انطلقت المسيرة الفعلية للأركسترا السيمفونية الوطنية سنة1997، ومن ذلك اليوم وإلى غاية اللحظة تعمل جاهدة لنشر الموسيقى السيمفونية عبر تراب الوطن. وفي هذا السياق قامت بجولة ماراطونية عبر أربعين ولاية لتواصل دربها بعد رمضان في ثلاث ولايات من الجنوب الكبير. وللتعرف على المزيد من نشاطات هذه المؤسسة، اتصلنا بالسيد عبد القادر بوعزارة مدير الاركسترا السيمفونية الوطنية وأجرينا معه هذا الحوار. خصصت الاركسترا السمفونية الوطنية برنامجا خاصا بالشهر المبجل، حيث ستنظم في التاسع والعاشر من سبتمبر حفلين في كل من قاعة الموقار ودار الثقافة تيزي وزو، وسيكرم بهذه المناسبة الفنان الأصيل وأحد عمالقة الأغنية الجزائرية في اللون القبائلي أكلي يحياتن، وفي هذا السياق أكد بوعزارة جهود الاركسترا في تأسيس تقليد يقوم على تكريم شيوخ الطرب الجزائري في كل الطبوع حتى يتعرف الجمهور على مختلف الألوان التي تتميز بها الموسيقى الجزائرية وهو ما يدخل في الأهداف التي تعمل المؤسسة على تحقيقها. وقال المتحدث إن الأركسترا تعتبر مرآة حقيقية تعكس تنوع الموسيقى الجزائرية وهذا بطابع عالمي أكاديمي خاصة أن المؤسسة تضم موسيقيين جاؤوا من مختلف مناطق الجزائر وخارجها أيضا وهم يحملون شهادات عليا في فن الموسيقى. أما بعد رمضان فستنظم الأركسترا حفلا مشتركا مع المايسترو المكسيكي أليخاندرو سانشيز نافارو، وفي هذا الصدد قال بوعزارة أن تنظيم حفلات مشتركة مع المايسترو من مختلف بقاع العالم مثل اليابان، إفريقيا الجنوبية،فرنسا،البرازيل، ايطاليا، مصر، تونس، المكسيك وغيرها، يتم من خلال الاتصال بهم إما عن طريق وزارة الثقافة التي تتصل بدورها بوزارة الخارجية ومن ثم تتصل هذه الأخيرة بسفارة البلد المايسترو، أو تقوم سفارة المايسترو شخصيا بالاتصال بالسلطات الجزائرية لتحقيق هذا الغرض، وهو ما حدث بالنسبة للمكسيكي نافارو. وعن ظروف تحضير حفلات من هذا النوع، قال عبد القادر أنه تم إرسال الوصلة الجزائرية إلى المايسترو المكسيكي حتى يطلع عليها والعكس صحيح، حيث تحصلت الاركسترا على وصلة المكسيكي مكتوبة بطريقة أكاديمية يفهمها أبناء الموسيقى وسيتم الانطلاق في التدريبات أسبوع قبل الحفل، وهناك حفل آخر بمشاركة مايسترو فرنسي وثالث بقيادة المايسترو زهية زيواني، مستأنفا قوله أن الموسيقى لغة البشرية جمعاء وبها تتبادل الأجناس مشاعرها وعواطفها، كما أن كل بلد يحترم نفسه يتضمن مؤسسات فنية وثقافية ومن بينها الاركسترا الوطنية. بالمقابل، تحدث بوعزارة مطولا عن إحياء الاركسترا السمفونية الوطنية مؤخرا لحفلات في أربعين ولاية من الوطن وأحيانا في دوائر مهمة مثل النعامة وبوسعادة، وستقوم مستقبلا وبالضبط بعد انتهاء شهر رمضان بجولة تحت عنوان "الجنوب الكبير" حيث ستحيي حفلات في كل من تمنراست وإليزي وأدرار، وهذا بمناسبة الفاتح من نوفمبر، ويهدف تنظيم هذه الحفلات التي أقيمت في معظم ولايات الوطن، بالتعريف بالموسيقى السمفونية عبر كامل تراب الوطن. وتحدث بوعزارة عن إقبال الجمهور الكبير على لحفلات الأركسترا فقال أن جمهور الاركسترا