اختارت التخصّصَ في الفن التجريدي بعد توجيهات من محافظي معارض بفرنسا. كما ابتغت الاحتفاظ بالأسلوب شبه الواقعي في بعض من أعمالها؛ حتى تبرز أكثر المواضيع التي تهتم بها، خاصة المتعلقة بتراثنا.. إنّها الفنانة التشكيلية مريم موحلي، التي تعرض لوحاتها حاليا بمؤسسة "عسلة" إلى غاية آخر يوم من نوفمبر الجاري. توقّفت الفنانة مريم موحلي عن الرسم بالأسلوب الواقعي، وتخصّصت في التجريدي بعد عرض لوحاتها في أروقة فرنسية، وتأكيد محافظي معارض هناك، على روعة أعمالها المنجزة بالأسلوب التجريدي. لكنّها ولأنها تحب تسليط الضوء على بعض المواضيع خاصة المتعلّقة بالتراث، لاتزال متمسّكة بالفن شبه الواقعي؛ مثل اللوحات التي رسمت فيها نساء بالحايك، ورجالا يرتدون اللباس التقليدي رغم أنّهم جميعهم يديرون ظهرهم للزوار؛ حشمةً؟ غموضا؟ أم لامبالاة؟. وفي هذا قالت مريم ل"المساء" رغم رسمها الفن المعاصر إلاّ أنّه لا يمكنها تهميش التراث في أعمالها، والذي يُعد جزءا منها، فتحاول أن تعكس هذا التأثير بالتراث في لوحاتها. وأضافت الفنانة أنّها عنونت معرضها هذا ب"عرض فني" ؛ لأنّها تريد تسليط الضوء على مواضيع معيّنة، وإبرازها أمام الجمهور. كما تعرض في هذه الفعالية، لوحات، وضعت في أسفلها رملا؛ لإبراز مواضيعها بشكل أوضح، وأخرى كأنها منجَزة بتقنية ثلاثية الأبعاد. كما اعتمدت في العديد من لوحاتها على تقنية السكين. وزوّدت لوحاتها بأشعار صديق لها، رحل عن الدنيا، لكنه ترك من ورائه كلمات تعبّر، فعلا، عن إعجابه الشديد بلوحاتها. وقد أبلغت مريم "المساء" بأنّها ستصدر كتابا يحمل رسوماتها هذه، وأشعار الصديق. وبالمقابل، لم تتوقّف مريم عن الرسم منذ طفولتها؛ فقد كانت تصاحب والدتها الفنانة التشكيلية طاوس حموش، إلى معارضها خاصة بفرنسا، لتشرع في عرض لوحاتها معها. ويتواصل إبداعها المنبعث من دواخلها إلى اللحظة. وقالت ل"المساء" إنّها حينما تستيقظ من نومها تدرك تماما، أيّ لون تضعه في لوحتها، وأيّ موضوع سترسمه. أما عن تخصّصها في الأسلوب التجريدي، فيرجع إلى النصائح التي قُدّمت لها من طرف محافظي معارض بفرنسا، الذين أكّدوا لها روعة أعمالها التجريدية، التي سيكون لها باع أكثر في حال مواصلتها في هذا الاتجاه، علما أنّ الجزائر تفتقد إلى هذا التخصص "محافظ المعرض" ، المُعنى بتوجيه الفنانين التشكيليين، والتعريف بهم، والاهتمام بمسارهم الفني. وتهتم مريم موحلي، حسب تصريحها ل"المساء" ، بالألوان بشكل كبير؛ من خلال ترجمتها ترجمة صحيحة في اللوحات التجريدية، محذّرة من الوقوع في فخّ استعمال غير سويّ للألوان. كما إنّها تمزج بين الألوان، ولا تضعها فرادى، مثلما هو الأمر مع اللون الأزرق الذي تعشقه، وتضعه في لوحاتها بعد مزجه بألوان أخرى، وتبتكر بذلك تدرّجات مدهشة لهذا اللون، الذي دائما نجد لوحات منجزة به، خاصة في معرضها الذي نظّمته آنفا بباب الزوار بعنوان "تجريدية جنونية للأزرق". كما اعتبرت أنّ الرسم التجريدي ليس بالأمر اليسير؛ فالعديد من التشكيليين الجزائريين المخضرمين لم يتمكّنوا من الانتقال من رسم الفن الواقعي إلى التجريدي، لتؤكّد الفنانة أنّ الأمر هنا متعلّق بالموهبة ليس إلاّ. وتعمل مريم في أوقات فراغها على تعليم أبجديات الرسم للشباب، مثلما فعلت بالمعهد الفرنسي بالجزائر بعد تنظيم معرضها هناك، وكذا في المراكز الثقافية، مؤكّدة على أهمية التكوين في سنّ غضة، وهكذا يمكن الفنان أن يكتسب خبرة طويلة مع مرور الزمن. وتأسّفت على حال الفن التشكيلي في الجزائر، الذي لا تراه بخير؛ فالفنان التشكيلي يقاوم لأجل إبراز موهبته في وقت رحل تشكيليون قديرون بعد معاناة من التهميش، لتطالب بأن يكون للجزائر سوقها للفن التشكيلي، وبفتح المزيد من الأروقة الفنية، والتعريف، ومن ثم الاعتراف بالفنانين. وفي إطار آخر، كشفت مريم موحلي ل"المساء" ، عن وضع لوحة من لوحاتها في إشهار تلفزيوني، وكذا في مسلسلات وأفلام عُرضت العام الماضي، وأخرى ستُعرض في رمضان المقبل، بالإضافة إلى كليب غنائي لم ير النور بعد، معتبرة أنّ هذه الفعلة تمكّن من تسليط الضوء أكثر على أعمالها الفنية.