل فرد على منزله، هو تكملة لذلك الحلم؛ فكل واحد منذ صغره، له صورة مرسومة أو بالأحرى تُرسم مع الزمن لمنزل أحلامه، قد تكون تفاصيل بسيطة، لكنها تتغير من فرد لآخر؛ بين محبي البساطة، وآخرين من عشاق الفخامة، في حين يفضل آخرون الطبعات المختلفة من حضارات معينة؛ بين عصري، وعثماني، وأرابيسك، وإنجليزي، وإيطالي، وفرنسي، وهندي، وأندلسي، وغيرها من الأنماط التي تلبي ذوق الجميع؛ إذ تختلف فيما بينها في نقاط كثيرة؛ بين الديكور الدافئ والآخر البارد، والبسيط، والمعقد، وأحادي اللون أو الفسيفسائي، وغيرها من التفاصيل الأخرى التي تخلق كل الفرق. ويستميل كل نمط شخصية معينة تختلف وفق البيئة التي عاش فيها، أو وفق تاريخ أو حضارة ألهمته، أو بكل بساطة وفق رغباته الخاصة، والديكور الذي يجد فيه راحته، ومعالمه الخاصة. ويتخرج من كلية الهندسة المعمارية كل سنة، عدد كبير من المختصين، بعضهم في الهندسة المعمارية، وآخرون يختارون تخصص الديكور الداخلي، وبين هذا وذاك يجد الكثيرون صعوبة في ولوج عالم الشغل بدون خبرة مسبقة، لينطلق البعض في رحلة الاندماج في مكاتب الدراسات الهندسية لاكتساب الخبرة والعمل. وهناك من يفضل التوجه نحو عالم الشغل بطابع آخر، وهو إنشاء مشروعهم الخاص، والمتمثل في مؤسسات "الديكور الداخلي فقط" ؛ أي أنك تتسلم المنزل في مرحلة متقدمة جدا من الأشغال لإنهاء اللمسات النهائية، أو ديكور الشقة قبل تسلّمها نهائيا من طرف أصحابها. وتتعدد اليوم تلك المؤسسات المصغرة، بعضها لشباب يعرضون خدماتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يروجون لها من خلال وضع صور وفيديوهات قبل وبعد أعمالهم، لإثارة رغبة الفرد في الاستعانة بخدماتهم لتحمّل مسؤولية ديكورها، وتزيينها وفق أذواق مدروسة، بتفاصيل، أحيانا، يطالب بها صاحب المنزل، وأحيانا يترك البعض الحرية التامة لهؤلاء؛ للاهتمام بمنزلهم وفق ذوقهم الخاص، وخاصة وفق ميزانيتهم المحددة. الديكور وفق الأذواق في هذا الصدد، حدثت "المساء" عددا من المقبلين على تسلّم شقق من صيغة "عدل" . وعن الخطوة الثانية بعد تسلّمهم مفاتيح الشقق وعقودها، بعضهم أكد أن تفاصيل ديكورها وتأثيثها ستكون وفق أذواقهم الخاصة، خاصة أن ميزانيتهم محدودة جدا، ولن يكون في مقدورهم دفع مقابل الأثاث وكذا مقابل خدمات مصمم وخبير الديكور. وفي نظر هؤلاء، تكاليف الاستعانة بمهندس ديكور باهظة جدا، ولا يمكن أي شخص تحمّل أعبائها إلا ميسوري الحال، فيما أبدى آخرون نيتهم الاستعانة بمهندس فور تسلّم الشقة، أمام منافسة لا بأس بها من مؤسسات صغيرة تهتم بإعادة ديكور البيت، موضحين أن عمل تلك المؤسسات متنوع، يجمع بين النظافة والصيانة التي تعيد للبيت بريقه، بالموازاة مع إزالة بقايا عمل الورشة؛ كالطلاء أو الإسمنت أو غيرهما مما خلفته الأعمال، في حين هناك مؤسسات