أطلقت سلطات قطاع غزة، مجدّدا، مزيدا من نداءات الاستغاثة العاجلة والمحذرة من انزلاق قطاع غزة باتجاه مجاعة حقيقية وبشكل متسارع خاصة في محافظتي غزة والشمال، معلنة عن تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير في ظل القرار الأمريكي والإسرائيلي بمنع إدخال الغذاء والدواء إلى هذا الجزء الصغير من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. اتهم المكتب الإعلامي الحكومي في مؤتمره الصحفي، أمس، الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية بالاتفاق على إدارة وبشكل واضح هذه المؤامرة ضد الإنسانية من خلال العمل الحثيث على استمرار منع إدخال المساعدات إلى القطاع. ووصفها بأنها أسلوب غير إنساني يأتي في إطار حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين في قطاع غزة، حيث يتم ارتكاب جريمة منع إدخال المساعدات والغذاء والدواء كأداة للضغط السياسي من قبل الاحتلال والإدارة الأمريكية. وهو ما فاقم المعاناة الإنسانية وزاد الأوضاع كارثية في جميع المحافظات بشكل ملحوظ.وحذّر من أن شبح المجاعة يكبر يوماً بعد يوم واصبح يُهدد حياة المواطنين بشكل مباشر، بما يُنذر بارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع، خاصة بين أكثر من مليون طفل باتوا تحت التهديد المباشر لسوء التغذية من بينهم 3500 طفل هم أقرب للموت منهم إلى الحياة بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء وانعدام المكملات الغذائية وانعدام التطعيمات التي يُحرمون منها ويمنع الاحتلال إدخالها إلى غزة. إحراق وتجريف معبر رفح دليل على نية الاحتلال في الإبادة الجماعية أوضح المكتب الإعلامي أنه منذ 49 يوما قام الجيش الصهيوني باحتلال كامل لمعبر رفح الحدودي والذي هو معبرٌ فلسطينيٌ خالصٌ يربط فلسطين بجمهورية مصر، وبذلك يرتكب جريمة واضحة ضد سيادة القانون الدولي وضد كل الاتفاقيات الدولية.وذكر بأنه قبل أيام قام جيش الاحتلال بالإعلان عن تجريف وإحراق معبر رفح البري. كما قام جنود الاحتلال ببث مقاطع فيديو تُظهر حجم الدمار الكارثي وفداحة الجريمة التاريخية بإحراق المعبر وإخراجه عن الخدمة بشكل نهائي.وهو ما يُعدُّ خرقاً جديداً للقانون الدولي ولكل معاني الإنسانية والأخلاق، حيث حرم الاحتلال من وراء هذه الجريمة 25 ألف مريض وجريح من السفر لتلقي العلاج في الخارج بعد أن تعمد القضاء على المنظومة الصحية في قطاع غزة وإخراج المستشفيات عن الخدمة وقتل 500 إطار طبيٍ واعتقال 310 آخرين في إطار استهداف القطاع الصِّحي وإخراجه عن الخدمة والوصول إلى جعل قطاع غزة غير صالح للحياة، وبالتالي الوصول إلى هدف الاحتلال بتنفيذ خطة التهجير التي يريدون تطبيقها ضد أهالي قطاع غزة.كما يمنع من وراء هذه الجريمة غير الأخلاقية بإحراق معبر رفح وإغلاق معبر كرم أبو سالم إدخال أكثر من 15 ألف شاحنة مساعدات عالقة على المعابر بما يشكل حكم إعدام على أهالي غزة، الذين أصبحوا يعتمدون على المساعدات في غذائهم اعتماداً كاملاً ووحيداً.