حذر ونشطاء وحقوقيون مغاربة من خطورة تمدد الاختراق الصهيوني و انعكاساته المدمرة على المملكة لما يشكله من تهديد لأمنها و نسيجها الاجتماعي, منتقدين استمرار الحكومة المخزنية في مسار التطبيع مع كيان مجرم. و أكد المشاركون في ندوة نظمتها "الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع" - بمناسبة تخليد الذكرى ال49 ليوم الأرض الفلسطيني - أن التطبيع "يتجاوز كونه اتفاقات سياسية إلى مشروع يهدف إلى إعادة تشكيل الوعي المجتمعي لقبول الصهاينة كجزء طبيعي من النسيج المغربي", مشددين على "ضرورة مقاومته على كافة الأصعدة". وعن مدى خطورة التطبيع, قال سيون أسيدون - أحد مؤسسي حركة مقاطعة الكيان الصهيوني وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "بي دي اس" - أن التطبيع لا يقتصر على كونه اتفاقات سياسية بل هو قبول ب"السردية" الصهيونية التي "تدعي حق اليهود في فلسطين", لافتا إلى أن "التطبيع لم يبدأ باتفاقيات رسمية, بل بدأ منذ عام 1961 حين تم تسهيل استقدام المستوطنين إلى فلسطين ومن بينهم وافدون من المغرب". أما اقتصاديا, فأشار المتحدث إلى أن العديد من الشركات الصهيونية دخلت السوق المغربية مبكرا تحت غطاء جنسيات أخرى, واستدل في هذا الإطار, بدخول شركة الشحن البحري الصهيونية "زيم" إلى المغرب في ثمانينيات القرن الماضي, مبرزا أن اتفاقية التطبيع الأخيرة لعام 2020 فتحت الباب أمام استغلال موارد البلاد. وقال سيون أسيدون - و هو أيضا نائب المنسق الوطني ل"الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع", أن المغرب دخل "مرحلة حماية جديدة بالهرولة نحو التطبيع", محذرا من أن "حصر النقاش في التطبيع قد يغفل قضايا أعمق مثل التعاون العسكري مع كيان فاشي". كما اعتبر أن المطالبة بقانون يجرم التطبيع "مغالطة كبيرة", لأن "السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية كلها تقبل به, بينما التجريم الحقيقي يأتي من لدن الشعب الذي يرفض التطبيع بأشكاله المختلفة". من جانبه, اعتبر الناشط السياسي, عضو الأمانة الوطنية ل"الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع", محمد الوافي, أن "التطبيع السياسي يمثل العمود الفقري لباقي أشكال التطبيع في المغرب, إذ يشمل مختلف المجالات ويتجاوز الطابع الاقتصادي والثقافي ليصل إلى بنية النظام ذاته", منبها إلى خطورة هذا المسار على تماسك البلاد, من خلال اختراقه للنسيج الاجتماعي", ودعا القوى الحية في المغرب إلى لعب دور "حاسم في مواجهة التطبيع باعتباره قضية سياسية وليس مجرد مطلب". أما معاذ الجحري, عضو اللجنة المركزية لحزب "النهج الديمقراطي", فانتقد التطبيع في المجال التربوي الذي يستخدم قنوات مثل المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام والمجتمع المدني لنشر السردية الصهيونية بهدف السطو على الذاكرة الجماعية للشعوب وطمسها, و بالتالي تحويل ما حدث من احتلال وعدوان إلى أمر طبيعي ومقبول. وفي مداخلته, استعرض سعيد مولاي التاج, عضو المكتب المركزي ل"الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة" مراحل التطبيع في المغرب و الذي بدأ - كما قال - "رسميا وسريا ثم أصبح تطبيعا نخبويا غير معلن, وبعدها صار علنيا بين النخب", مشيرا إلى أن هناك توجها وتحركا إلى جعله شعبيا عبر نشر ثقافة القبول والتعايش".