رغم أن زراعة الزيتون تجربة حديثة بتندوف، إلا أن بعض الفلاحين، اقتحموا هذا المجال بصبر وإرادة، في ظل قلة الإمكانيات وصعوبة المناخ، فحققوا نتائج مقبولة في هذا النشاط الحديث بهذه الولاية من الجنوب الكبير. انتقلت "المساء" إلى المحيط الفلاحي "حاسي عمار" للمستثمر ميلود قمومية؛ حيث اطلعت على التجربة الفتية التي قام بها في زراعة الزيتون على مساحة 1.5 هكتار، والذي صرح بأنه استقدم شتلة الزيتون من الشمال "العظمة"، ليغرسها في أرض تندوف المعطاءة، فغرس نحو 140 شجرة زيتون مثمرة. وأوضح الفلاح قمومية في هذا الصدد، أن تجربة زراعة الزيتون بالجنوب خاصة بتندوف، صعبة نتيجة المناخ والحرارة الشديدة، التي لم تجعل أشجار الزيتون تصمد وتنتج ثمارها، مشيرا إلى أنه بدأ نشاطه الفلاحي منذ سنة 2014 بإمكانياته الخاصة، ولم يتلقّ أي دعم، حسب ما يقول، سوى بعض العتاد كالأنابيب من مديرية الفلاحة في ظل توفر المياه المستعملة للري الفلاحي، والتي لم تعد عائقا أمام مواصلة زراعة هذا الصنف من الأشجار. وتعود أسباب هذا المردود "الضعيف" إلى عدة عوامل تقنية، وفي مقدمتها عدم استعمال مصدّات الرياح التي تظل ضرورية جدا بالنظر إلى تزامن مرحلة إزهار الأشجار مع فترة الرياح الموسمية، التي تتميز بها المنطقة التي تتسبب في قلع الأزهار، حسب تأكيد ميلود صاحب المزرعة التي تقع بمنطقة الريزو بحاسي عمار. غرس 200 هكتار بأشجار الزيتون يعطي نتائج جيدة وقد مكنت مختلف البرامج لقطاع الغابات، من زراعة مساحة تتربع على 200 هكتار بأشجار الزيتون، عبر كافة المحيطات الفلاحية المنتشرة بتراب الولاية، وكذا الأحزمة الخضراء، خاصة منها صنف "السيغواز". وفي هذا السياق، أكد السيد " س. عبد المؤمن"، رئيس مصلحة الثروات وحماية النباتات والحيوانات بمديرية الغابات بتندوف، أن هذه الأصناف المذكورة أعطت نتائج ملموسة في الميدان، من حيث غرس النبتة التي تم جلبها من الشمال، وهي تتلاءم مع طبيعة المنطقة المتسمة بالحرارة والزوابع الرملية. ولم يُخف المتحدث ما تتعرض له تلك المزروعات من الزيتون؛ إذ تبقى مهددة بالزوابع الرملية التي تؤدي إلى تساقط الأزهار، وبالتالي أصبح من الضروري حمايتها بمصدات الرياح والزوابع التي تعرفها المنطقة رغم تلك العوائق الطبيعية، إلا أن مديرية الغابات استطاعت خلال سنة 2024، غرس 80 هكتارا بالمحيطات الفلاحية، منها 10 هكتارات، فقط، بالأحزمة الخضراء، وكلها أعطت نتائج مقبولة ومرضية. قطاع الغابات يدعم 65 فلاحا كما يُعد النقص الكبير في منسوب المياه الجوفية، واحدا من العوامل الأساسية التي تعترض تطوير زراعة هذا الصنف من الأشجار، والتي تتطلب كميات سقي كبيرة بالرغم من تبنّي القطاع نظام السقي بالتقطير، الذي يرافق دائما عملية توزيع شتلات الزيتون عبر المحيطات الفلاحية، وهي العملية التي استفاد منها إلى حد الآن، ما يربو عن 65 شابا فلاحا. ويجري تجسيد العديد من البرامج التنموية في إطار تشجيع شعبة زراعة الزيتون بالولاية، خاصة الموجهة للتنمية الريفية، والتي تشرف عليها محافظة الغابات، ويراهَن عليها في إعطاء دفع "قوي" لقدرات إنتاج هذا الصنف النباتي، خاصة إذا ما تم رفع التجميد عن عدة عمليات متعلقة بوضع مصدّات الرياح، التي من شأنها حماية أشجار الزيتون، في مرحلة الإزهار خاصة . ومن أهم البرامج المشرفة على ترقية وتثمين زراعة الزيتون بالولاية، أشار نفس المتحدث إلى برنامج التنمية الريفية والبرنامج القطاعي للغابات. وقد جسدت مديرية الغابات العديد من العمليات لغرس الزيتون، بالتنسيق مع عدة قطاعات، بمشاركة وحدات الجيش الوطني الشعبي الحاضرة في كل المحطات. جهود لترقية زراعة أشجار الزيتون توجد مؤشرات "إيجابية" لتطوير شعبة زراعة الزيتون بتندوف، لا سيما بعدما تم الانتهاء من الدراسة الهيدروجيولوجية لمعرفة منسوب المياه بالولاية، والتي أشرفت عليها مصالح هذه الأخيرة، ومن شأنها تشجيع مثل هذه الشعب الفلاحية التي توفر مناصب شغل، وتشجع الثروة الفلاحية المحلية، وتدعم الاقتصاد الوطني. كما أصبحت عدة عوامل أخرى متوفرة بهذه الولاية، من شأنها إعطاء دعم لفرص ترقية شعبة الزيتون، ومنها حصول 4 تعاونيات فلاحية على الاعتماد، وتواجد 6 مجالس مهنية، و18 جمعية ذات طابع فلاحي. تجارب ناجحة رغم قساوة الطبيعة وتنشط على مستوى المحيطات الفلاحية بتندوف، عدة جمعيات، وفلاحون امتهنوا حرفة الزراعة بمختلف أنواعها، ومنها زراعة الزيتون، التي أصبحت منتشرة عبر مختلف المحيطات؛ كوادي الجز، ووادي أهمية، وقراير الحرث، وحاسي عمار، وحتى على مستوى مطار تندوف. وكشف السيد آزوا عبد الكريم، مدير المصالح الفلاحية بالولاية، أن قطاعه حقق بالتنسيق مع مصالح الغابات، بعض النتائج المحتشمة في زراعة الزيتون، التي تُعد نشاطا حديثا بالمنطقة، مشيرا إلى تخصيص حوالي 147 هكتار لزراعة الزيتون، منها 40 هكتارا منتجة. وحصر مدير الفلاحة أسباب تقلص إنتاج الزيتون محليا، في عدة عوامل؛ منها الزوابع الرملية الكثيفة التي تجتاح المنطقة وتؤثر على الشجرة، والثمار " الأزهار" التي تتساقط بسبب الرياح، موضحا أن المردود ضئيل جدا. كما يرى مسؤول القطاع، أن كل المشاريع بالولاية هي في طور الاستكشاف والدراسة. وقال المدير بأن أي تجربة في مجال زراعة أي شعبة، مرتبطة بطبيعة المناخ، وزراعة الزيتون. وتتطلب نوعا من الرطوبة؛ حتى تستطيع النمو والنجاح، مضيفا: " رغم صعوبة المناخ وقساوة الطبيعة، إلا أنّ هناك تجاربَ ناجحة في زراعة الزيتون، خاصة بالمحيطات الفلاحية؛ على غرار مزرعة "هشام بنان" و«عيساني"... وآخرين.