❊ مسار تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية لم يكتمل وأرضها غير قابلة للتصرّف ❊ زيارة مستفزة تعكس صورة مقيتة لتحالفات القوى الاستعمارية ❊ خطورة الأمر تستدعي الشجب والإدانة على أكثر من صعيد أكدت الجزائر، أمس، أن زيارة الوزير الفرنسي إلى الصحراء الغربية "استخفاف سافر بالشرعية الدولية" من قبل عضو دائم في مجلس الأمن الأممي، مشيرة إلى خطورة الأمر الذي يفرض ضرورة الشجب والإدانة على أكثر من صعيد. أوضح بيان وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أن "الزيارة تدفع نحو ترسيخ الأمر الواقع المغربي في الصحراء الغربية، أرض لم يكتمل مسار تصفية الاستعمار بها وأرض لم يحظ شعبها بعد بممارسة حقّه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره". وأضاف البيان أن "الزيارة المستفزة تعكس صورة مقيتة للتضامن والتعاضد بين القوى الاستعمارية، قديمها وحديثها وقيامها بذلك الحكومة الفرنسية تستبعد نفسها وتنأى بها بصورة واضحة وفاضحة عن جهود الأممالمتحدة الرامية إلى التعجيل بتسوية نزاع الصحراء الغربية على أساس الاحترام الصارم والصادق للشرعية الدولية". وتأتي زيارة الوزير الفرنسي، إلى الأراضي المحتلة، لتؤكد مرة أخرى انحراف باريس عن المبادئ الأممية التي صادقت على مواثيقها من أجل الانضمام إلى الهيئة الدولية، حتى فيما يتعلق بالتعاطي مع الملفات الحسّاسة أبرزها قضية تصفية استعمار الصحراء الغربية منذ سنة 1966، فضلا عن التأكيد على هذا المبدأ في اتفاقات وقف إطلاق النار لسنة 1991 وإنشاء بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو). والواقع أن موقف باريس لم يتجاوز فقط الإطار الأممي، بل إن التاريخ يؤكد أنها كانت دائما الداعم الرئيسي للرباط على الساحة الدولية وأن مساندتها لما يسمى ب"مخطط الحكم الذاتي" كان حقيقة واقعة، خاصة وأنها كانت من أولى الدول التي وطئت أقدامها الأراضي الصحراوية بعد هجوم المخزن على الإقليم في المسيرة "السوداء"، علاوة على تمويلها مشاريع اقتصادية في الأراضي المحتلة. ورغم أن الدعم الفرنسي أخذ شكلا مؤسّساتيا، إلا أنه لابد من التذكير بدور باريس في إمداد المخزن بالسلاح خلال الحرب الأولى في الصحراء الغربية خلال الفترة الممتدة من 1975 إلى 1991، كما تدخلت عسكريا لإنقاذه بعد أن مني بخسائر كبيرة أمام المقاومة الصحراوية الشرسة. وإذا كان الاعتراف المزعوم لفرنسا بمغربية الصحراء لم يغير أي شيء من الوضع القانوني للملف المدرج أمميا ضمن قضايا تصفية الاستعمار، إلا أن ذلك يطرح الكثير من التساؤلات بخصوص مصداقية باريس التي تبيّن أنها وفية لعقيدتها الاستعمارية والتي بسببها فقدت نفوذها في القارة الإفريقية التي لم تعد تتقبل الأساليب الاستعلائية لمستعمر الأمس. ففي الوقت الذي تركّز فيه الجهود الدولية على حلحلة النزاع الصحراوي المغربي، نجد فرنسا تساهم في تعقيد الأمور، خاصة ما تعلق بتفويض بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، موازاة مع استمرار الحرب الدائرة منذ نوفمبر 2020 إثر خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار. كما وجدت فرنسا في نظام المخزن والكيان الصهيوني الذي تتقاسم معهما الفكر الاستعماري، مرتعا خصبا لمحاولة التغلغل في الدول الإفريقية التي أدارت لها ظهرها، في ظل تسابق عديد القوى الأجنبية لتكريس نفوذها في القارة السمراء، بعد أن توقفت عقارب ساعة باريس عند سنوات ماضيها الاستعماري القديم.كما أن تعدى باريس على الشرعية الدولية لم يعد يقتصر على الجانب الاقتصادي بمخالفتها لقرارات محكمة العدل الأوروبية التي ألغت كل الاتفاقات الاقتصادية مع المغرب في الأراضي المحتلة، بل طال الجانب السياسي في سياق "جبر خاطر" المخزن الذي مازال يعيش على وقع صدمة خسارته لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي أمام الجزائر.