تعرف "شارابات القارص"، كما يحب أن يسميها البليديون، إقبالا واسعا خلال شهر رمضان؛ إذ تُعد واحدة من أكثر المشروبات التي تشتهر بها الولاية، خاصة ببلدية بوفاريك. ورغم أنها تباع على مدار السنة بالنظر إلى شعبيتها الكبيرة، إلا أن الإقبال عليها يزيد كثيرا خلال شهر رمضان، خاصة من سكان الولايات المجاورة من الباحثين عن "بنّة" فواكه المتيجة المنعشة. "الشاربات" هي كلمة تركية الأصل، تدل على كل مشروب حلو المذاق. وهي مشتقة من الفعل العربي شرب. لكن في الجزائر تدل على مشروب محلي، مكونه الأساس عصير الليمون. وقد اشتهرت به مدن متيجة وخاصة البليدة. والشاربات البليدية من تقاليد المنطقة؛ حيث كان يسميها الأجداد قديما، "شربات القارص". تحضَّر، حسبما كشف عنه بعض المختصين في تحضيرها من سكان ولاية البليدة وتحديدا مدينة العفرون"، بمواد طبيعية وصحية، ممثلة في عصير الليمون، والماء، وماء الزهر، والسكر، وعيدان القرفة والياسمين. وحسبهم، فإن "واحدا من أسباب امتهانها في الولاية وشعبيتها الكبيرة، توفر مكوناتها الأساسية بالمنطقة؛ حيث كانت كل منازل البليدة تحوي شجر الليمون. وكانت مياه سيدي الكبير العذبة، تجري عبر شوارع وأزقة أحياء البليدة، عبر سلسلة من القنوات والأعين. كما كانت النسوة يهتممن بتقطير الزهر في البيت، للحصول على ماء الزهر الأصيل. وكن في الماضي يضعن الشاربات في الأواني الفخارية أو في "القصديرة"، التي تحافظ على ذوق الشربات، و برودتها. وحسب المهتمة بالتراث وحيدة بن يوسف، فإن شاربات البليدية تقدم في العديد من المناسبات؛ ما يعكس أهميتها، حيث نجد شاربات الخطبة، والشاربات التي تقدَّم للطفل عند صيامه لأول مرة، والتي تُصنع دون ليمون؛ بالماء والسكر وماء الزهر والقرفة، وشاربات مائدة رمضان التي لا يستغني عنها الصائم، مشيرة إلى أن "الكثير من عائلات المنطقة لايزالون يحافظون على هذا التراث الجميل، ومنهم من يذهب إلى الينابيع الجبلية، للتزود من المياه الصافية والباردة، لصنع الشاربات بعين المكان، وفق طقوس الأجداد في تحضير شاربات القارص المنعشة". من جهة أخرى، أعربت المتحدثة عن أسفها لدخول بعض المتطفلين على صناعة الشاربات التي أفقدتها شيئا من عراقتها بعدما أصبحت تحضَّر بماء زهر كيميائي عديم الطعم، وبحمض الليمون الكيميائي، وبالسكر المستورَد مجهول المصدر، وتوضع في أكياس بلاستيكية لساعات تحت أشعة الشمس! وأكثر من هذا، أصبح يضاف إليها بعض الملونات، التي جعلتها تبتعد عن أصالتها، حيث "يُفترض أنها تتميز بلونين؛ الأبيض أو الأصفر".