مايزال مشروع المحطة البرية متعددة الأنماط بمدينة سكيكدة الجاري إنجازها عند مدخل المدينة الشرقي بالمكان المسمى "محطة البراني"، يطرح أكثر من تساؤل في الشارع السكيكدي، عن مصير هذا المشروع المتوقّف، بعد أن استنزف الملايير من الخزانة العمومية، ليتحوّل بعد وصول نسبة أشغاله قبل توقفها إلى حدود 49 ٪، إلى نموذج حي من مشاريع سوء التقدير وتبذير المال العام. والسؤال المحيّر الذي ما انفكّ يطرحه سكان سكيكدة في كلّ مرة: مَن المسؤول عن هذا الوضع الغريب؟. تبقى علامة استفهام كبيرة تحوم حول هذا المشروع "الحلم"، خاصة أنّه استهلك أموالا ضخمة، مع العلم أن أشغال إنجازه انطلقت رسميا سنة 2008، والذي كان من المقرر تسليمه رسميا، سنة 2011. لكن تجري الرياح بما لا يشتهي المواطن السكيكدي. 18 سنة والحلم يراود سكان عاصمة 20 أوت 55، بأن يكون لهم محطة كبيرة حسب المواصفات العالمية، تكون حقيقة ومجازا بوابة لعاصمة التاريخ. مدةٌ راوح فيها المشروع مكانه؛ ما حوّله إلى مرتع للمنحرفين، مشوّها مدخل المدينة، التي م تزال تبحث عن ظلّها في بلدية تُعدّ من أغنى بلديات الوطن... والمؤلم أنّ هذا المشروع اللغز تعاقب عليه أكثر من 5 ولاة جمهورية، وأكثر من 5 وزراء. ورغم ما قيل حينها وما اتُّخذ من إجراءات، مايزال هذا الأخير مجرد ورشة متوقفة! فكل الذين تعاقبوا على تسيير الولاية بمن فيهم المنتخبون المحليون والنواب في الغرفتين، لم يتحركوا بما يجب؛ من أجل إعادة بعثه، بل هناك من طالب بإلغائه؛ بحجة أنّه أُنجز في موقع لا تتوفر فيه مداخل ومخارج الحافلات وسيارات الأجرة بالرغم حسب بعض المختصين من إمكانية إنجاز طرقات وأنفاق تسهّل الولوج إلى المحطة والخروج منها. ويبقى الإنجاز الوحيد الذي حقّقه هذا المشروع، أنّه حطّم رقما قياسيا في التأخر؛ على غرار مستشفى الحروق، الذي أصبح هو الآخر رغم الأرصدة المالية الضخمة التي رُصدت له، يواجه، تقريبا، نفس المصير بعد أكثر من 14 سنة من انطلاق أشغال إنجازه، ليبقى نحس تأخر المشاريع الإنمائية الكبرى، وعلى كثرتها، يطارد ولاية سكيكدة. للإشارة، سبق للأمين العام لوزارة النقل، جمال الدين عبد الغني دريدي، معاينة المشروع نهاية شهر جويلية الماضي. ووعد حينها بإيفاد لجنة تقنية من وزارة النقل؛ لمعاينته، وإنجاز تقرير مفصل عن وضعه، والحلول التي تمكّن من إعادة تحريك الورشة المتوقفة. وكانت الوالي السابق حورية مداحي، راسلت الوزارة المعنية؛ قصد إعطاء رأيها في المشروع، وربما تحويله إلى مرفق آخر غير محطة لنقل المسافرين، بينما يطالب كل سكان سكيكدة، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير قطاع النقل، بالتدخل العاجل لإزالة اللثام عن هذا المشروع؛ من خلال فتح تحقيق، وتحديد المسؤوليات؛ لأنّ، حسب المواطنين، من غير المعقول أن تُهدر الأموال العمومية في مشاريع تظل لأكثر من 15 سنة، دون أن ترى النور! للتذكير، تتربع المحطة البرية متعددة الخدمات والأنماط لمدينة سكيكدة، التي رُصد لها غلاف مالي إجمالي قُدر ب840 مليون د.ج، في إطار المخطط الخماسي 2010 2015، ليعاد سنة 2019، تقييم المشروع بحوالي 224 مليون دينار، على مساحة تقدّر ب 5 هكتارات، وتتّسع لأزيد من 800 مركبة من مختلف الأنواع، حسب مخططها. كما تضم إلى جانب محطة كبيرة لتوقف الحافلات، محطة لتوقف قطار السكك الحديدية الرابط بين ولاية سكيكدة وولاية قسنطينة، إضافة إلى موقف لسيارات الأجرة، ناهيك عن توفرها على مختلف المرافق الضرورية والعصرية التي تضمن راحة المسافر؛ من محلات تجارية وخدماتية، وبمواصفات عالمية، تليق بمقام عاصمة البتروكيمياء.