ارتأى الفنان التشكيلي، مراد فوغالي أن يعبّر عن مكنوناته في معرضه المقام حاليا برواق "عائشة حداد"، من خلال اعتماده على الفن التجريدي في أكثر من لوحة، معلنا بذلك عن استعداده لولوج هذا الأسلوب الفني من بابه الواسع وهذا بتخصيص معرضه المقبل له وبشكل مطلق. يعرض المهندس والفنان العصامي، مراد فوغالي، ثلاثين لوحة بالأسلوبين الواقعي والتجريدي، وفي هذا قال ل"المساء" إنّه سعيد بخوضه تجربة الرسم بالأسلوب التجريدي وعرض أعماله أمام الجمهور بعد أن كان يقتصر على الرسم بالأسلوب الواقعي، معتبرا أنّ هذه الخطوة مهمة جدا بالنسبة له لأنّها دفعت به إلى الغوص في أعماقه والخروج برسائل عميقة. ودعا الفنان، الجمهور إلى الاقتراب من الأعمال التجريدية لما فيها من مشاعر فيّاضة ومواضيع حسّاسة تمسّه في الصميم، مضيفا أنّ الفنان لا يمكن إلاّ أن يكون صادقا حينما يقدّم أعمالا بهذا الأسلوب نظرا لعمقه وتوّسعه الكبير، كما اعترف بأنّه حاول من خلال هذه الرسومات أن ينقل القضايا الراهنة، ليؤكّد على قيامه بوضع خطة عمل قبل أن ينجز لوحة تجريدية من حيث اختيار الموضوع وشكله والألوان المستعملة فيه. واعتبر الفنان أنّ انتقاله إلى العالم التجريدي، نقطة مهمة في مسيرته الفنية ليضيف أنّ أيّ فنان يجب أن يمرّ أولا عبر المدرسة الواقعية قبل أن ينتقل إلى المدرسة التجريدية، ليعود ويؤكّد على تكامل الأسلوبين الواقعي والتجريدي وعدم تناقضهما. وفي إجابته على سؤال "المساء" حول رسوماته الواقعية التي غلبت عليها الضبابية وكأنّها أفصحت عن نية صاحبها في الانتقال إلى الفن التجريدي كلية في معرضه القادم، قال مراد "بالفعل هناك نية مبيتة في هذه اللوحات" والدليل لوحته "ميناء الجزائر" التي رسمها بالأسلوب شبه التجريدي وكذا لوحة "ثادارث" التي رسم لها خلفية ضبابية وغيرها". وذكر الفنان بأنّ مهنته كمهندس انعكست على العديد من لوحاته ومن بينها لوحة "أنوار المدينة"، حيث رسم فيها أشكالا هندسية منتظمة بألوان مختلفة وكأنّها تعكس انفجار الألوان التي تنير المدينة التي تبرز بشكل واضح في ظلمة الليل. أما عن استعماله للون الأزرق في أكثر من عمل، فقال إنّه يعود إلى كونه لون كوكب الأرض وكذا إلى اهتمامه الكبير بقضية حماية البيئة. وعن مجموعة الفنان التي رسمها بتقنية أخرى وهي "فوزان" أي الرسم بالاعتماد على الفحم (نتيجة لإحراق غصن شجرة الصفصاف أوشجرة المضاض الأوروبي)، فقال إنّها تقنية جميلة يعتمد عليها في رسوماته التي تنوّعت مواضيعها من القصبة، إلى الأطفال، إلى ورشة لصناعة الفخار وغيرها، وبالمقابل، طلب الفنان من المسؤولين في المجال الثقافي، الاهتمام بالفن التشكيلي وتقديم يد المساعدة للفنان الذي هو بحاجة إلى أن يعمل ويبرز مواهبه بشكل مستمر. للإشارة، اختار الفنان في معرضه هذا عدة مواضيع رسمها بالأسلوبين الواقعي والتجريدي من بينها "الريفي"، "أنوار المدينة"، "طبيعة صماء"، "عتبة الحلم"، "كهينة"، "مطر الشمس"، "القصبة"، "شمس عمراني"، "حدود"، "الترقي"، "ميناء سيدي فرج"، "ظهور الإشارات"،"ما بين فصلين" وغيرها. وفي هذا السياق، رسم الفنان لوحة كبيرة عن القائدة الكاهنة وهي تقف شامخة قرب طفل، كما رسم أيضا لوحة يغمرها اللون الأزرق، لون الحياة، ورسم أيضا ميناء الجزائر حيث خالطت زرقة مياهه سواد الليل، علاوة على لوحة "القوارب" التي غلب عليها اللون البني وكأنها قدمت من عالم آخر، في حين ظهرت لوحة "الأطفال يلعبون الضامة" بتقنية "الفوزان" تظهر طفلين يلعبان "الضامة" وطفلين آخرين يشجعانهما أو ينتظران دورهما في اللعب.