لأنه كان قريبا من الفنانين والأدباء والشرائح الأخرى من المجتمع، ترك بعد رحيله عن الدنيا، فراغا كبيرا. إنه الصحفي المثقف كمال بوسلامة، الذي حلت أربعينية رحيله. وبهذه المناسبة، استحضرت مؤسسة "أحمد ورابح عسلة"، أول أمس، مساره، بحضور عائلته وأصدقائه. بالمناسبة، عبر الأستاذ كميل عسلة عن حزنه الكبير لفقدان كمال بوسلامة، الذي رحل عنا في السابع أوت الماضي، بعد معاناة من مرض عضال عن عمر ناهز 75 سنة، معترفا له باحترافيته وثقافته الواسعة. بعدها، أُحيلت الكلمة لأرملته السيدة أنيسة، التي شكرت الجميع على هذا التكريم، الذي حظي به زوجها الراحل، وحضرته أيضا ابنتيهما، ثم توقفت عن الكلام وغمرت الدموع عينيها، فالذي رحل هو شريك حياتها، والذي طالما تقاسمت معه الكثير. من جهته، تحدث الكاتب الصحفي نجيب سطنبولي عن صديقه وزميله في العمل كمال بوسلامة، حينما عملا معا في القسم الثقافي لجريدة "ألجيري أكتياليتي"، فقال إن كمال كان صحفيا ميدانيا، حيث كانت كل مواضيعه منبثقة من المجتمع، رغم أنها ثقافية. فقد كان صحفيا ثقافيا ومثقفا، مضيفا أنه كان ملتزما بقضاياه وجادا، وكانت مقالاته تلقى قبولا كبيرا من القراء والفنانين والأدباء. أما الأستاذ أحمد تيسة، فذكر لقاءهما في أزفون، حينما ابتعدا عن العاصمة في زمن الإرهاب، وكيف أنه، في ظرف وجيز، أصبح الراحل صديق سكان أزفون الذين سعدوا كثيرا بمصاحبة هذا المثقف الموسوعي، الذي بعد أن مكث إلى جانبهم شهرين، كتب عن منطقتهم مقالين رائعين. وعن كمال، تحدث الكاتب الصحفي محمد بلحي، فقال إن الراحل كان شغوفا ومحبا للحياة، وكان يكتب مقالات مفصلة، وكان بتواضعه يجذب الجميع، بالإضافة إلى مصاحبة زوجته له في الكثير من الأماكن، ما يدل على توافقهما الكبير، أما محمد أرزقي حيمر، فقد قرأ على الحضور رسالة الصحفي أحمد حليل، الذي ذكر فيها فضائل كمال بوسلامة، الإنسان والصحفي، والذي كان يحسن الاستماع لمحدثيه بكل تمعن، وهو ما حدث له حينما حدثه بالقبائلية، رغم أن الفقيد لا يحسنها. بدوره، قال الفنان فريد بن ياع، إنه بفعل صداقته التي فاقت الخمسين سنة مع أنيسة، تعرف على زوجها كمال، الذي اعتبره إنسانا رائعا. في حين قدمت الفنانة جهيدة هوادف كلمة مطولة عن الصحفي، الذي طالما سعدت بمقالاته التي صاحبت معارضها. وأشارت إلى حبه للمعارض التشكيلية، التي كان يحضر جميعها، وكان قليل الكلام، لأنه كان في كل معرض يخزن المعلومات، ويجمع طاقته لكي يكتب فيما بعد مقالات رائعة، فكان بحق سفير ثقافة وتراث بلده، الذي كان يحبه كثيرا. بينما ذكر عزوز حشلاف، تعلق كمال بالميثولوجيا الإغريقية وكذا تكوينه الجامعي في علم النفس. المؤرخ فؤاد سوفي أيضا، كانت له فرصة تقديم شهادته عن الراحل، حيث أكد أن شارع ديدوش مراد الذي كان يلتقي فيه بكمال، لن يعود كما كان برحيل الصحفي المثقف العاشق للتاريخ، مضيفا أنه لم يكن على وفاق مع الراحل في كل ما يتعلق بالتاريخ، إلا أنه يعترف له بالجدية في كتابة المقالات التاريخية. بالمقابل، تحدث قريبه عمر بوسلامة، عن سند أنيسة لزوجها ليس في مرضه وحسب، بل في كل أطوار حياته، وكيف وفرت له جو العمل، وكذا توطيدها لأواصر العائلة. وتقريبا، نفس الشهادة كانت أيضا من قريبة أنيسة التي نوهت بثقافة كمال، وكيف أنها استفادت منها. في الأخير، قرأت أنيسة رسالة كتبها الأنثربولوجي ياسين سي أحمد، الذي كان ينشط حصة إذاعية مع كمال حول المتوسط، ليختتم النشاط بتأكيد محمد بلحي أهمية جمع هذه التكريمات في بنك للمعلومات، في زمن عُرف بحرب الصور، لحفظ ذاكراتنا من الضياع.