تشهد المنازل هذه الأيام، حالة تأهب قصوى، لتحضير الأبناء لامتحانات الفصل الأول في مختلف الأطوار التعليمية، أملا في تحصيل علامات جيدة، بعدما تحولت النقطة الضعيفة أو المتوسطة إلى هاجس تهابها الأمهات أكثر من الأبناء، وتكثف، في المقابل، المراكز والمدارس الخاصة من برامجها، لاستقبال أكبر عدد من الراغبين في الاستفادة من الدروس الخصوصية ودورات المراجعة، وبين هذا وذاك، يعيش التلميذ حالة ضغط وصراع نفسي لا ينتهي، إلا باجتياز آخر امتحان له. يبدو أن مرحلة اجتياز الامتحانات الفصلية، تحولت في السنوات الأخيرة، إلى هاجس حقيقي يعيشه الأولياء، وتحديدا الأمهات، قبل التلاميذ أنفسهم، فبعدما كانت حالة القلق تسطير على المقبلين على اجتياز شهادتي التعليم الابتدائي والمتوسط، انتقلت الحمى إلى كل الإطار التعليمي، بعد أن أصبحت العلامة الجيدة مطلبا أساسيا لكل الأمهات، وهو ما تبين ل«المساء"، في دردشتها مع عدد من أولياء التلاميذ، الذين أكدوا أن الحصول على علامة جيدة، يعتبر المقياس الوحيد لتفوق التلميذ، وعلى حد قول إحدى الأمهات، فإنها تتفرغ تماما خلال فترة الامتحانات، من أجل المراجعة لأبنائها الأربعة، مردفة بقولها: "بل أكثر من هذا، أرفض حتى استقبال الضيوف خلال هذه الفترة، حتى أوفر كل الظروف المناسبة، ليتمكن أبنائي من المراجعة، وحتى لا يكون لديهم أي مبرر في عدم تحصيل نتائج جيدة". بينما أكدت مواطنة أخرى، بأنها سعت قبل أسابيع، إلى تلخيص كل الدروس الخاصة بابنها الذي يدرس في السنة الرابعة ابتدائي، لتسهل المراجعة عليه. وحسبها، فإن طريقة التلخيص تجعل عملية المراجعة بسيطة، خاصة وأنها عاملة، بالتالي لا يمكنها الاطلاع والإلمام بكل الدروس وقت الاختبارات، معلقة بالقول: "إن تحصيل علامة جيدة مهم"، من أجل هذا، تجتهد حتى تسعد بنتائج ابنها. وإذا كانت الأمهات على درجة كبيرة من الاستعداد، حتى يحصل أبناءهن على علامات جيدة، فإن المدارس الخاصة والجمعيات والمعلمين، وحتى المتقاعدين منهم، والمتطوعين، تجندوا من أجل استقبال ما أمكنهم من التلاميذ والطلبة المقبلين على اجتياز مختلف الامتحانات، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار بعض المواد، خاصة لدى من ينظمون ما يسمى ب«دورات المراجعة"، حيث تتباين بين 1500 إلى 2000 دينار للحصة الواحدة، إلا أن ذلك لا يعتبر مشكلة، حسب بعض الأولياء، كون النتيجة المنتظرة تستحق إنفاق المال من أجلها. وعلى حد قول سيدة، ابنتها مقبلة على اجتياز شهادة التعليم المتوسط، فإن المراجعة بالنسبة لها، تتم تحت إشرافها وإشراف بعض الأساتذة من الذين ينظمون دورات شاملة للمراجعة. ووفق تصريحها، فإن الدروس الخصوصية مكلفة، غير أن فرحة تحصيل علامات جيدة لا تقاس بثمن. العلامة لا تعكس مستوى التلميذ قال المختص في علم النفس التربوي، أمين شعبان، في حديثه ل«المساء"، بأن ما حول الاختبارات إلى هاجس يعيشه الأولياء والتلاميذ في مختلف الأطوار التعليمية، بما في ذلك الطور الابتدائي، هو نظرة الأولياء إلى المدرسة، على أنها عبارة عن علامات، تمكن الأبناء من الارتقاء إلى المستويات العليا، غير أن افتقار الأمهات للمرافقة النفسية، جعلهم يؤثرون سلبا على أبنائهم؛ وحسبه، فان ذلك يؤثر سلبا على الأبناء، من خلال ممارسة بعض الضغوط خلال فترة الاختبارات فقط، من أجل حمل الابن على تحصيل علامة جيدة، الأمر الذي يولد لديهم حالة من الخوف من عدم القدرة على إرضاء الولي، وتحديدا الأم، مما يؤثر على تحصيله المدرسي ويجعله يعيش ضغطا كبيرا خلال فترة وجيزة، ويجعله كتحصيل حاصل، ينتقل من التركيز في الجانب المعرفي إلى البحث عن تحصيل العلامات الجيدة، التي في واقع الأمر، يؤكد المختص، أنها لا تعكس المستوى الحقيقي للتلميذ.