❊ فرنسا ترفض تحمّل مسؤوليتها لتنظيف الأماكن النّووية بالجزائر ❊ الجزائر في ترقب واتصالات مكثّفة مع المعنيين بالشأن السوري لتشريح الوضع ❊ آلية مؤسساتية جزائرية روسية لمناقشة ملفات الساحل أكد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، أمس، أن الجزائر ستباشر غدا رئاسة مجلس الأمن، حيث ستعمل خلال العام الثاني من عهدتها بهذا المحفل الدولي كعضو غير دائم، على تسليط الضوء على أبرز القضايا التي تشغل العالم العربي والقارة الإفريقية، مشيرا إلى أن التركيز سيكون على القضية الفلسطينية، فضلا عن القضايا العادلة الأخرى على غرار القضية الصحراوية. قال عطاف، في ندوة صحفية عقدها بمقر الوزارة، خصصت لعرض حصيلة النشاط الدبلوماسي للجزائر سنة 2024، والتي جاءت بتوجيه من رئيس الجمهورية، خلال خطابه الموجه للأمة أمام البرلمان بغرفتيه، إن اجتماعا وزاريا سيعقد بالمجلس لمناقشة آخر التطورات في فلسطين خاصة والشرق الأوسط عامة، ليليه اجتماع آخر حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا. وأوضح أن دليل الجزائر في مجلس الأمن هو تعليمات رئيس الجمهورية، التي تشكل خارطة طريق للجزائر عبر محاور رئيسية، مضيفا أنه يحسب لها أنها تقدمت بالعديد من مشاريع القرارات والبيانات للمجلس قصد كبح جماح العدوان الصهيوني على غزّة، في حين أشار إلى أن الجزائر أعادت طرح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في منظمة الأممالمتحدة على أسسه الحقّة. وفي سياق عرضه للمهام التي أوكلها له رئيس الجمهورية، للدفع بالدبلوماسية الجزائرية، تطرق عطاف، إلى أن هذه المهمة ذات أبعاد ثلاثية أولها العلاقات الثنائية مع الدول الإفريقية من خلال الزيارات التي قام بها إلى عدد من هذه الدول، حيث عبّر في لقاءاته مع المسؤولين عن إرادة الرئيس تبون، في توطيد العلاقات وتفعيل التعاون معها، ويتمثل البعد الثاني في حشد الدعم لمرشحة الجزائر لتولي منصب نائب مفوضية الاتحاد الإفريقي، في حين يتعلق البعد الثالث بضرورة تكثيف الجهود الإفريقية للتكفّل تكفلا جديا بملفات حسّاسة، على غرار تعزيز تموقع القارة في المنظمات الدولية مثلما تم مع مجموعة ال20. وكانت الندوة الصحفية مناسبة لتسليط الضوء على واقع علاقات الجزائر مع بعض الدول على غرار فرنسا والحملات الإعلامية التي تستهدف بلادنا، حيث أوضح عطاف، أن ما جاء على لسان رئيس الجمهورية كاف، وأن هذا الرد جاء في مستوى التحدي الذي تريد بعض الأطراف الفرنسية فرضه على الجزائر، مضيفا أن هذه المحاولات ليست الأولى من نوعها وكسابقاتها سيكون مآلها الفشل لأن "صمودنا أقوى بكثير من أصوات المعارضة". وبخصوص ما إذا كانت فرنسا قد عرضت على الجزائر تقديم تعويضات نظير الجرائم التي اقترفتها خلال الفترة الاستعمارية، نفى الوزير، ذلك متسائلا ما إذا كانت حقا قادرة على تعويض أكثر من 5 ملايين شهيد رغم أن قيمتهم لا تضاهيها قيمة مالية، مشيرا إلى أنها ترفض إلى غاية الساعة تحمّل مسؤوليتها لتنظيف الأماكن النّووية، وأوضح أنه خلال شهر فيفري القادم، سيتم طرح ملف تجريم الاستعمار على مستوى الاتحاد الإفريقي، من خلال وصف الاستعمار بأوصافه كالعنصرية والإبادة والجريمة. وحول كيفية تعامل الجزائر مع الواقع الجديد في سوريا، قال الوزير، إنه من السابق لأوانه الجزم بأي تحليل أو تنبؤ لتطورات الأوضاع في هذا البلد، وأن الجميع في حالة ترقب، مبرزا أن الجزائر بدورها في اتصالات مكثّفة مع المعنيين بالشأن السوري كالأشقاء العرب والأصدقاء الأوروبيين لتشريح الوضع. وقال عطاف، إن الأهم هو بناء إجماع دولي حول ما يمكن القيام به لمساعدة كل السوريين للمشاركة في إخراج بلدهم من محنته، مشيرا إلى أن أفضل خيار يمكن العمل على ضوئه هو الأممالمتحدة، كما أوضح أن عدم قيامه بزيارة إلى دمشق في الظرف الحالي لا يعني أن الجزائر لا تتابع الأوضاع، بل إنها تعتبر هذا الملف من أهم الملفات التي ستطرح على مستوى اجتماع مجلس وزراء العرب. وبخصوص الوضع في الساحل والتدخل الروسي في المنطقة، أشار إلى أن الجزائر تشتغل من منطلق المهنية وليس العواطف، مع وضع مصلحتها فوق كل اعتبار وبالاعتماد على مبدأ التقييم ثم المعالجة، كاشفا في هذا الصدد عن استحداث آلية بين البلدين ذات طابع مؤسساتي تجتمع كل ثلاثة أشهر، أثبتت بعد 4 لقاءات نجاعتها من خلال إحراز تقدم في العديد من الملفات المتعلقة بالمنطقة، وذلك بالاستعانة بتجربة الجزائر التي قادت عمليات وساطة عديدة في المنطقة، فضلا عن إقناع الطرف الروسي بأن الحل العسكري غير مجد وأبرز مثال على ذلك ما حدث في مالي. وأضاف في هذا الصدد بخصوص مالي قائلا: "كجزائريين لا نسمح ولا نقبل بأن تحول الحركات السياسية كانت أطراف موقّعة على اتفاق الجزائر إلى عصابات إرهابية". وبخصوص قضية الصحراء الغربية قال عطاف، إن موقف الجزائر يستمد قوته وصوابه من ثوابت تاريخية لا تقبل التدليس لأنها قضية تصفية استعمار لم يكتمل مسارها، مضيفا أن الشعب الصحراوي سيّد حقه غير القابل للتصرّف، والاحتلال المغربي دخيل مكتمل الأركان ولا يمكن شرعنة قبوله كأمر محتوم، مشيرا إلى أن أي "صيغة للحل في قضية الصحراء الغربية تتنافى مع تصفية الاستعمار هي خرافة على شاكلة الحكم الذاتي". أما فيما يتعلق بمراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أوضح وزير الدولة، أن هذا الأخير يتعامل وكأن الاقتصاد الجزائري توقف في سنة 2005، وأن كل ما جاء بعد هذا التاريخ هو إخلال بالاتفاق، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي يرفض تقبّل فكرة أن الجزائر أضحت اليوم من كبار المصدّرين بفضل التطور الصناعي الذي تشهده.