تهتم بإزالة وإعادة بعض التفاصيل التي لا يرغب فيها صاحب البيت؛ كالبلاط، والطلاء، وحوض الاستحمام، وكرسي المرحاض، وحوض الغسيل، والحنفيات، وأبواب الغرف، والنوافذ، وعناصر المطبخ وغيرها، والتي يرغب الفرد في إعادتها تماما إذا ما كانت لا تتناسب مع ذوقه، أو يرى فيها عيبا معيّنا. أما مؤسسات أخرى فتفاصيل خدماتها أكثر دقة؛ إذ تهتم بإعطاء تلك اللمسة الفنية للبيت؛ بين أثاث ثانوي، ومحاولة إدخال قطع تزيد الغرف دفءا أو أخرى تعطي الطابع العصري، أو محاولة اللعب بالخدع البصرية لتوسيع البيت، أو إضاءته أكثر بالاستعانة بالمرايا، أو الإضاءة، أو قطع من الخشب أو النحاس لإعطاء الشعور بالدفء في المكان، أو من خلال الزجاج والتصميم البسيط لنمط الحداثة، أو غيرها من تلك اللمسات التي تلعب دورا مهما في إعطاء الطابع الخاص بالمنزل. الاستعانة بمختص.. أفكار جاهزة وبين هذا وذاك يجد الراغبون في إعادة تزيين البيت، ضالتهم بين تلك المؤسسات التي تمنح، اليوم، هذه الخدمات في الجزائر، وفق ما أكدته وفاء كردالي، مهندسة معمارية وصاحبة مشروع صغير لخدمة الديكور الداخلي، والتي أوضحت أن عملها رفقة زوجها، ينتعش بفضل الصيغ السكنية المبرمجة في إطار سياسة الدولة للإسكان؛ حيث تعمل، اليوم، على عدد من الورشات لشقق تَسلّم أصحابها مفاتيحها قبل فترة لإعادة ديكورها، موضحة أن عملها لايزال يجد صعوبة كبيرة، في ظل حداثة هذه الثقافة في الجزائر، وموضحة أن ضعف القدرة الشرائية للمواطن أيضا، تؤثر، بشكل كبير، على عملها. وأكدت أن الرغبة في استشارة خدماتها دائما موجودة. وهناك الكثير من العائلات ترغب في الاستعانة بمؤسستها، إلا أن تكاليف ذلك تجعل البعض يتراجع ويفضل عدم اللجوء لخدمة المصممين؛ لأن ذلك سيكلفهم مصاريف إضافية. وأضافت كردالي أن رغم كل ذلك يلجأ آخرون إلى خدماتها. وبفضل فريقها الكامل وكذا اتفاقياتها مع بعض محلات بيع السلع التي بموجبها تشتري السلع بأحسن سعر، يتم إعداد ديكور المنزل في فترة قياسية يستحسنها الراغبون في الانتقال سريعا إلى منزلهم الجديد. وعن تكاليف خدماتها قالت المتحدثة إن ذلك يتم وفق مساحة المنزل، ووفق ما يرغب فيه صاحبه من مواد وسلع وديكور، وكذا ما يرغب في تغييره، مشيرة إلى أنه في ظل ارتفاع سعر السلع أصبح التعامل أصعب، ولا يحقق ذلك هامش ربح جيد؛ لأنه يؤثر على رغبة الاستعانة بالخدمات، موضحة أن أقل شيء قد يبدأ بتكلفة 2 مليون سنتيم، وهذا لتأثيث رئيسي للبيت بكل تفاصيله، وقد يصل إلى أكثر بكثير من ذلك، ولكن وفق رغبة الزبون، وما يريد الاعتماد عليه من مواد؛ كالخشب أو الرخام، والحنفيات النحاسية مثلا، أو البلاط الرفيع، أو الأثاث المنزلي، وغيرها من الأمور التي تتحكم، بشكل كبير، في تكلفة الخدمة، لتبقى نسبة موجهة لليد العاملة وفق فترة الإنجاز وتسليم المشروع لصاحب البيت.