وعلى إثر هذه الأوضاع المزرية، أطلقت سلطات غزة نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي وإلى المنظمات الدولية والأممية وإلى كل دول العالم الحر وإلى الدول العربية والإسلامية، إلى الانتفاض من أجل الأخلاق والإنسانية ومن أجل الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة الجماعية. وطالبت بالضغط على الإدارة الأمريكية والاحتلال "الإسرائيلي" بوقف حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين وفتح جميع المعابر البرية وإدخال المساعدات. الرَصيف المائي العائم .. أكذوبة ومؤامرة فضحت النوايا الأمريكية في إطار خطتها الإعلامية لتضليل الرأي العام وبيع الوهم للعالم حول الرصيف المائي العائم، قال المكتب الاعلامي إن الوقائع والميدان تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الرصيف العائم لم يقدم شيئاً في إطار إنهاء جريمة التجويع بدليل استمرار تفاقم المجاعة بشكل خطير وخاصة في محافظتي غزة والشمال، اللتان يتواجد فيهما 700 ألف إنسان يعانون من المجاعة بشكل فعلي وحقيقي. وقال بأن جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، ومن بينها جريمة مخيم النصيرات التي راح ضحيتها 280 شهيد و698 جريح، أظهرت ومن خلال مقاطع الفيديو والتقارير التي تداولتها وسائل الإعلام المختلفة أن الرصيف العائم تم استخدامه في التحضير والانطلاق لتنفيذ مهام أمنية وعسكرية ومن بينها ارتكاب جريمة مخيم النصيرات.وكشف بأنه كان له دور عسكري وأمني رئيسي في هذه المجزرة المُروّعة بموافقة الإدارة الأمريكية واطلاعها، ويشير إلى ذلك أيضاً قرارات متعدّدة بهذا الخصوص ومنها القرار الذي اتخذه برنامج الغذاء العالمي الذي أعلن عن إيقاف إدخال مساعداتهم لغزة عبر الرصيف الأمريكي العائم بسبب مخاوف أمنية.وختم المكتب الإعلامي بالتأكيد على ان المجاعة دليل على أن هذا الرصيف كان وبالاً على الشعب الفلسطيني وأنه لم يقدم 1 بالمئة من حاجة السكان للغذاء، متسائلا عن الدور الحقيقي للرصيف العائم في تقديم المساعدات لأهالي قطاع غزة في ظل المجاعة القائمة؟وقال إن "العالم اليوم أمام محطة تاريخية فارقة، فهو مُخيّر بين أمرين اثنين لا ثالث لهما، إما الاصطفاف إلى جانب الجريمة التاريخية والإبادة الجماعية مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية أو الاصطفاف إلى جانب الأخلاق والإنسانية مع شعبنا الفلسطيني والدعوة إلى وقف حرب الإبادة الجماعية ووقف المجاعة وإنهاء سياسة التجويع التي تهدّد حياة قرابة 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة". 21 ألف طفل مفقود ما بين محتجز ومحاصر تحت الأنقاض.. عندما يدفع أطفال فلسطين ضريبة الجنون الصهيوني كشفت رئيسة قسم السياسات الإنسانية بمنظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية، أليكساندرا سايح، أمس عن حقيقة صادمة، تتعلق بفقدان ما لا يقل عن 21 ألف طفل فلسطيني إما أنهم محتجزون لدى قوات الاحتلال أو محاصرون تحت الأنقاض في قطاع غزة جراء القصف الصهيوني المستمر منذ تسعة أشهر.وفقا للأرقام المروعة التي قدمتها لأليكساندرا سايح فان "هناك ما لا يقل عن 17 ألف طفل فلسطيني مفقود. كما أن هناك حوالي 4 آلاف طفل دفنوا تحت الأنقاض". وقالت، في تصريحات صحافية، بأن قوات الاحتلال الصهيوني احتجزت عددا غير معروف من الأطفال أو نقلتهم قسرا إلى خارج قطاع غزة في وقت "تم العثور على العديد من المقابر الجماعية وعدد غير معروف من الجثث تعود لأطفال مجهولين". وأكدت رئيسة قسم السياسات الإنسانية بمنظمة "أنقذوا الأطفال" غير الحكومية البريطانية بأن آثار عدوان الاحتلال الصهيوني على أطفال غزة "ستمتد إلى وقت طويل". وهي تتحدث عن صعوبة التحقق من هويات الجثث التي تم العثور عليها "خاصة أولئك الذين تم العثور عليهم في المقابر الجماعية"، أكدت سايح أن "فرق حماية الطفل التابعة للمنظمة أبلغت عن حاجتها لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأطفال المنفصلين عن ذويهم وغير المصحوبين، حيث أصبحت تتبع هؤلاء الأطفال مهمة معقدة بسبب الوضع الأمني المتصاعد في غزة" جراء العدوان الصهيوني. وفي نفس السياق، شدّد المتحدث باسم منظمة اليونيسيف، كاظم أبو خلف، أمس، على أن المأساة التي يشهدها قطاع غزة هي انعكاس لفشل المجتمع الدولي في فرض إرادته على الأرض ووقف عدوان الاحتلال الصهيوني الذي طال الأخضر واليابس.