كان في البداية نخبويا إلا انه مع مرور الوقت تزايد عدد الوافدين إلى هذه الحفلات، مستطردا بقوله أن الاركسترا قامت بمجهود كبير لجذب هذا الجمهور إذ أنها عمدت في البداية إلى تعويد الجمهور على وصلات حفلاتها من خلال عزف مقطوعات صغيرة من التراث العالمي والتي يعرفها المتلقي، أيضا تقوم الاركسترا بعزف مقطوعات جزائرية محضة بقالب أكاديمي وتضيف إليها آلات جديدة حتى يتعرف المتلقي عليها، وبعدها حين ألف الجمهور الاستماع إلى هذا النوع من الحفلات، قامت الاركسترا بوضع وصلات أطول وعزف أوبرا كاملة والجمهور كان في الموعد. وأشار المتحدث أنه تقريبا في كل حفلات الأركسترا والتي تضم ستين موسيقيا، يتم إدماج كورال الاركسترا السمفونية الوطنية تحت قيادة الفنان رابح قادم وباليه الأمل بقيادة الفنانة نوارة إيدامي، بحيث يتم تقديم لوحات فنية جميلة تمثل مختلف الطبوع الفنية الجزائرية، وتضم أيضا نماذج من الفلكلور الجزائري والريبيتوار العالمي ووصل عدد الفنانين المشاركين في الحفلين اللذين نظما في الثامن والعاشر من جويلية الماضي كلا على حدة، إلى أكثر من مائة وخمسين فنانا في كل من مسرحي الهواء الطلق بالعاصمة ووهران. وأسست الأركسترا سنة 1992، ولم تنطلق فعليا إلا سنة 1997 تحت قيادة الفنان الراحل عبد الوهاب سليم، هذا الأخير استقال من منصبه اثر الصعوبات التي كانت تتخبط فيها المؤسسة وابتداء من سنة 2001 اصبح عبد القادر بوعزارة المتحصل على الماجيستير بكونسرفتوار الدولة لمدينة كييف، تخصص آلة الكمان مديرا لها. "تكوين الموسيقيين" ليس بالأمر السهل، بل يتطلب سنوات طويلة وهو ما أكده مدير الاركسترا الذي أضاف أنه لتكوين موسيقي يتطلب ذلك ست سنوات وبعد عشر سنوات من التكوين يمكن له أن يلتحق بالاركسترا كمتربص، مضيفا قوله أنه من الصعب جدا تكوين الموسيقيين والفنانين بصفة عامة. واعتبر المتحدث أن أغلبية إطارات الاركسترا، يحملون شهادات الليسانس والماجستير من مختلف المعاهد الجزائرية والدولية واختاروا أن يقدموا عصارة ما تعلموه إلى النشء الجديد، مضيفا أن الأركسترا تجاوزت أداء التراث الجزائري والعالمي إلى الابتكار حيث قام البعض من أبنائها بإنشاء مقطوعات جديدة كتلك التي قدمت في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني بالجزائر ومن بينها: "افريكانا" لرشيد صاولي، "عروس إفريقيا" لرابح قدام وتراث الطاسيلي"لنوارة ايدامي". ويقول بوعزارة أن مسيرة الأركسترا لم تكن سهلة ولكن بالعمل الجاد والجهد المضني، استطاعت أن تقف على رجليها وتكسب جمهورها رغم أنها في الحقيقة ما تزال تعاني من صعوبات من بينها النقل حيث تنتقل فرقة الأركسترا في معظم الأحيان إلى ولايات الوطن برا، ناهيك عن إجراءات إيواء وإطعام أعضاء الفرقة التي تتكون لوحدها من أكثر من ستين موسيقيا، علاوة على أعضاء البالي والكورال، أيضا هناك مشكل عدم وجود مقر خاص بالأركسترا وقاعة خاصة للمؤسسة. ويقول بوعزارة أن ظروف المؤسسة تحسنت بفعل مساعدة وزارة الثقافة ولكنه يأمل في وضع أفضل للاركسترا خاصة أن هناك مشروع تخصيص مقر للاركسترا.