أجمع المشاركون في الندوة التي نظّمت على روح المثقف أمزيان فرحاني في إطار سيلا2024 على الخصال الحميدة للفقيد وحبّه لمساعدة الآخرين والتواصل معهم، وكذا ثقافته العالية وطرافته التي كانت تخفي من ورائها قلبا حساسا ومشاعر رقيقة. البداية كانت مع الصحفي بوخالفة أمازيت الذي أدار الجلسة وكشف عن أنه من وظّف أمزيان فرحاني في جريدة "ألجي أكتياليتي" ليعطي الكلمة للسيدة زفيرة أوسلاتي مديرة مدرسة "أرتيسيمو"، التي تحدّثت مطوّلا عن أمزيان فرحاني الذي طالما قدّم تكوينات للشباب في مجال إنشاء المحتوى الثقافي والدليل القانوني في الحقل الثقافي وغيرهما على مستوى المدرسة الخاصة، مضيفة أنّه كان دقيق الملاحظة وجديّا وفي نفس الوقت ظريفا محب للدعابة التي كانت تخفي في الحقيقة، قلبا معطاء وحساسا. وذكرت زفيرة حادثة تتعلّق بفرحاني، حينما تعرّضت لأزمة مع زوجة دبلوماسي إسباني في مطار جزائري، وانزعجت جدا من الحادثة وبعدما عادت الى منزلها اتصلت هاتفيا بأمزيان وقصت له الواقعة، فما كان من أمزيان إلاّ أن يكتب قصة ربط فيها بين ما حدث لزفيرة وبين احتضان مدرسة "أرتسيمو" لوصلة عزف على البيانو لموسيقي اسبانية، وهكذا كان أمزيان يحوّل الأحداث إلى قصص وحكايا. أما صديقه أحمد سعيدي فتحدّث عن الساعات الطوال التي كانت يقضيها مع الصحفي الراحل في الجريدة، مضيفا أنهما لا يشبهان بعضهما البعض إلا في تأخره في المواعيد لكنها استطاعا أن يجدا مساحة للتفاهم. وتحدّث أحمد عن حب أمزيان لمجاليّ الاتصال والثقافة، وكذا عن تعلّق الناس به فقد كان كلّ من يصاحبه مجبّرا على التوقف في كلّ لحظة لأنّ الجميع في العاصمة يعرف فرحاني، حتى عائلة زوجة أحمد المستقبلية آنذاك يعرفها، وهو ما اكتشفه حينما اصطحبه معه للخطبة. وتابع أنّ فرحاني وضع يده في شعار المعرض الدولي للكتاب كذا مرة بالإضافة الى تزويد منظمي هذه الفعالية بالأفكار النيّرة، كما كان ضدّ اتهامات الجزائريين بعدم المقروئية وبالكسل بل كان يرى عكس ذلك. من جهته، عبرّ الفنان دوني مارتيناز عن حزنه لرحيل صديقه الذي طالما تقاسما الكثير معا خاصة قبل العشرية السوداء، فقد كانا مثل أقرانهما في تلك الفترة من الزمن، مشدوهين بأحلام كبيرة، مؤكّدا تميّز فرحاني بثقافة واسعة وفكر متفتّح، وكان يساعد الجميع وإذا لم يستطع ذلك، يقدّم اقتراحا وحلا لمسألة ما. وكان دوني وأمزيان يلتقيان كثيرا بمدرسة الفنون الجميلة حيث كان دوني مدرّسا هناك. كما كتب المرحوم مقدمة لأنطلوجيا قدّمها دوني تتمثّل في مختارات شعرية ارفقها برسوماته، واقترح أيضا عنوانها، ليفترقا في سنوات التسعينات، بفعل العشرية السوداء، ثم التقيا من جديد. وكان دوني يقرأ مقالات أمزيان القيّمة التي كان يكتبها في جريدة "الوطن". وأضاف دوني أنّه خلال معرضه الأخير بدار عبد اللطيف، تحدّث مع أمزيان عن مشروع أدبي وفني كان يريد أن يضيفه الى معرضه التشكيلي إلا أن أمزيان اقترح عليه أن تكون الفعالية عبارة عن شهادات يلقيها من درس عند دوني فكانت بالفعل أمسية رائعة. بالمقابل، كرّم السيد التجاني تامة مدير الكتاب والمطالعة العمومية بوزارة الثقافة والفنون، أرملة الصحفي والكاتب الراحل أمزيان فرحاني التي تلقت هذا التكريم بدموع حارة.