وأبرز كاظم أبو خلف، في تصريح إعلامي، أن إجمالي عدد الأطفال الذين استشهدوا خلال هذا العدوان يفوق إجمالي عدد الأطفال الذين سقطوا في عدة حروب مجتمعة في العالم، لافتا إلى أن ذلك يمثل انعكاسا لعدم تحقق الإرادة الدولية على الأرض في قطاع غزة.وكشف المتحدث باسم اليونيسيف إلى أن ما لا يقل عن 800 ألف حالة في القطاع من بينها أعداد كبيرة من الأطفال، تعاني أمراضا تنفسية حادة بسبب عدوان الاحتلال الصهيوني الوحشي والهمجي، علاوة عن تأثر الصغار بانعدام الغذاء بشمال قطاع غزة. وأشار إلى أن المنظمة حاولت خلال الأسبوعين الماضيين الدفع بشاحنة أدوية ومكملات غذائية نحو شمال القطاع تكفي لحوالي 10 آلاف شخص لكن تم إيقافها على إحدى الحواجز في القطاع ومنعها من المرور. طبيب أمريكي ضمن فرق الإغاثة بغزة يروي شهادته.. "رأيت معاناة كل العائلات جراء نقص الغذاء" انتقد الطبيب الأمريكي والمؤسّس المشارك لمؤسّسة "ميد غلوبال" الطبية الإنسانية، جون كالر، الادعاءات الصهيونية، بأن قطاع غزة لا يعاني من أزمة غذائية حادة وهو الذي أكد أنه نفسه شاهد عيان على الجوع الشديد الذي يعاني منه الفلسطينيون هناك. في مقال بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أشار الطبيب كالر بالتحديد إلى مقال افتتاحي نشرته الصحيفة نفسها يوم السادس جوان الجاري عن الدكتور جويل زيفوت وماثيو رابينوفيتش بعنوان "الكثير من المساعدات الغذائية تصل إلى غزة". ورأى كالر أن مثل هذا المقال ليس إلا محاولة لدحض الاتهامات التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية بأن السلطات الصهيونية تستخدم تجويع المدنيين كوسيلة للحرب، مشيرا إلى أنه باعتباره طبيباً محترفاً أمضى وقتاً طويلاً في غزة، فقد رأى بعينه سكاناً يعانون من الجوع الشديد. كما منعت مجموعات الإغاثة من تقديم الدعم لهم.وأضاف الطبيب الأمريكي أنه شارك في بعثات طبية إلى غزة في شهري جانفي ومارس الماضيين وكان نفسه شاهدا على أزمة إنسانية تلعب فيها ندرة الغذاء دوراً رئيسيا، موضحا أن لمعرفة هذه الحقيقة "كل ما عليك فعله هو التحدث مع أي من النازحين". كما لفت إلى أنه من خلال تجربته الشخصية فإن كافة العائلات التي تحدث معها في غزة بلا استثناء اشتكت من عدم كفاية الطعام. ونوّه بأنه ربما يصل غذاء كافي إلى غزة، لكن "التوزيع داخل منطقة الحرب يمثل تحديا كبيرا ولا يصل الغذاء بالضرورة إلى سكان غزة". وأوضح أنه بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، فإن هذه التحديات ليست قضايا جانبية، بل هي محورية في تصاعد الأزمة الإنسانية.وبينما أكد أن المساعدات يجب أن تصل من الحدود إلى مراكز التوزيع ومن هناك إلى المطابخ الجماعية للإعداد والتوزيع على المواطنين، شدّد الطبيب الامريكي على أن تصرفات الجيش الصهيوني تسببت في إحداث أزمة الغذاء الشديدة في غزة، مطالبا بوقف إطلاق النار وفتح الممرات البرية بشكل كامل لتوصيل وتوزيع المواد الغذائية.